إحالة عرموني ومن يُظهره التحقيق على ديوان المحاسبة

 

اصدرت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة برئاسة القاضي فوزي خميس مطالعتها في قرار التفتيش المركزي التحقيق في معلومات واردة في كتاب رئاسة مجلس الوزراء في وضع الصُّندوق المركزي للمهجرين وتلزيماته.

قررت المطالعة التي اعدها معاون المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي غسان وهبه إحالة رئيس الصُّندوق المركزي للمهجرين المهندس السَّيد فادي عرموني على الديوان، مع كلِّ من يُظهره التحقيق فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً في ارتكاب المخالفات، ووجوب تقيُّد إدارة الصُّندوق بأحكام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، في ما خصَّ: اختصاص الصُّندوق المركزي للمهجَّرين وصلاحيات هيئة الصُّندوق ورئيسه، الإدارية والمالية، وتلزيم الصَّفقات العامة وتنفيذها والإشراف عليها وتسلمها، و اتخاذ العقوبات اللازمة في حقِّ المتعهِّدين الذين يخالفون القوانين وأحكام دفاتر الشروط (إنذارات، غرامات تأخير، نكول، إقصاء)، والتزام قواعد التوظيف وأصول التعاقد المعمول بها، والعمل على استرداد الأموال المدفوعة لأَيٍّ كان بدون وجه حق.
وقررت دعوة المراجع المعنيَّة في الدولة إلى وضع خُطَّة عامة، نهائية ومنسَّقة، لاستكمال عودة المهجَّرين اللبنانيِّين إلى قُراهم وبلداتهم، على أن تتضمَّن معلومات دقيقة وكافية عن: العَدَد الباقي من المهجَّرين والقرى المهجَّرة، وتحديد التعويضات المالية لهم والمشاريع المطلوب تنفيذها لِتحصين العَودة وسبل تأمين الاعتمادات اللازمة لها، مع سائر المستلزمات المادية والبشرية والتقنية الأخرى،وتحديد المدَّة التي يستغرقها تنفيذ الخطَّة، والأخذ بالاقتراحات الواردة في تقرير التفتيش المركزي تاريخ 8/2/2014، في كلِّ ما لا يتعارض مع مضمون هذه المطالعة.
وفي مضمون المطالعة: “تبيَّن أن غالبية مشاريع البُنى التحتية التي قام الصُّندوق المركزي للمهجرين بتنفيذها في الفترة الواقعة ما بين تاريخ 13/6/2011 وتاريخ 10/12/2013 والبالغة قيمتها ما يزيد على 44 مليار ل.ل. وردت إلى رئيس الصُّندوق مباشرة من رؤساء بلديات ومختاري المناطق المهجَّرة ومحيطها، باستثناء 37 مشروعاً من أصل 113 وردت من وزير شؤون المهجرين باعتبار انها تعود للمصالحات التي ترعاها الوزارة. وإن رئيس الصُّندوق قام بتلزيم هذه المشاريع وتالياً تنفيذها من دون أن تكون واردة من وزارة شؤون المهجرين، مما يُشكل مخالفة صريحة للنصوص الراعية لملف عودة المهجرين (..). وبما أن قيام الصُّندوق المركزي للمهجرين بتلزيم، وتالياً تنفيذ مشاريع بُنى تحتية، على الشكل المعروض، يُشكل خروجاً عن الصَّلاحيات المحدَّدة له بموجب قانون إنشاء الصُّندوق ذات الرقم 193 تاريخ 4/1/1993 الذي يكاد يحصر مهمات الصُّندوق بتمويل هذه المشاريع، على أن تكون الخُطط والبرامج العائدة لها مقترحة من وزارة شؤون المهجرين وموافقٌ عليها من رئاسة الوزراء بصفتها سلطة الوصاية على الصُّندوق. وبما أن تذرُّع المهندس فادي عرموني بأنه يقوم بما سار عليه أسلافه في رئاسة الصُّندوق المركزي للمهجرين لا يمكن أن يُضفي مشروعيَّة على أعمال البُنى التحتية التي قام بتنفيذها، خلافاً لقواعد الاختصاص وخارج حدود الصَّلاحيات المعيَّنة له بموجب القوانين السَّارية المفعول(…) وما يُمكن أخذه في الاعتبار لِلتخفيف من هَوْلِ المسؤولية الملقاة على عاتق السَّيد عرموني: عدم تشكيل المجلس الوطني للمهجرين وعدم إصدار المراسيم التطبيقية لقوانين إنشاء وزارة المهجرين والصُّندوق المركزي للمهجرين بغية تنظيم العلاقة في ما بينهما”.
وذكرت ان المهمة الأساسية لِعمل الصُّندوق المركزي للمهجرين تستهدف تأمين عودة المهجرين إلى قراهم ومنازلهم وتسهيل هذا الأمر عليهم، خصوصاً لجهة إخلاء المنازل والدُّور المحتلَّة والمساعدة في إعادة تعمير وترميم ما تهدَّم منها وتحصين العودة، عند الاقتضاء، عبر تنفيذ مشاريع بُنى تحتية تجري بالتنسيق مع الوزارات والإدارات الرسمية، المركزية وغير المركزية المختصَّة، كلٌّ بما خصَّه منها.
واقع المهجرين الضاغط والملح ودقة وحساسية الظروف الواقعية والعَمَلانية التي يعمل الصُّندوق من خلالها، وتَدَخُّل المرجعيات الرسمية وغير الرسمية في قضية عودة المهجرين، اضافة إلى المصالحات ومستلزماتها وطلبات أبناء المناطق المهجَّرة (من بلديات ومختارين وأفراد وقيادات…)، كلُّ ذلك بعلم ومعرفة المراجع الرسمية المعنيَّة بقضية المهجرين وعلى مدى عهود طويلة متعاقبة، بمن فيهم: رؤساء جمهورية، مجالس نيابية ووزارية ورؤساؤها، وزراء للمُهَجَّرين ورؤساء للصُّندوق المركزي للمهجرين وكثيرون غيرهم.
واضافت: “جرى تمويل مشاريع الصُّندوق بموجب قوانين لحظت أموالاً طائلة لإنجاز عودة المهجرين، على أن تُصْرَفَ وفق “خطَّة عامَّة” تضعها وزارة المهجرين بموافقة سلطة الوصاية على الصُّندوق، أي رئاسة الحكومة، الامر الذي لم يحدث في السنوات الأربع المنصرمة. فتمَّ الإنفاق من دون أيَّة خطة عمل ومن دون موازنة عامة، نظراً الى ارتباط هذه الموازنة بتلك الخطَّة.
– توقف الصُّندوق عن إعداد موازنة الخطَّة العامة في سنة 2006، بناءً على مراسلة خَطِّية من رئيس الحكومة الأسبق السَّيد فؤاد السنيورة في 29/4/2006 وتأكيده على رئاسة الصُّندوق بوجوب التزام مبلغ أقصى قدره 400 مليار ليرة لبنانية لِبُنود الخطَّة كافةً، بحيث يُقفل الصُّندوق بعد ذلك ولا يُمكن الخزينة أن تتحمَّل أيُّ مبلغ إضافي.
وهذه الأمور، على أهميَّتها، ليس من شأنها إعفاء المهندس فادي عرموني من المسؤولية عن المخالفات المرتكبة منه ، في هذه القضية. إلا أنه لا يجوز في المقابل، تحميل جميع نتائجها وإلقاء المسؤوليات الناجمة عنها كاملة على شخصٍ واحدٍ، مُعَيَّن بالذات، عملاً بمبدأ العدالة الكُلِّية وقواعد الإنصاف ومع الأخذ بمقتضيات سَيْر الأمور على أرض الواقع. وينبغي على الجهات الرسمية المختصة استخلاص العِبَر من مندرجات هذه القضية ووقائعها والظروف المتصلة بها، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب بوضع حدٍّ للتجاوزات المالية والإدارية والفنية المرتكبة في ملف “عودة المهجرين”، سواءٌ أَكان في الوزارة أم في الصُّندوق أم في كليهما.

السابق
كفررمان تعوم على المياه في زمن الشحّ
التالي
علماء يؤكدون وجود الحياة بعد الموت!