إيران لحزب الله: أنت صخرتي وعليها سأبني أمبراطوريتي

حزب الله
نموذج الحزب ما عادت تستسيغه الشعوب المطالبة بالحق والثائرة على السلطة الزائفة والحكام الفاسدة، كما وأن السابقين قبل اللاحقين لم تجذبهم ثورة العام 1979 في إيران، خصوصاً أنّها حكمت زماناً فتسلطت وتدكترت ومن ثم تمذهبت. وعليه فالتجربة المتمثلة بنشاط الحزب التابع لها ستشكل عبءًا ثقيلاً إذا لم يتم تدارك الصدع.

تحاول إيران إصلاح ما أفسده حزبها في لبنان وتهدد باسترداد القيادة منه في حال بقي الوضع على ما هو عليه، فالواقع القائم يشي بتردّ واضح على الجبهة الشمالية ويبشر بضمور الحماسة كما يفضح عجزاً في السيطرة على الجبهة الجنوبية أو بشكل أوضح سوءًا في إستخدامها، عدا عن التمادي في الفوضى وتفشي الفلتان داخل البيئة، والترهل في القيادة وسقوط هيبة التنظيم.
تلك الأمور وغيرها تسببت بالقلق للإدارة الإيرانية، بعد تلقيها مزيد من التقارير الموثقة من دبلوماسيتها في الدول المعنية، تحذرها من اعتماد الحالة اللبنانية (أي نسخة حزب الله إذا صح التعبير) وتصديرها إلى المنظمات أو التنظيمات الخاضعة لنفوذها أو إلى أماكن تسعى إلى إخضاعها، لأنها ستجلب لها (على حد تعبير أحد قادتها و مشخّصي ثورتها) المزيد من الإرباك والكثير من الفوضى في مرحلة أقل ما يقال فيها إنّها تاريخية، تُرسَم فيها خارطة المنطقة وحدودها وهي فرصة لن تتكرر، أقله في القريب العاجل، إلا إذا حصل تبدل في قيادة العالم “بمعجزة” أو تخلفت تلك القائمة “تخيلاً” عن القيام بدورها .
لقد استدعى الأمر على ما يبدو تحركاً لقيادة الثورة، المتخمة بالعمر والخبرة وتراكم السنين والمدعمة بهيبة مستقاة من سطوة الدين، لفعل ما يمكن فعله وتدارك ما أمكن وإلا فعصابة طارئة قادرة بضعفها أن تتغلب على منظمة منظمة قهرت أقوى الجيوش وأعتاها بل وفرضت عليه حينها تسوية بادر هو (أي العدو) إلى المطالبة بها بعدما عجز عن صده أو القضاء على مقاومته ، لكن مع إدراك حسي فائق هذه المرة من أن التحديات القائمة اليوم يلزمها بحث آخر والحديث عنها مختلف.
نموذج الحزب ما عادت تستسيغه الشعوب المطالبة بالحق والثائرة على السلطة الزائفة والحكام الفاسدة، كما وأن السابقين قبل اللاحقين لم تجذبهم ثورة العام 1979 في إيران، خصوصاً أنّها حكمت زماناً فتسلطت وتدكترت ومن ثم تمذهبت وعليه فالتجربة المتمثلة بنشاط الحزب التابع لها ستشكل عبءًا ثقيلاً إذا لم يتم تدارك الصدع والوهن الذي أصابه والتراخي المستشري فيه جراء تملك الدنيا ومتاعها بقيادته وقاعدته وكذا الشهوة على مشاعرهم وسلطان المال على عقولهم فترسخت فكرة أن الهدف من الدخول إليه تعني اصطلاحاً الولوج في عالم من اللذات فسيح.
لقد قالها السيد حسن نصر الله استباقاً، وأنا على يقين، بالسر أو أمام الملأ والملايين، أنّ عفن الملذات و دناءة الشهوات غزت جسم الحزب الذي كلفت نشأته مالاً وجهداً وجهاداً ودماً كثيراً. لقد حذّر مراراً منها فهي ستنخره كما السوس في الخشب الشديد.
زيارة نصر الله إلى البقاع (إن حصلت) أصدق أنباءً من الكتب، ففي كلامه دعوة إلى ترك الساكن الراكد المصطنع في الجنوب والذي أملته على ما يبدو الحاجة وتقاطع المصالح والمستمر باستمرارها، مطالباً من خلال تواضعه بالتعفّف والترفّع عن الملذات والإقلاع عن ملء البطون (ولو مؤقتاً بانتظار النصر المبين) والتوجه إلى المعركة الأم أو أم المعارك كما اصطلح على تسميتها بينهم، إلى معركة الحقّ حيث سيلتقي الجمع هناك في كنف المسجد الأموي في محاولة منه لإلباس المعركة لباس القداسة وبُعدها الإيماني تماماً كما سابقاً حين كانت القبلة وأرض الميعاد: فلسطين, فالأرض التي يتحدث عنها اليوم هي أرض الظهور والمعركة بقيادة منتظر معصوم والمقاتلون هم الفئة الناجية وسيفوزون وستزهق الفئة الضالة المضللة القائمة على الباطل لتتبعها حرب على المغضوب عليهم اليهود وحلفائهم الروم الضالين تلاحقهم حتّى بلاد الغرب ومعهم باسم الله ستنتصر على أمريكا الشيطان الأكبر الرجيم .
مهمة صعبة وشاقة لن يستطيع معها صبراً إلا من ثبت إيمانه وأطاع أمر قادته وسار وراء مجدّد عصره وإلا فالحل بولادة جديدة ينتقل إليها السر ّعلى أمل أن يكتب لها النصر وتنتصر .

السابق
في رثاء اليسار: من تحت الدلفة لتحت المزراب
التالي
بزي: آن الاوان لنتصدى بدمنا لتدمير المنطقة وأجزم اننا سنكون اسياد الحق