فاديا بزي: هكذا اعتقلني حزب الله حين كنتُ مقاوِمة شيوعية

جمّول
هي الإعلامية المعروقة فاديا بزي، خاضت تجربة قتالية مع "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية - جمّول". فماذا تحكي لنا عن تلك التجربة؟ ولماذا اعتقلها حزب الله؟ وكيف كانت ابنة الـ16 عاما تذهب مع الشباب إلى المحاور؟ وهل ستدفع ابنها إلى القتال كما فعلت هي في صباها وشبابها؟

تروي المناضلة السابقة والاعلامية الحالية فاديا بزي لـ”جنوبية” حكايتها مع “جبهة المقاومة الوطنية اللبناني – جمّول“. فقد بدأت العمل المقاوم ولمّا تزل في مراهقتها الأولى، ابنة 16 عاما. كانت متطوّعة غير متفرّغة، ضمن مجموعة كلها تتألّف من الرجال. كانت الصبية الوحيدة. شاركت في دورات عسكرية، وكانت في البداية تعمل في مجال الاستطلاع، وبعدها تسلّمت مهاما اخرى منها زرع عبوات، فكانت تذهب برفقة مجموعات مسلّحة لزرع عبوات على الطرق التي تسلكها قوافل الصهاينة: “كنّا نتحضّر لعملية نوعية في العاشر من ايلول 1988 في ذكرى انطلاقة (جمّول)، وهي العملية نفسها التي أُسر خلالها احمد اسماعيل وكايد بندر وعدد من الرفاق، وكان من المفترض ان اكون معهم، لكن في اللحظة الاخيرة قرّروا الا اكون برفقتهم، الاحتمال العالي يالأسر، وخوفا عليّ”.

كانت من أبرز العمليات، بعدها اشتدّ الوضع صعوبة: “بات ممنوعا علينا التحرك، وبدأنا نقوم بالتنكر. فكلّفوني بالاستطلاع. لذا كنت ابقى خارج المنزل لمدّة اسبوع تقريبا وتشدّدت اسرائيل في حينها. وكنت قد شاركت في معارك خلال الحرب الاهلية في بيروت ولم اقتنع بجدوى هذه الحرب… فخضعت مجدّدا لدورات عسكرية مع الحزب الشيوعي، وتفرّغت في الحزب، وكان تدريبنا يتم في المراكز، كثكنة الرميلة وثكنة وادي الزينة وغيرها من المراكز المتوزّعة على المناطق اللبنانية. وبوجود عدد من المقاتلات الرفيقات، كنت قد تفرّغت في منطقة الجنوب، لكن في العام 1989 توقفت المقاومة ومُنِعتُ، مثل غيري، من القتال وبدأ التضييق وسُرِقَت اموال المقاومة من قبل بعض قياداتها. خلال الفترة نفسها اعتقلني حزب الله في منطقة كفرفالوس لأنّنا كنّا مجموعة متوجّهة إلى قتال إسرائيل، وكنّا نطلق الرصاص عليهم ظنّا منّا أنّهم اسرائيليون، وهم ظنّوا اننا اسرائيليين. لكن تم اطلاق سراحنا مباشرة بعد اكتشاف الامر”.

فاديا بزي

 

وتتابع فاديا بزي رواية جزء من قصة نضالها: “بسبب خسارة الارض، كما يقال، مُنع الحزب الشيوعي من القتال، وتوقفت المقاومة الوطنية، وصار ذلك امرا واقعا، وبات الحزب غير قادر على تبنيّ اي عملية للمقاومة وانقطعت مصادر التمويل، وبقي فقط أفراد يؤيدون المقاومة بالرأي فقط”. وتصف مشاعرها من هذا التطوّر بأنّها كانت “صعبة”، وتضيف: “شعرنا أنّنا مقيّدون ولم نعد قادرين على القتال ومواجهة المحتلّ، فنقلت نضالي الى الاعلام لأنّني اعتبرته ساحة جديدة من ساحات المقاومة. ففي حرب تموز 2006 غطيت العدوان طيلة 12 يوما وحولت خدمتي إلى بلدي بالصوت والصورة في المحطة التلفزيونية حيث أعمل”.

وعن البيئة التي عاشت فيها تقول: “انا بنت بيت مقاوم شيوعي، والدي هو محمود بزي الذي كان يشجعني على التدرب والقتال والسلاح والمقاومة، وكان بيتنا بمثابة مركز عسكري. فقبيل العام 1978 كنا لا نزال نقيم في الجنوب حين بدأ والدي يدرّب أخواتي على السلاح، بسبب معلومات عن اجتياح اسرائيلي قريب لمنطقة بنت جبيل، وبعد تهجيرنا وبسبب الغارات على بنت جبيل انتقلنا الى حمل السلاح. كانت بيئتنا مشجّعة على التدرب والمقاومة. فوالدي كان شيوعيا الى الحد الاقصى، ففي الوقت الذي نفسه كان يمنعنا من الذهاب الى حفلات عيد ميلاد مثلا، كان يدفعنا للعمل العسكري، ولم يقف بوجهنا اطلاقا”.

وعن مستقبل المقاومة وطرق عملها اليوم، تقول بزّي: “اليوم ارى أنّ لكل ظرف حيثياته وخصوصياته، ففي السبعينيّات والثمانينيّات كنا كلنا مهدّدين بالاعتقال، فقد اعتقلوا الجميع، حتى والدي، ولم يكن هناك اي افق امامنا سوى المقاومة المسلحة. اما اليوم وانا ام لشاب في عمر 15 سنة ارى أنّه لم يعد ممكنا ان اتركه يسير كما سرت انا، لأنّ القصة لم تعد كما كانت ايام شبابنا. حينها كان الانسان يدافع عن أرضه، واليوم باتت قصة صراعات بين دول اقليمية تتحكم بمصائرنا ونحن لسنا سوى واجهة للسياسة الاقليمية”.

وتختم الزميلة فاديا بالقول: “انا مقتنعة بالعمل المقاوم، ومع احترامي للعمل المقاوم، هناك من يريد ان يسيطر علينا كبلد، لكن هناك فريق عمل ناشط نتكّل عليه، ونحن كأفراد لا يمكننا ان نفعل شيئا، وما نعيشه الآن هو الخطر نفسه، خطر الارهاب الاسرائيلي، وهو نفسه الخطر القادم من بن لادن وداعش لأنّهم أبناء البيئة نفسها”.

السابق
لبنان 1982- مخيّم صبرا وشاتيلا
التالي
مقاتلو «جمّول» في صيدا يتذكّرون.. ويروون أين صاروا