الشركات الأميركية تستعد للدخول إلى السوق الكوبية الجديدة

بعد سويعات من الخطوة التاريخية التي سيتخذها الرئيس أوباما باستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع كوبا، تضع الشركات الأميركية بالفعل استراتيجيات تستهدف طرح منتجاتها وخدماتها في سوق لم تكن في وضعها الأفضل منذ 50 عاما، إن لم يكن على الإطلاق.

قال كين غولدن، المتحدث باسم شركة «دير أند كومباني»، الرائدة في صناعة معدات البناء والمزارع التي يقع مقرها في ولاية إلينوي، في رسالة عن طريق البريد الإلكتروني: «كوبا سوق محتملة لمنتجات وخدمات جون دير».
ولكن رغم وجود فرص قوية لبعض الشركات، خصوصا تلك التي تبيع منتجات أو سلعا ينظر إليها باعتبارها تساعد على تحسين الإنتاج المحلي الكوبي أو تساعد على تطوير الموارد غير المستغلة في البلاد، ربما لا تجد شركات أخرى سوقا رائجة لمنتجاتها.
من جانبه، قال كيربي جونز، مؤسس شركة «آلامار أند أسوشيتس»، التي تقدم استشارات للشركات بشأن القيام بأعمال تجارية في كوبا منذ عام 1974: «بالنسبة لشركة مثل (ماكدونالدز)، ستطرح الحكومة الكوبية هذا السؤال: كيف يؤدي دخول (ماكدونالدز) إلى السوق وبيع الهامبرغر إلى مساعدة الاقتصاد الكوبي؟ لن يكون الوضع شبيها في المناطق الأخرى حيث يمكنك أن تجد محل (ماكدونالدز) في كل زاوية».
ورغم حالة الركود والعزلة الطويلة التي تعرضت لها كوبا وانعزالها عن الاقتصاد العالمي، فإن الفرص التجارية المحتملة تسير في كلا الاتجاهين. وفي حين يتحين بعض الأميركيين فرصة الحصول على السيجار الكوبي الشهير بسهولة أكبر، يوجد بهذه الدولة أيضا صناعة تكنولوجيا حيوية قوية على نحو يدعو للدهشة لدرجة وجود عدد من اللقاحات غير المتوفرة حاليا في الولايات المتحدة، كما أن التعدين يعتبر مجالا هاما آخر للاقتصاد، حيث يوجد في كوبا واحد من أكبر مستودعات النيكل في العالم.
وبينما تحرص الشركات الأميركية على الحضور في البلاد، يتوقع الكثير من رجال الأعمال والزعماء السابقين في كوبا في صناعات مشروبات الروم أو السكر أن يتقدموا المسيرة.
«إن الشعب الكوبي يفتخر ويعتز بتاريخه، وسيسعى المغتربون وأولئك الذين ما زالوا يعيشون في كوبا إلى العودة إلى الساحة الدولية على أفضل وجه ممكن»، بحسب ريتشارد هاريس، نائب رئيس العمليات وتطوير المنتجات في شركة السياحة الفاخرة «إبركرومبى أند كينت»، التي قامت بترتيب رحلات إلى دول البحر الكاريبي. وأضاف ريتشارد قائلا: «نأت شركة (باكاردي) بنفسها عن كوبا، ولكنني على يقين من أن أحدهم يفكر في كيفية إعادة ربط العلامة التجارية بتراثها».
ويسمح قانون إصلاح العقوبات التجارية وتعزيز التصدير لعام 2000 ببيع المنتجين الأميركيين لمنتجات زراعية غير مصنعة ومواد خام من الغابات إلى كوبا، ولكن مع وجود قيود صارمة. وينبغي الدفع نقدا ومقدما للمنتجين، ويتم تحويل الأموال اللازمة من خلال بنك آخر في دولة أخرى، تكون عادة في أوروبا.
وكثيرا ما تواجه الشركات الأميركية صعوبة في المنافسة. وكانت أعمال شركتي «تايسون فودز» و«بيلغريمز برايد» رائجة في مجال بيع الدجاج المجمد، ولكن انخفضت مبيعات الحبوب التي كانت تقوم بها شركتا «كارغيل» و«ارتشر دانيلز ميدلاند» بشكل حادّ خلال السنوات الأخيرة، وذلك لطرح موردين من دول أخرى، مثل البرازيل، منتجات بسعر أرخص أو سماحها بشراء بضائعها بالدين.
وقال ديفري بوغنر فورويرك، نائب رئيس شؤون الشركات في شركة «كارغيل»: «هذه خطوة أولى رائعة، ولكننا نرغب في أن ينتهي هذا الحظر. ينبغي على الكونغرس العمل على رفع الحظر بشكل كلي».
بموجب التغييرات التي سيتم إدخالها على مجال الخدمات المصرفية والتجارية، من المتوقع أن تفتح الحكومة الكوبية ذراعيها للترحيب بشركات أميركية مثل «هوم ديبوت» و«كاتربيلر» و«دير»، لأنه سينظر إليها على أنها ستوفر مواد أو سلعا أو خدمات تدعم القطاع المحلي في كوبا.
ولكن ما زالت هناك علامات استفهام أكبر حول الشركات الموجهة لبيع السلع الاستهلاكية – سواء كانت تلك السلع رقائق ذرة من شركة «فريتو لي» أو أجهزة آي باد من شركة «آبل» – إلى الكوبيين، وأغلبهم من محدودي الدخل. ويرى محللون ومستشارون أنه من الصعب على الشركات الأميركية التي لها سلاسل تجارية، ومنها أكبر سلاسل المطاعم في العالم مثل «ماكدونالدز» أو «سابواي» أو «دانكن دونتس»، أن تنشئ مقرات لها هناك. وبدلا من ذلك، قد تنشئ فرصة أكبر أمام الكثير من الشركات التي تركز على المستهلك من البيع للأعداد المتزايدة من الأميركيين الذين يتوقع أن يزوروا كوبا إذا تم رفع القيود المفروضة على السفر بشكل كامل. ويرى محللون أنه في حالة حدوث ذلك، فقد يرتفع العدد السنوي للزائرين إلى البلاد من 3 ملايين إلى 4 ملايين. وسيسعى الزائرون الأميركيون للحصول على وسائل الراحة من خلال التعامل مع علامات تجارية معروفة مثل «كوكاكولا» و«بيبسي» و«باد لايت».
وتقوم شركات الضيافة والفنادق الأميركية، التي ظلت مستبعدة لعقود من الزمن، بشكل سريع بتقييم الفرص المتاحة لها في كوبا، ولكن يحذر محللون من احتمال مواجهتها لبعض العوائق الصعبة.
رغم أن الحكومة الكوبية قد ترحب بعلامة تجارية راقية تسعى لإنشاء منتجع فاخر – من أجل جذب العملاء ذوي معدلات الإنفاق المرتفعة – قد تواصل مسارها الحالي الخاص بتقديم عقود إدارة فقط لكثير من أصحاب الفنادق الأخرى، فالحكومة في هافانا تفضل امتلاك المباني والأرض. وهذا هو الترتيب الذي قامت به سلسلة الفنادق الإسبانية «ميليا هوتلز إنترناشونال» بالنسبة إلى عقاراتها في هافانا، حسبما أفاد خبيران استشاريان. ومع ذلك، أشار مديرون تنفيذيون لفنادق أميركية أنهم لم يفقدوا حماسهم.
قال آرني سورنسون، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة «ماريوت إنترناشيونال»، عن طريق البريد الإلكتروني: «سنحصل على التوجيهات من الحكومة الأميركية، ولكننا نتطلع إلى افتتاح فنادق في كوبا، مثلما فعلت شركات من دول أخرى بالفعل».

السابق
بالصور: ما رأيكم بالنجمات بثياب سانتا كلوز؟
التالي
ماليزيا: إجلاء نحو 100 ألف شخص جراء أسوا فيضانات منذ عقود