نصرالله: صالح «المستقبل» وسمّى «عون» للرئاسة

نصر الله
جنوبية حضرت احياء ليلة العاشر من محرم في قاعة سيد الشهداء وشهدت خطاب السيد حسن نصرالله الذي حضر شخصيا هذه المرّة وكان خطابه واضحا وتصالحيا ، فقد برز الوضوح من خلال تسمية حليفه العماد ميشال عون صراحة مرشحا وحيدا له لرئاسة الجمهورية، وبرزت المصالحة في دعوته لتيار المستقبل للحوار والتلاقي.

الدخول الى قاعة سيد الشهداء في الرويس حيث يحييي حزب الله الاحتفال المركزي لمناسبة عاشوراء، مرحّب به لمن يريد من الانصار و من سائر المواطنين، طالما ان لا مانع لدى الراغب للمشارك القادم سيرا على قدميه من الخضوع لتفتيش شخصي مشدّد على ثلاث مراحل يقوم به أمنيون من الحزب بسرعة واحتراف، الأولى قبل الوصول الى مبنى القاعة بـ”50″ متر تقريبا، والثانية عند مدخل القاعة الخارجي، والثالثة عند المدخل الداخلي.

اجراءات لا بد منها يخضع لها الآلاف من المشاة المتوجهين نحو القاعة بلباسهم الأسود رجالا ونساء، وذلك بعد سلسلة التفجيرات المشهودة التي شهدتها الضاحية الجنوبية تنفيذا لتهديدات تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الارهابيين وأوقعت العشرات من الشهداء والجرحى الأبرياء.

انها الليلة الأخيرة، العاشر من محرم، يدخل الجميع الى داخل القاعة الفسيحة المنارة والمبردة جيد، والمزدانة بشعارات عاشوراء وبأعلام الحزب، يجلس الجميع أرضا على في صفوف متراصة، وينتظرون طلّة “السيد”، وقد صدق حدسهم، فأطلّ “السيّد” شخصيا هذه المرّة، هبّ الشباب واقفين يهتفون بحماس، اما بالنسبة لمن كان يجلس في الصفوف الخلفية فان هذا الظهور الشخصي لم يفدهم، بسبب بعد المسافة وعدم وضوح الرؤية، فكان التعويض بمشاهدة الشاشة الكبيرة التي وضعت بمكان عال تحلقت حولها العيون بانتظار رؤية القائد وسماع رأيه في المستجدات السياسية والأمنية التي يمر بها الوطن وتحفل بها المنطقة.

كان خطاب “السيد” هذه المرّة مفاجئا: واضحا وتصالحيا. فلم يستخدم كلمات وعبارات من شأنها بعث الحماسة في صفوف انصاره، إذ برز الوضوح من خلال تسمية حليفه العماد ميشال عون صراحة مرشحا وحيدا له لرئاسة الجمهورية، وهو لم يكتف بتلك بالعبارة المشهورة التي قالها قبلا “تعرفون اسمه جيدا”، بل ذكره وسماه بوضوح، وكان قد شرح وحلل ببراعة الخيارات المتاحة بالنسبة لاستحقاق الانتخابات النيابية، وهي ثلاثة: اجراء الانتخابات، التمديد، أو الفراغ.

وللمراقب ان يلحظ بسهولة ان هذا الشرح من قبل “السيد” الذي بيّن خطورة الوقوع بالفراغ النيابي بعد الرئاسي،موجه بالدرجة الأولى لحليفه المسيحي الطامح لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون، وهو الذي ما زال مصرا على مقاطعة الحضور للمجس النيابي هو وكتلته النيابية في حال التوجّه نحو التمديد له، وافصح السيد نصرالله في خطبته تلك ان هذا الخيار أي خيار التمديد للمجلس هو الذي يرغب به تيار “المستقبل” لأسباب خاصة به كما أعلن، وبذلك يكون قد ربط ضمنا بين دعمه العلني للعماد ميشال عون من اجل الوصول الى رئاسة الجمهورية وتخلي الاخير عن معارضته للتمديد لمجلس النواب، وذلك كمقايضة سياسية لا بدّ منها يمكن ان تقنع تيار المستقبل بتغيير رأيه والسير بترشيح الجنرال للرئاسة.

أما روح المصالحة في خطاب السيد نصرالله فقد برزت من خلال مدحه وثنائه على خصمه السياسي تيار المستقبل الذي لولاه لما مرّت الاحداث بطرابلس وانتهت بسلام، مقدرا حجم الكلفة التي تحملها في الوقوف ضد التكفيريين ومشروعه الذي كاد ان يودي بالبلاد الى ما لا تحمد عقباه في حال نجاحه، كما اعلن عن استعداده الى اللقاء والحوار مع “المستقبل”.

لقد شكلت هذه المبادرة ليلة العاشر من محرم أمس وقبل مسيرة عاشوراء اليوم مفاجأة ايجابية سارة بعكس المناسبة الشيعية الأليمة، ويمكن ان تشكل بداية انفراج للأزمة السياسية الداخلية التي يمر بها لبنان منذ سنوات، فلا شك بإرادة أمين عام حزب الله وبمصلحته ان يتم التلاقي على قاعدة مجابهة الارهاب التكفيري ومصالحة الاعتدال السني المجسّد بتيّار المستقبل بعد طول مخاصمة وعداوة، أخطأ الحزب بالسير بها سابقا، فقوّى التطرّف، وأورث انقساما في البلد أضرّ بالنفوس وجعل الاحقاد الطائفية تبرز والعصبيات تستيقظ من سباتها.

تفرض الاجراءات الأمنية نفسها أيضا بعد حلّ المجلس العاشورائي والخروج من قاعة سيد الشهداء، “القمصان السود” هذه المرة وجودها حميد لغاية حماية الجموع الغفيرة وتسهيل خروجها بسلام، على أمل ان تنقضي أيام عاشوراء بخير وسلامة وتكون مناسبة شهادة الامام الحسين، بداية قيامة وطننا وعودة السلام الى ربوعه.

السابق
“رويترز”: جماعة “أنصار بيت المقدس” في مصر تبايع الدولة الإسلامية
التالي
الشهال نفى أن يكون دعا إلى محاربة الجيش والصدام معه