«الصحّة» تطبّب الفنانين مجاناً ولو متأخرة

«قرار تاريخي». بهذه العبارة، يصف نقيب الممثلين اللبنانيين جان قسيس، قرار وزير الصحّة وائل أبو فاعور الصادر أمس، والقاضي بتحمّل الوزارة كامل الفاتورة الاستشفائيّة المترتّبة على الفنانين اللبنانيين الذين يحملون بطاقة انتساب إلى إحدى النقابات الفنية الثماني. أعلن أبو فاعور ذلك في مؤتمر صحافي عقده في مقرّ «نقابة الصحافة» (بيروت)، بحضور وزير الثقافة روني عريجي.

يشمل القرار المنتسبين إلى نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون، ونقابة الموسيقيين المحترفين، ونقابة الفنيين السينمائيين، ونقابة شعراء الزجل، ونقابة الفنانين التشكيليين، ونقابة محترفي الفنون التخطيطية والرسوم البصرية، ونقابة الفنانين المحترفين، ونقابة ممثلي المسرح والسينما في الشمال. ويُلزم القرار كل المستشفيات الحكومية والخاصة الموقعة عقوداً مع وزارة الصحة، بتأمين استشفاء مجّاني كامل، لحاملي بطاقة انتساب للنقابات المذكورة.
وقال أبو فاعور خلال المؤتمر الصحافي: «دَينٌ علينا كدولة أن نؤمِّن للفنّانين أدنى مقومات الرعاية، وهذا دين على الوطن لمبدعيه». وأضاف أنّه لا يدَّعي القيام بإنجاز، فالقرار الذي أخذه هو خطوة أولى على الطريق الصحيح والقويم. وأشار إلى أنّ القرار لن يكلّف الدولة الكثير مادياً، إنما قيمته في جانبه المعنوي. وشدّد على عدم «جواز وقوف أي فنان لبناني على باب أحد السياسيين أو أصحاب النفوذ للحصول على واسطة تؤمِّن له الرعاية الصحية الكاملة». واصفاً قراره بأنّه: «قبلة اعتذار من إهمال المبدعين».
من جهته، لفت الوزير عريجي إلى أنّ صندوق تعاضد الفنانين هو الحلّ الأمثل لكلّ المشاكل التي يعاني منها الفنانون في لبنان، إلّا أنّ العمل به لم يبدأ بعد. وقال إنَّ «العمل جار على المراسيم اللازمة لتأمين تغذية الصندوق بالأموال اللازمة».
يقول جان قسيس لـ«السفير» إنّ قانون تنظيم المهن الفنيّة الصادر في العام 2008، شمل إنشاء صندوق تعاضد موحّد لجميع الفنّانين، وتشكّلت هيئة لبدء العمل على ذلك الصندوق، مؤلّفة من ثمانية مندوبين، عن النقابات كافة. ويلفت قسيس إلى أنّ تقديمات الصندوق تشمل الطبابة، والاستشفاء، ومنح التعليم، والزفاف، والولادة، والوفاة، إلى جانب راتب تقاعدي.
ولكن من أين يتمّ تمويل ذلك الصندوق، ولماذا تأخّر تفعليه لأكثر من خمس سنوات؟ يشرح قسيس إنّ تمويله يقوم على بعض الهبات، وتقديمات وزارة الثقافة، إلى جانب رسم 10 في المئة على عقود الفنانين الأجانب الذين يحيون حفلات في لبنان، ورسم 2 في المئة على حفلات الفنانين اللبنانيين. «لم تتمّ جباية تلك الرسوم، إذ اعترضت هيئات المهرجانات، بحجّة أنّ تلك الضريبة تسبّب خسارة لها، علماً أنّ هناك الكثيرين ممن يحتالون على القانون، ويحيون حفلات في لبنان، تحت تأشيرة سفر سياحيّة». ويقول نقيب الممثلين إنّ هناك حالات إنسانيّة لبعض الفنانين، ممن لا يحتاجون إلى طبابة فقط، بل إلى أبسط مقوّمات عيشهم. «هناك قصص تصل إلى الإعلام وينشغل بها، وقصص تبقى طيّ الكتمان ويسكت عنها، وهناك فنانون يموتون بصمت، من دون أن يعلم بأمرهم أحد»، بحسب قسيس.
حين أقرّ قانون تنظيم المهن الفنيّة، احتفى به الفنانون، لكنّهم ما زالوا ينتظرون تفعيل خدمات صندوق التعاضد. تلك الخطوة تأخّرت كثيراً، ولو تمّت في موعدها، ربما لكانت قد أغنت اليوم عن مبادرة الوزير أبو فاعور، بقرار وزاري، ربّما يبطل مفعوله مع تبدّل العهود الوزاريّة. فلماذا يوصف بالتاريخي؟ يلفت قسيس في هذا السياق إلى أنّ أيّ وزير صحّة، في المستقبل، لن يجرأ على إلغاء مفاعيل ومكتسبات هذا القرار، لما سيخلّفه ذلك من غضب شعبي وإعلامي.
وبانتظار تفعيل صندوق التعاضد، والتزام المستشفيات بقرار الوزير، فإنّنا على الأقلّ لن نشهد فنّانين يعانون لتلقّي العناية الطبيّة اللازمة. ذلك ما احتفل به روّاد مواقع التواصل، والفنانون، أمس. في حين لمّح بعض المغرّدين على «تويتر» إلى أنّ اعتذار الدولة من الفنانين، جاء متأخّراً، مذكّرين بفنانين كبار فارقونا نتيجة الإهمال، في مقدّمهم أماليا أبي صالح، وعلياء نمري، وزياد مكوك، وغيرهم.

السابق
«العميل الاسرائيلي» كان مسؤول أمن نصرالله.. فلماذا لم يقتله؟‎
التالي
أنجيلينا جولي تتوقف قريباً عن التمثيل