مخاوف من تفجيرات وإحاطة وطنية جنّبت طرابلس فتنة جديدة

كتبت “النهار” تقول : ترافقاً مع العاصفة التي ضربت لبنان بالثلوج والصقيع، هبت رياح الشمال الحزينة أول من أمس مجدداً على طرابلس التي لم تصمد هدنتها ثلاثة أشهر منذ تنفيذ الخطة الامنية في تشرين الاول الماضي، وأوقع التفجيران اللذان نفذهما انتحاريان في جبل محسن 11 قتيلاً ونحو 50 جريحا، مخلفا أضراراً مادية، وأكثر منها معنوية أعادت القلق الى طرابلس ومحيطها، وشغلت السلطة السياسية والقوى الامنية التي تخوفت من عودة برنامج التفجيرات المتنقلة في اكثر من منطقة.

وفي المعلومات الأمنية أن الانتحاريين من منطقة المنكوبين المجاورة، وقد تواريا منذ أكثر من ثلاثة أشهر، لكنهما ترددا على مقهى أبو عمران المستهدف في الأيام الاخيرة التي سبقت التفجير، علماً ان هناك مذكرات توقيف في حقهما في عمليات اعتداء على الجيش. وقد نفذا عمليتهما بالتدرج، ففجّر الاول نفسه داخل المقهى بفارق دقائق عن التفجير الثاني الذي نفذه الآخر خارجاً عندما همّت الجموع بالانصراف. ويحقّق الجيش وشعبة المعلومات مع عدد من المشتبه في علاقتهم بالانتحارييّن، كما تجري مراجعة داتا الاتصالات. وأشارت معلومات الى وجود لائحة بعشرات الاسماء من المنطقة توجهوا في الفترة الأخيرة الى سوريا والعراق لتلقي التدريب والمشاركة في عمليات ارهابية.

وأبلغ وزير العدل أشرف ريفي “النهار”، أن الاجتماع الأمني الذي رأسه رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أمس كان لمواكبة “جريمة بهذه الاهمية”. وقال إنه بصفته وزيراً للعدل أعطى تعليماته للمعنيين في الوزارة لتحضير اقتراح لرفعه الى مجلس الوزراء بإحالة الجريمة على المجلس العدلي في أسرع وقت ممكن أسوة بالجرائم المماثلة. وتوقّع إنجاز هذه المهمة خلال أيام. ورداً على ما تردّد من أن بين ضحايا التفجير الانتحاري متهماً بتفجير مسجديّ السلام والتقوى في طرابلس، نفى ذلك قائلاً: “أبلغني القضاة ان شهداء التفجير معروفون بالأسماء كما ان الأطباء الشرعيين يعملون على إجراء فحوص الـ DNA لكل الجثث والاشلاء وفي معلوماتنا ان لا صحة لهذه التكهنات”. ووصف ما جرى بأنه “جريمة إرهابية بامتياز وعلينا أن نجنّب لبنان الاضطرابات التي تشهدها المنطقة. وقد أراد المجرمون المخططون أن تكون الجريمة مدخلاً الى فتنة مذهبية في لبنان، لكن أهالي طرابلس وبخاصة أبناء جبل محسن وباب التبانة وذوي الانتحاريين حولوها فرصة للوحدة الوطنية فكان موقفهم مشرّفاً ووطنياً بإمتياز”. وأوضح أنه مع زميله وزير الداخلية نهاد المشنوق في القول إن المسؤولية عن الجريمة تقع على تنظيم “داعش”.

وقد أشاد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره بموقف ابناء جبل محسن “الذي يستحق التوقف والتحية وارتقى الى مستوى الشهداء الذين سقطوا. وبفضل هذا الموقف الوطني الكبير وردة فعل الرئيس سعد الحريري وفاعليات طرابلس يمكننا القول اننا ربحنا 9 شهداء وخسر الارهابيون قتيلين. ولم يكن هدف المنفذين ايقاع هذا العدد من الشهداء بل زرع فتنة في طرابلس تؤدي الى اسقاط عدد أكبر من الشهداء، لكن وعي اهالي جبل محسن والطرابلسيين عموما اجهض هذا المخطط. وجاء الاحتضان الوطني لجبل محسن من ثمار الحوار”. وتساءل: “ماذا كان سيحصل لو حصل التفجير الاخير في طرابلس ولم يكن الحوار قد اخذ طريقه”؟

النفايات
والموضوع الأمني الذي سيحضر على طاولة مجلس الوزراء اليوم، لن يحجب الطبق الرئيسي وهو ملف النفايات الذي توقعت مصادر وزارية لـ”النهار” ان يحسم اليوم باتفاق الاطراف عليه مع تمديد تقني لمطمر الناعمة أشهراً اضافية اخيرة، كما أكد وزير البيئة محمد المشنوق لـ”النهار” اذ اوضح ان “ما سنتداوله ليس بندا محدّدا بل مجموعة التعديلات على القرار 46 الذي يحدّد الخطة الوطنية للنفايات وكيفيّة الإنطلاق بالمناقصات”. ولفت إلى أن “الموضوع الخلافي الأساسي يكمن في تحديد مواقع المطامر”.

ولدى الاستفسار عمّا يشاع عن التمديد لـ”سوكلين”، وعن الشركة التي ستتولى نقل النفايات مع التمديد التقني لمطمر الناعمة، خصوصاً أن عقد “سوكلين” ينتهي أيضاً في 17/1/2015، أجاب: “قد يتمّ التمديد لسوكلين بحكم أننا في حاجة إلى من يقوم بجمع النفايات”. وأضاف: “لا يمكننا إلا أن نمدّد إلى حين سير المناقصات إذ لا يمكننا أن نحرم المواطن النظافة”. وذكر أن ثلاثة عقود تنتهي في 17/1/2015 “العقد الخاص بمطمر الناعمة، والعقد الخاص بسوكلين التي تقوم بمهمّة الكنس واللم في 296 بلدة في جبل لبنان بالإضافة إلى بيروت وتنقلها إلى برج حمّود حيث تقوم “سوكومي” بموجب عقد ثالث بمعالجة النفايات ونقلها إلى مطمر الناعمة. وسوف يطبق التمديد التقني على هذه العقود الثلاثة لأنها تشكّل عناصر مترابطة ضمن آلية العمل”. وفي ما يخص رفض أهالي الناعمة التمديد قال: “نطلب منهم التفهّم وليتركوا الحل يأخذ مجراه، صحيح أن مطمر الناعمة سيصبح من الماضي، ولكن ثمّة إجراءات مفروضة علينا سنصل مع انتهائها إلى إقفال المطمر”.

الكتائب
وعلمت “النهار”، ان اتصالاً جرى ليل أمس بين الرئيس أمين الحميّل والرئيس سلام عقب التصريح الذي أدلى به رئيس حزب الكتائب وأشاد فيه برئيس مجلس الوزراء، بعدما كان الاخير الغى موعداً للنائب سامي الجميل السبت. وفي موازاة ذلك، أجرى الوزيران سجعان قزي ورمزي جريج اتصالات مع وزير البيئة محمد المشنوق وسط معطيات تفيد ان الامور تتجه نحو الحلحلة. وأبلغ الوزير قزي “النهار” أن قسماً كبيراً مما طلبه حزب الكتائب أخذ به، وابرزه ان تبقى الدولة المرجع الذي يحدد المطامر من خلال وزارة البيئة ومجلس الوزراء و”الصيغة التي تظهر ذلك متوافرة في اللغة العربية التي لن تكون بخيلة في هذا المضمار”.

مواقف
وفي الملف أيضاً، قال الرئيس بري: “وفق معلوماتي ان الجلسة تتجه نحو حسم هذا الملف بالتوافق أذا امكن أو التصويت. ونحن مع الرئيس تمام سلام. واذا كان هناك من يعترض فليتحفظ اذا تعذر التوافق. ملف النفايات لا يحتاج الى مماطلة، والا ستجتاح روائحها البلد بعد أسبوع. وعلى مجلس الوزراء تحمل مسؤولياته. هل يجوز ان تصبح النفايات جزءا من التوازنات الطائفية اللبنانية؟ هذا مقرف”.
من جهة أخرى، توقع الوزير ريفي أن ينجز مجلس الوزراء اليوم ملف النفايات واعتبر الامر”مسؤولية وطنية لا تقل أهمية عن مواجهة جرائم الانتحاريين”.

الحوار
وفي برنامج الحوارات، قال الرئيس بري إن الجلسة الثالثة من الحوار بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” ستلتئم هذا الاسبوع ويحدّد الطرفان أي بند سيناقشانه”، وان الجلسة الثانية “كانت منتجة على صعيد تنفيذ الخطة الامنية في كل المناطق وسرايا المقاومة والمطلوبين وتمّ الانتهاء من هذه النقاط”.

في الجهة المقابلة، يزور اليوم رئيس جهاز التواصل في “القوات اللبنانية” ملحم رياشي الرابية حيث يلتقي العماد ميشال عون والنائب ابرهيم كنعان، لعرض نتائج اجتماع معراب الذي استمر أكثر من ساعتين السبت الماضي. وفي معلومات لـ”النهار” ان الجهد ينصب على التوصل الى ورقة مشتركة، وقد تبودلتا اوراق عمل في ملفات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والاصلاح واللاجئين والحضور المسيحي في الدولة.

مشاركة باريس
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان الرئيس سلام كان عازما على المشاركة في تظاهرة باريس أمس، لكنه عدل عن ذلك بعد العملية الانتحارية في طرابلس وذلك لمتابعة التطورات على هذا الصعيد، ولإبلاغه مشاركة رئيس وزراء اسرائيل في التظاهرة، فكان القرار بتكليف وزير الخارجية جبران باسيل تمثيل لبنان.

السابق
أفضل 5 مواقع إجتماعية.. الفايسبوك ليس من بينها
التالي
لبنان يتوحَّد ضد الإرهاب وملامح حلّ للنفايات اليوم