كفررمان تعوم على المياه في زمن الشحّ

عندما جرّ يوسف بك الزين المياه الى بلدته كفررمان من نبع الطاسة في العام 1926 لم يكن يعتقد ولو للحظة ان هذه المياه ستنضب مع حلول سنة 2014، ما سيجعل أهلها عطشى كما سائر أبناء الجنوب، فيما بلدتهم عائمة على برك ضخمة من المياه الجوفية التي لم تكن تحتاج الا لقرار بضخها شبيه بذلك الحاصل عام 1926. فكيف “سنتجو” كفررمان من أزمة شح المياه المستمرة؟ وبأي كلفة؟

لم تكن منازل الجنوبيين هذا الصيف عامرة بالحقول الخضراء والورود على ألوانها كعادتها نتيجة إنخفاض منسوب المياه في نبع الطاسة في شكل كبير، ما إنعكس سلباً على أوضاع القرى التي تتغذى من هذا النبع في ظل إرتفاع سعر نقلة المياه الى أكثر من 50 ألف ليرة لبنانية. لهذا إستشعرت “مؤسسة مياه لبنان الجنوبي بضرورة إيجاد بدائل مع إستمرار موسم الشح” وفق رئيس بلدية كفررمان كمال غبريس الذي أكد لـ”النهار” ان”المؤسسة وحدها لن تستطيع إيصال المياه للأهالي ولا البلدية وحدها قادرة على تأمين البدائل لذلك سكلنا طريق التعاون فيما بيننا لحل هذه الأزمة”. ولفت الى أن”هناك دراسة كانت أعدت من أحد الخبراء الجيولوجيين تؤكد أن سهل الميذنة التابع لبلدة كفررمان عقارياً عائم على برك كبيرة من المياه، لكن كيف نؤكد ذلك على الأرض؟ فتم الإتصال برئيس “مؤسسة مياه لبنان الجنوبي” المهندس أحمد نظام الذي اخذ على عاتقه مسؤولية حفر بئر في محلة الخالصة لنقوم بضخ تجريبي نحدد بعده ما إذا كان بالإمكان الإعتماد على هذه الدراسة. وبالفعل قمنا بالضخ بعد الحصول على هبة لتجهيز البئر من الـUN HABBIT لمدة 72 ساعة فتبين وجود ضخ بقوة 8 إنش، مما يبشرنا بالخير للسنين المقبلة على أن يحسم الأمر بعد صدور نتائح فحص المياه في المختبر”.

كفررمان أولى بالتغذية؟
قد تكون المياه المستخرجة من باطن الأرض في كفررمان كافية لتغذية البلدة فقط، وقد تكون بقوة ضخ آبار فخر الدين المشيدة في مدينة النبطية والتي تكفي أكثر 12 قرية، فماذا عن سبل إستثمار هذه المياه بطريقة صحيحة؟
خلال جولة له مع”النهار” على مكان البئر، أكد نظام “أن الضخ التجريبي أثبت أنه على عمق 145 متراً يكون مستوى الضخ 100 متر مكعب بالساعة الواحدة، مما يبشرنا بوجود بئر واعد جنوباً ولا سيما أن نبع الطاسة يعاني شحاً يزداد سنوياً وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل في ظل النمو السكاني المتزايد في شكل يفوق اي توقعات”.
ولفت الى ان “الواضح من مستوى الضخ القدرة على تغذية كفررمان وغيرها من القرى المجاورة إذا تم حفر أكثر من بئر تمهيداً لإنشاء محطات ضخ كتلك الموجودة عند آبار فخرالدين لتعويض النقص الحاصل في المياه طالما أن الآبار عينها بدأت تجف بالتزامن مع شح مياه نبع الطاسي. لكن هذا القرار مطلوب من الحكومة اللبنانية ومجلس النواب اللذين يستطيعان وحدهما تأمين الأموال اللازمة لذلك”. لكن بعد ضخ المياه ما الخطوة المرحلية الأولى؟ يجيب: “المطلوب تغطية كلفة الحفر البالغة 100 ألف دولار ثم ستتكفل البلدية بوصل هذه البئر بالشبكة الاساسية التي تغذي كفررمان لحل أزمة الشح سريعاً في البلدة كمرحلة أولى”.
وشدد على أن هذه الخطوة “يجب أن تستتبع بإيجاد تمويل من الحكومة أو جهات مانحة لوصل هذا البئر بالخزانات الضخمة التي بناها مجلس الإنماء والإعمار لتغذية كفررمان بالمياه منها وهذا يكلف أكثر من نصف مليون دولار على أن يتم بعدها بناء محطات ضخمة مكان البئر لنستفيد منها بتغذية مناطق أخرى تعاني الشح كون هذه النقطة تبشرنا بحوض جوفي واعد”. فهل يفكر من يمدد لنفسه عند كل إستحقاق بضرورة إيصال الخدمات للأهالي الذين ذاقوا الأمرين من الكهرباء والمياه صيف 2014؟

السابق
الشمس لا تعيد ذهبها.. يا سيد
التالي
إحالة عرموني ومن يُظهره التحقيق على ديوان المحاسبة