هل انتهت شعارات الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب؟

يحتفل المسلمون والعالم الإسلامي في هذه الأيام (12-17 ربيع الأول) بذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية، ونظراً لوجود عدة روايات حول تحديد يوم ولادة الرسول محمد(ص) ما بين 12 و17 ربيع الأول، فقد اختار الإمام الخميني(قدس) هذه الفترة كي تكون أسبوعاً للوحدة الإسلامية، وقد أيده في هذه الدعوة معظم العلماء المسلمين والحركات الإسلامية والهيئات العلمائية.

كما نشأت عدة أطر وتجمعات تحت عنوان الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية وللتعاون بين العلماء المسلمين، وأقيمت مئات المؤتمرات والمهرجانات تحت عنوان الوحدة الإسلامية، مع العلم أن العمل للتقريب بين المذاهب الإسلامية قد بدأ منذ الربع الأول من القرن العشرين من خلال إقامة مؤتمرات ومؤسسات خاصة بالتقريب بين المذاهب الإسلامية في فلسطين ومصر وعواصم عربية وإسلامية أخرى وصدرت مجلة “رسالة الإسلام” لتكون رسالة الوحدة الإسلامية، وقد أصدر شيخ الأزهر الشيخ الدكتور محمود شلتوت فتواه الشهيرة باعتبار المذهب الجعفري أحد المذاهب الإسلامية التي يمكن الرجوع إليها إضافة لبقية المذاهب الإسلامية.

وبعد إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي نشطت هذه المنظمة للعمل للتقارب بين المسلمين وأنشأت قسماً خاصاً للوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب الإسلامية. كما نشأ في أوائل القرن الواحد والعشرين الاتحاد العالمي للقاء بين المسلمين وكان سابقاً نشأ في لبنان تجمع العلماء المسلمين وفي لندن نشأ منتدى الوحدة الاسلامية.

لكن بعد عشرات السنوات من العمل للوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب الإسلامية، ها نحن اليوم نعيش أسوأ العلاقات بين أتباع المذاهب الإسلامية وصلت إلى حد القتل والذبح وعمليات التفجير وإصدار فتاوى التكفير.

كما أن مؤسسات دينية هامة في العالم الإسلامي عمدت خلال السنة الماضية إلى إعادة نشر كتب قديمة تهاجم أتباع بعض المذاهب الإسلامية، وتراجع عدد من العلماء عن دعوتهم للوحدة الإسلامية والتقارب وعمدوا إلى إبعاد قيادات علمائية من مذاهب أخرى عن مؤسساتهم الوحدوية.

ورغم صدور مواقف وفتاوى من عدد من المراجع الدينية الشيعية تحرِّم سب الصحابة وشتم نساء النبي(ص) وتدعو للتقارب بين المسلمين، فإنه لا يزال هناك من يتهم الشيعة بهذه التهم.

كما أن صدور موقف مهم من رئيس مجلس تشخيص المصلحة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الشيخ علي أكبر هاشمي رفسنجاني يعتبر فيه أن نشوء التطرف عند بعض المسلمين السنة قد يكون بسبب وجود التطرف والمغالاة عند بعض المسلمين الشيعة لم يحظ بالاهتمام المطلوب ولم يلق ردوداً إيجابية مهمة.

ولا نزال نشهد حتى اليوم مواقف ومخاوف من انتشار التشيع والمد الشيعي وتصدر دعوات تحذر من المسلمين الشيعة ونشاطهم وتحركاتهم.

كل ذلك يجعلنا نعتقد أن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية لم تحقق أهدافها، إن لم نقل أنها انتهت. وأن الشعار الذي ينبغي رفعه أو الدفاع عنه في هذه المرحلة هو “الدعوة إلى التعايش بين أتباع المذاهب، وأن يكون من حق كل إنسان أن يتبع المذهب الذي يريده، كما هو الحال بين أتباع المذاهب داخل أهل السنة والجماعة، وأن لا يتم تكفير أتباع المذاهب أو إصدار الفتاوى بقتلهم وذبحهم”.

نحن بحاجة اليوم إلى رفع شعار “الحق بالحياة” رغم اختلاف المذاهب والعقائد”.. وأن شعار القبول بالآخر بين المسلمين أصبح يتقدم على شعار القبول بالآخرين بين المسلمين والمسيحيين أو بين المسلمين والعلمانيين أو أتباع المذاهب الوضعية.

قد يعتبر البعض هذا الاستنتاج قاسياً أو متسرعاً أو غير دقيق، لكن من يراقب ما يجري في الواقع الإسلامي لا يستغرب هذه النتيجة. وهذا الموضوع مطروح للنقاش والحوار بين دعاة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية وبين كل الهيئات والاتحادات والتجمعات العلمائية والدينية.

وندعو الله عز وجل أن لا تكون هذه النتيجة صحيحة وأن يظل العمل للوحدة الإسلامية والتقارب بين المذاهب الإسلامية ناشطاً.

 

السابق
ما سرّ سائق الدبابة الذي يظهر خلال زيارات الأسد؟
التالي
البحرين: قمع متظاهرين على خلفية اعتقال سلمان