أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عددا من الاشارات باتجاه تيار المستقبل. اولها ان “معركتنا هي مع التكفيريين الذين يريدون سحق الجميع ومع إسرائيل، وليست مع الطائفة السنية”. وان الصراع هو “صراع محورين إقليميَّين وليس صراعا بين السنة والشيعة”. وابرز ما يهمنا كلبنانيين هو فتح باب الحوار مع تيار المستقبل، كرد على مبادرة سعد الحريري في خطابه الاعتدالي الاخير ورفضه لموقف القوى التكفيرية في طرابلس ودعمه للجيش. وقد قال نصرالله بالحرف: “يجب أن نسجل بأن الدور الأبرز في هذا الموقف هو لتيار المستقبل. قد نختلف في كثير من المواقف وفي كثير من التحليلات والتقييمات، وأحيانا قد نصل إلى مرحلة العداء، لكن أخلاقنا تقول إنه عندما يكون هناك موقف صحيح وشريف، يجب أن نشكره ونقدره بمعزل عن كل الخلافات بيننا”. وأضاف: “خلال الأسابيع الماضية، قامت جهات حليفة وجهات صديقة بالتحدث معنا، وقالوا: أما آن الأوان لحوار بين المستقبل وحزب الله؟، وقلنا أن لا مانع لدينا. وأعلن من هذا الموقع، إننا مستعدون لهذا الحوار وجاهزون له، وهذا الموضوع قيد المتابعة”.
من هنا فإنّ هذه الأجواء يمكن ان تشكل مقدّمة لحوار في شأن مكافحة الإرهاب وإعادة ترميم السلطة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
عضو حركة التجدد الديموقراطي الدكتور انطوان حداد اعتبر في حديث لـ”جنوبية” أنّ ما قاله نصر الله “تعبير عن مصلحة مشتركة بفتح صفحة جديدة، وهذا مؤشر جيد وان كان غير كاف لانه يجب ان نرى المدى الذي قد تصل اليه هذه الاستجابة. والسؤال هو هل هذا من اجل تحصين الاجواء كما اثناء تشكيل الحكومة وتم على اساسها تنظيم الخلاف؟ اذا كان كذلك نقول ان هذا التنظيم غير كاف وبحاجة للعمل، وهذا ما يجب ان نتأكد منه في الاشهر القادمة، خصوصا اذا كان بسبب ما حصل مؤخرا في سوريا. وسببه احراز نجاحات حققتها المعارضة السورية عبر خلق توازن امني وسياسي في القلمون بمعزل عن هويات المعارضة. والتطور الآخر هو ان قوى المعارضة السورية اصبحت قادرة على شن هجمات. ومع ذلك نؤكد اننا لا نتحمل ان تحصل معارك في الجرود، فكم بالحريّ ان تحصل في قرى حدودية لبنانية سكنية. ربما يكون هذا التطور الامني احد الاسباب الموجبة لتوسعة التفاهم، وقد يحصل نوع من التهدئة درءا للحرب في القلمون والهرمل، وفك الاشتباك”.
ويرى حداد انّ “هدف حزب الله استراتيجي – أمني، اما هاجس سعد الحريري فسياسي- استراتيجي. وكما يعاني حزب الله من الانغلاق، نجد ان تيار المستقبل يعاني من الاختراق وان كان محدودا حتى اللحظة، وهذا لا يطال المستقبل وحده، لذا قد تكون الهواجس مشتركة”. أما تسمية نصر الله للجنرال ميشال عون كمرشح رئاسي فيعتبره حداد “تصعيدا للوصول الى تسوية، مقابل مرشح 14 آذار سمير جعجع، تمهيدا للتنافس او البحث عن مرشح ثالث. وانا اميل الى التفسير الثاني مع تحفظ كبير. وستكشف الايام مدى القدرة على الرهان”.
أما المحلل السياسي القريب من “حزب الله” غسان جواد فقال لـ”جنوبية” إنّ “كلام سماحة السيد يأتي في سياق تجاوب مع مبادرات محلية من حلفاء واصدقاء كما ذكر في بداية الحوار والجلوس مع المستقبل. مع العلم ان بيان الحريري قال صراحة انه يرغب بالحوار حول رئاسة الجمهورية ولهذا جاء الرد من حزب الله في اللقاء في منصف الطريق، وهذا من شأنه ان يسرّع في الحل داخليا”.
وعما إن كنا مقبلين على تطور جديد فيما يخص الوضع الداخلي، قال غسان جواد: “ليس للامر ابعادا اقليمية، لان الاشتباك الاقليمي لا زال في أوجه، ولكن هذا لا يمنع ان يتم حوار داخلي لان حكومة الرئيس تمام سلام سارت في ظل الاشتباك الايراني – السعودي، خصوصا ان ثمة قرار اقليمي بتحييد لبنان لما له من علاقة بتحييد الطرفين لان السعودية لا تريد تفجير الساحة بسبب الاوضاع في سوريا وايران ايضا. هذا التقاطع يمكن ان ينتج تسويات سياسية موضوعية ومعها تهيئة الاجواء للانتخابات الرئاسية”.
ويختتم غسان جواد بالقول إنّ “معلومات خاصة توفرت لديّ بأن وليد جنبلاط سيبدأ منذ الغد بجولة خارجية للبحث في ملف رئاسة الجمهورية بعدما انتهينا من عملية التمديد، وسيكون الوسيط الذي يبذل جهوده لجمع الاطراف لما يتمتع به من حيوية نلمسها من خلال تحركات الوزير وائل ابو فاعور على الارض.. وسنلمس نتائج هذه التحركات قريبا”.
