لبنان الرسمي يشرّع زواج القاصرات… بإذن الأهل!

زواج القاصرات
عجلت الازمة السورية في تقديم مشروع تنظيم زواج القاصرين والقاصرات منعا للاتجار بالبشر الذي تجرمه الاتفاقيات الدولية، ولكن هل رضيت الجمعيات الاهلية بذلك؟ ولماذا انقسمت على بعضها؟ ماذا تقول المحامية ليلى عواضة في هذا الاطار؟

لان لبنان البلد الوحيد في العالم الذي يربط عقد الزواج فيه بالطوائف والتي يبلغ عددها 18 طائفة، فان اي مشروع تغيير في المادة التاسعة من الدستور- والتي تعطي الحماية لهذه الطوائف – يتطلب حربا اهلية جديدة. لذا قام وبحسب النائب غسان مخيبر مشروع قانون “تنظيم زواج القاصرين والقاصرات” بالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة.

ورغم الطريق الطويل الذي مشته مؤسسات المجتمع المدني لتحريك هذا الملف الاجتماعي الا ان الازمة السورية الحالية دفعت باتجاه الاستعجال بعرضه، لما ترتب من تداعيات اجتماعية كارثية ابرزها عمليات بيع وشراء علنية لفتيات قاصرات بهدف تخفيف العبء الاقتصادي عن الاهل.

وقد شهد لبنان عددا كبيرا من حالات الزواج بين لبنانيين وسوريات بسبب المصالح المشتركة بين الطرفين، الاول اللبناني الذي يوفر بهذه الزيجة تكاليف المهر وتأثيث منزل، والثاني من جهة السورية التي تؤمن محل اقامة عائلة تقيها التشرد.

وبحسب الاعلامية سعده علو، فان “هذا المشروع يتناقض مع إقرار لبنان اتفاقية حقوق الطفل منذ 22 عاماً، والتي لا تسمح بعقد أي زواج تحت سن الـ18 سنة، وهو دولياً سن البلوغ”.

ليلى عواضةوترى المحامية ليلى عواضة من جمعية (كفى عنف واستغلال) ان جملة “مع مراعاة قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في لبنان”، تعيدنا الى الوراء.

ويقضي مشروع القانون بعقد زواج القاصرين على الأراضي اللبنانية الاستحصال على إذن مسبق خاص صادرعن القاضي المنفرد الناظر في قضايا الأحداث المحدّد في القانون رقم 422/2002، وهو قانون حماية الأحداث المعرّضين للخطر. من هنا ان ضرورة الاستحصال على إذن خاص من قاضي الأحداث يؤكد صحة ظروف زواج كل قاصر يتقدم ولي أمره بطلب لتزويجه قبل بلوغ سن الـ18.

وتسأل المحامية ليلى عواضة عن “مدى قدرة قاضي الاحداث على التحقق من توفر إرادة القاصر هنا لعقد الزواج؟ وهو الامر غير المقبول”.

ولكن بالمقابل، يؤكد النائب غسان مخيبر في دفاعه عن مشروع القانون ان ايجابيته تعود “الى مشروع تعديل نص المادة 483 عقوبات بحيث يعاقب كل رجل دين يعقد زواج قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يُدوّن في العقد رضا من له الولاية على القاصر أو أن يستعاض عنه بإذن القاضي أو دون الاستحصال على الإذن الخاص المعطى من قاضي الأحداث، بغرامة تعادل عشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور، وعند التكرار عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وتضاعف الغرامة”. كما تسري الغرامة نفسها على الوصي أو ولي الأمر.

ومن الجدير ذكره ان الطوائف اللبنانية تسمح بعقد زواج الإناث ما بين سن 9 سنوات لدى الشيعة والعلويين، و17 سنة لدى السنّة والدروز، اما المسيحيين فما بين 14 و16 سنة.

ورغم وحدة مؤسسات المجتمع المدني في لبنان على الاقل، الا ان هذه المؤسسات اختلفت حول القرار حيث أيدته الهيئة الوطنية لشؤون المرأة واشتغلت عليه وعارضته جمعية (كفى عنف واستغلال) ببيان صادر عنها، كونه يكرس سلطة الطوائف. واعتبرته تعد وانتهاك فاضحين لحقوق الطفل. ودعت فيه  كفى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة إلى “سحب هذا الاقتراح لما يتضمنه من تناقضات مبدئية مع مفهوم الحقوق الإنسانية..”.طفلة

وينص القانون الجديد المزمع تقديمه على وجوب استشارة قاضي الاحداث للاستحصال على اذونات لزواج القاصرات. وفي حال الرفض، لا يصبح الزواج باطلا بل يتوجب على العائلة وعلى الجهة التي انجزت الزواج دفع غرامة مالية.

وتؤكد ليلى عواضة لـ”جنوبية”: “ان تنظيم زواج القاصرات لا يحميهن، وعلينا تحديد سن ادنى للزواج وعلى الدولة تحديده، وعلى الطوائف الالتزام به وهو موجود في كل دول العالم،واذا كنا نعتبر ان زواج القاصرات سلبيا ومناهضا لحقوق الاحداث فلا فرق بين قاضي الاحداث او قاضي الشرع. والدولة عندما تنظم هذا الامر فهي تعطي الحق للمحاكم الشرعية في البت بالموضوع والذي نطلبه نحن كمجتمع مدني الغاءه”.

وتتساءل المحامية ليلى عواضة، فتقول: “هل اذا اخذت القاصر حق الزواج من القاضي في سن التاسعة فاننا نحمي الفتاة؟ المشكلة برأينا ان المشكلة ليست بالشخص بل بفكرة تزويج القاصر”.

وحول امكانية اقراره؟ نسأل المحامية البارزة ليلى عواضة، فتجيب: “لا اتصور ان يجد هذا المشروع حاضنة له في المجتمع المدني وهم يستمعون لملاحظاتنا ويفضلون عدم تخطينا”.

وتعود لتؤكد “ولو اننا غير موافقين عليه، ونحن نتمنى على الهيئة الوطنية ان تتوقف عن العمل على اقراره، كونها جزء من المجتمع المدني وخلفيتهم تلتقي مع خلفية جمعيتنا”.

وتأسف عواضة معلقة بالقول على سؤال ان امساك القاضي المدني بالملف يمنحه صفة مدنية، “ان قاضي الاحداث ذو خلفية لا تختلف عن قاضي المحاكم الشرعية والروحية”. وتتابع: “لا يمكننا تجاهل خلفيات بعض القضاة فيما يخص الرشى التي تجعلهم يوافقون دون اي بحث او تحر”.

ولكن الهيئة الوطنية التي تقدمت بالاقتراح بالتنسيق مع النائب مخيبر هي من مؤسسات المجتمع المدني ايضا فكيف انقسمتم هكذا؟. تؤكد عواضة في ردها بالقول: ” لا. الهيئة الوطنية  ليست من مؤسسات المجتمع المدني، مع الاشارة الى انه لم يتم اطلاعنا على المشروع، بل نحن دعمنا الحملة كونها من التوجه نفسه”.

السابق
من فتاة كانت تتمنى ان تدعوك: يا جدي !
التالي
الشعّار: مجموعات طرابلس تطالب بمحاكمة الاسلاميين واستراد المخطوفين