غياب الدولة يؤثر سلبياً على العلاقة اللبنانية الفلسطينية

هجرة فلسطينيين خلسة من لبنان
ينفرد موقع "جنوبية" وبالتعاون مع مركز "تطوير" للدراسات بنشر تقرير لوفيق هوّاري حول التأثير السلبي لغياب الدولة على العلاقات اللبنانية والفلسطينية، وفيه مقابلات مع عضو المجلس الثوري لحركة فتح فتحي ابو العردات، مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة، مسؤول حركة الجهاد الاسلامي أبو عماد الرفاعي، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السابق خلدون الشريف، العلامة الراحل السيد هاني فحص و مسؤول الملف الفلسطيني في حزب القوات اللبنانية المحامي فادي ظريفة.

في 7 كانون الثاني 2008، وفي احتفال بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، أطلق ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي وثيقة “إعلان فلسطين في لبنان”، متضمنةً الخطوط الأساسية للسياسة الفلسطينية في لبنان، على قاعدة العلاقة بين شرعيَّتين: الدولة اللبنانية السيدة المستقلَّة، ومنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وفي الشتات.

تتباين وجهات النظر حيال العلاقة اللبنانية الفلسطينية، ويبدو أن الأحداث التي مرت بلبنان لم تستطع أن تبدل كثيراً من وجهات النظر لمختلف الأطراف اللبنانية والفلسطينية. ويقول أمين سر حركة فتح وفصائل م.ت.ف. في لبنان – عضو المجلس الثوري لحركة فتح فتحي ابو العردات: “اليوم تقوم العلاقة على مستويين: مستوى السفارة الفلسطينية ومستوى الفصائل، وقد نجحنا في حل عدد من القضايا العالقة مثل اوضاع فاقدي الاوراق الثبوتية، اعادة تسجيل نحو 27 الف فلسطيني غادر الى اوروبا.كما تعاونا في مجال المطلوبين الموجودين في المخيمات.  وبادر لبنان الى تشكيل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي كانت تنسق مع السفارة والفصائل. لكن ذلك لم يتطور بسبب ازمة القتال في مخيم نهر البارد عام 2007 مما دفع الى تأجيل الكثير من القضايا. كذلك ساهم تبديل الحكومات اللبنانية في تأخير الحوار بين الطرفين. نحن نلتزم الحوار طريقاً للوصول الى المطالب، ونتابع الوضع مع رئيس الحكومة ولجنة الحوار. واذا تابعنا بشكل جدي يمكن ان ننجز أشياء كثيرة بالتفاهم مع الدولة اللبنانية”.

أما مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة فيوضح قائلاً: “السياسة الجديدة أن لا نكون طرفاً في أي نزاع داخلي لبناني، بل نساعد على المصالحة الداخلية اذا استطعنا، لأن وحدة لبنان واستقراره هي قوة لنا. ونحن في حركة حماس ننتهج سياسة المحافظة على أمن المخيمات وجوارها، كما نسعى للحصول على الحقوق الانسانية والاجتماعية. ما نطلبه للمستقبل هو: استراتيجية مشتركة، طاولة حوار رسمي فلسطيني لبناني تحت عنوان دعم حق العودة ورفض التوطين، اقرار الحقوق الانسانية والاجتماعية، بناء أفضل العلاقات بين الشعبين، حوار بنّاء ايجابي يفتح الباب لمعالجة كل جوانب الوضع الفلسطيني. أي يجب فتح كل الملفات لنصل إلى اتفاق ورؤية مشتركة تحفظ سيادة لبنان وتوفر العيش الكريم للاجئ الفلسطيني، ونعمل من أجل حق العودة إلى ديارنا الأصلية”.

ويرى مسؤول حركة الجهاد الاسلامي أبو عماد الرفاعي: “حالياً، لا يزال التنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني الاجتماعية والإنسانية والمدنية مستمراً، بسبب استمرار الخلافات اللبنانية الداخلية حول منهجية وآليات التعاطي مع الوجود الفلسطيني في لبنان. ولا يزال شعبنا محروماً من ممارسة حقوقه في العمل والضمان والتملك والبناء وغيرها من القضايا. ورغم كل الجهود التي بذلتها الفصائل والقوى الفلسطينية من أجل تفعيل الحوار مع الحكومة اللبنانية، إلا أن الخلافات المذهبية والطائفية الحادة في لبنان، جعلت من الملف الفلسطيني مادة تجاذب واختلاف حاد بين مختلف الأفرقاء السياسيين، الأمر الذي يحول دون إمكانية الشروع في حوار جدي وفاعل، وهذا يدل على عدم وجود قرار سياسي لبناني لتفعيل الحوار أو لحل المشاكل. إن مستقبل العلاقة مع الحكومة اللبنانية مرهون بقدرة الأطراف اللبنانية على توحيد موقفها تجاه الوجود الفلسطيني في لبنان، ومرتبط بفتح حوار سياسي جدي يعالج كافة القضايا العالقة والمزمنة على قاعدة الحقوق والواجبات.  كذلك هي مرتبطة بفتح المجال أمام الشعب الفلسطيني من أجل العمل على العودة الى أرضه، ودعم موقفه الرافض للتوطين، عملياً، من خلال إقرار حقوقه كافة، وإزالة الحصار المفروض على المخيمات، وتسهيل حرية الحركة والتنقل والعمل”.

 

أما لبنانياً فإن رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السابق خلدون الشريف يعتقد: “ان العلاقات اللبنانية الفلسطينية حالياً مقبولة الى حد بعيد على الصعيد السياسيي العام، اي ما بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية وحماس ايضاً. وخصوصاً ان لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي تعترف بوجود سفارة لدولة فلسطين. والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية المختلفة تتم وكأنها جسم سياسي واحد وتجتمع مع الجميع عبر وفد فلسطيني موحد. أما على صعيد العلاقة مستقبلاً فإننا ننطلق من ايماننا بحق العودة الى ديارهم، ومن ان قضية فلسطين هي قضية العرب المركزية ونرى أن المسؤولية عن اللاجئين هي مسؤولية مشتركة لبنانية، عربية ودولية، وأن على المغتصب الذي هجر أهل فلسطين أن يتحمل مسؤولية عمله. لذلك نسعى ونضع نصب أعيننا وبكل امكانياتنا الى دعم حق عودتهم ومنع توطينهم على أرض لبنان، ونرى أن العلاقة  مستقبلاً يجب أن تكون بهذا الاتجاه”.

وورأى العلامة الراحل السيد هاني فحص أن “علاقتنا مع الفلسطينيين مستمرة، لم تنقطع، لنا شروط كثيرة على القوى الفلسطينية بعضها تحقق وبعضها الآخر لم يتحقق، لكنها ليست شروطاً على القضية وعلى الشعب. وإننا وأبناء جيلي مستمرون معهم على الحلو وعلى المر وهذا من آثار الاندماج النسبي الذي أتيح لنا”.

وسضيف: “أكبر خدمة يمكن للبنان أن يقدمها للقضية الفلسطينية هي أن يبني دولته الوفاقية القائمة على التعدد والحرية والقانون، وأن يعاود النهوض بكل أبنائه ولأجلهم جميعاً، وأن يكف الجميع عن تفصيل ملابس نضالية للشعب الفلسطيني. هو أدرى وأقدر على خياراته، واستقلاليته شرط أساسي لنجاحه”.

أما النائب هاني قبيسي عن حركة أمل/مسؤول إقليم الجنوب فيقول: “مرت العلاقة اللبنانية الفلسطينية بمراحل مختلفة تراوحت بين علاقة جيدة عند النزوح وأخرى سلبية بسبب تداعيات الأحداث في لبنان. هذه المراحل جعلت من العلاقة مع لبنان رسمياً خاضعة لكثير من الاعتبارات التي طبعت الصراع العربي- الاسرائيلي، وكانت ترتقي أحياناً وتضعف أحياناً أخرى. حتى كان الاجتياح عام 1982 فاختلطت كل الأوراق، مع العلم أن غالبية الشعب اللبناني عمل من أجل القضية الفلسطينية وسعى إلى أفضل العلاقات مع الشعب الفلسطيني وآزره في معاناته بعد التهجير. حالياً العلاقة جيدة على الصعيد الرسمي والصعيد الشعبي. هناك تواصل رسمي. وعلى صعيد الحركة (أمل) العلاقة قائمة مع كل الفصائل وعندنا لجنة برئاسة أحد أعضاء مكتبنا السياسي تتابع اللقاءات والاجتماعات مع الفصائل بدون استثناء.”

ويرى مسؤول الملف الفلسطيني في حزب القوات اللبنانية المحامي فادي ظريفة: ” بادرت القوات اللبنانية عام 2005 إلى مد يدها للفلسطينيين على قاعدة فتح صفحة جديدة. لا يعني ذلك نسيان ما حصل، – إننا ضد النسيان حتى لا تتكرر الحرب – ، بل أن نبدأ صفحة جديدة. العداء التقليدي لدى  اليمين المسيحي للفلسطينيين انطوى، وبدأت مرحلة جديدة. وكلفت القوات اللبنانية أحد مسؤوليها لمتابعة كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني وعقدنا لقاءات معهم ولبينا معظم اللقاءات التي دُعينا إليها. وقدمنا اقتراحاً خطياً في أحد اللقاءات يتعلق بحق العمل للفلسطيني على قاعدة اعطائه الأولوية بالعمل على غيره من الأخوة العرب والأجانب، ولو تم تطبيق هذا الاقتراح لما كنا نجد هذا الكم الهائل من العمالة الأجنبية”.

السابق
رئيس مصر يدعو اسرائيل الى انهاء النزاع مع الفلسطينيين
التالي
بري يدعو من جنيف الى الالتفاف حول الجيش