أنطوان حدّاد: على المسلمين أن يطمئنوا المسيحيين ليهدأوا

 بعض تصريحات سياسيين ورجال دين مسيحيين تندّد بما قامت به داعش في العراق من تهجير للمسيحيين لم تخلُ من نَفَس طائفي "داعشي". الناشط السياسي وأمين سر "حركة التجدد الديمقراطي" أنطوان حداد قال لـ"جنوبية" إنّه "يمكن اختيار او استلال نصوص من كل الديانات وتضخيمها وتعميمها لتبرير ممارسات سلطوية وقد جرى ذلك مع المسيحية". ودعا "القيادات المسلمة سياسيا وثقافيا إلى تقديم إجابات وردود مقنعة على التحديات والمخاوف والهواجس التي تثيرها داعش وأخواتها".

بعد مرور أقل من شهر على سيطرة “الدولة الإسلامية في العراق والشام” على مدينة الموصل، وتخيير المسيحيين بين دفع الفدية أو إشهار إسلامهم، إما القتل أو التهجير… تزداد الردود الفعل اللبنانية المندّدة مما يحصل في الموصل من تهجير وقتل للمسيحيين، وخصوصا ردود فعل المسيحيين، التي دعت الى الوقوف بجانب مسيحيي الشرق وخصوصا مسيحيي العراق، والى الوحدة بين المسيحيين للتصدي امام المخاطر التي يمكن أن تواجههم  في حال اقتراب داعش من لبنان.

 

خوف مسيحيي لبنان من خطر الإسلاميين المتشددين هو طبيعي ومبرّر، خصوصا في ظلّ ما يجري في العراق وتحديدا في الموصل. إلا أنّ هذا الخوف فتح الباب أمام تصريحات أقلّ ما يقال فيها إنّها لا تختلف عن تصريحات داعش. بدأت هذه التصريحات مع وزير العمل سجعان قزي  الذي سأل عما جناه المسيحييون من حياة مشتركة مع المسلمين: “جلجلتنا منذ عام 632 ولا نزال حتى اليوم” (تاريخ موت النبي محمد (ص)، هذا التصريح للوزبر الكتائبي تلاه تصريح لمطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس جورج صليبا  الذي اعتبر أنّ “المسلمين لا يختلفون عن اليهود في التعامل مع المسيحيين”، وأضاف: “المسلمون دائما هم في موقف الافتراء والتعدي، والنهب، والقتل ضد المسيحيين”.

 

الناشط السياسي وأمين سر حركة التجدد الديمقراطي انطوان حداد يؤكد في حديث مع “جنوبية” أنّ “الأحداث الأخيرة في العراق وخصوصا في الموصل من إعتداء على الكنائس وتهجير وقتل المسيحيين خلق صدمة قوية لدى المسيحيين في كل المنطقة. ثمة من يؤكد انه خلق ايضا صدمة لدى المسلمين السنة والشيعة، لكنّ خوف المسيحيين جاء بالطبع أكبر لأنه يطرح أسئلة وجودية، لأنّ أحداث الموصل غير مسبوقة في المئة سنة الاخيرة، إذ تبدو كأنّها عملية اقتلاع للمسيحيين”.

 

وأضاف حداد، وهو من المؤمنين بالعيش المشترك ومن الشخصيات المؤثرة في انتفاضة الاستقلال عام 2005: “المنطقة العربية، خصوصا المشرق العربي وبلاد الشام تتميز عن سواها من مناطق العالم بتاريخ لم ينقطع من التعددية الدينية، لكن هذا لم يكن سهلا فالمنطقة وفي مراحل عدة شهدت صدامات واحداث ذات طابع ديني او طائفي او مذهبي، حتى لبنان وهو البلد الاكثر تعددية لم يسلم من هذا الامر. ولكن هذه المرة ما تقوم به داعش من تطرف وإقصاء، والتغطية الإعلامية المكثفة (والمغرضة احيانا) المواكبة لها، ايقظت مشاعر الذعر والقلق والتشنج، كما ايقظت خطابات ومقولات بعضها يعيد العلة الى المسلمين بالجملة او الى الدين الاسلامي برمته وتلجأ احيانا على نصوص قرآنية وتفسرها على أنها تدعو الى إقصاء المسيحيين وكل الآخرين المختلفين. انا لا اوافق طبعا على هذا التبسيط او هذا التعميم وارى ان كل الديانات يمكن اختيار او استلال نصوص منها وتضخيمها وتعميمها لتبرير ممارسات سلطوية وفئوية بعيدة عن جوهر او مقصد هذا الدين او ذاك، وقد جرى ذلك مع المسيحية في حقبات ومراحل مختلفة، تماما كما يجري الآن مع داعش واخواتها، وحتى كما يجري مع اصوليات اسلامية اخرى قد تكون صورتها العامة اجمل نسبيا من صورة داعش، فالامر يتعلق باستخدام النصوص الدينية لتبرير تصرفات ومآرب بحت سياسية او بحت سلطوية لإقصاء الآخر المختلف”.

 

وتابع حداد: “في المقابل انا ارى ضرورة تقديم اجابات وردود مقنعة على التحديات والمخاوف والهواجس التي تثيرها داعش وأخواتها، وهذه الردود والتطمينات والتدابير الفعلية يجب ان تأتي بالدرجة الاولى من قبل الاغلبية المسلمة، خصوصا النخب والقيادات السنية، وليس من فقط من قبل المسيحيين الذين لا يجب ان نستغرب مظاهر القلق والذعر لديهم. فالمشكلة ليست في لبنان، لأنّ النخب السنية، سواء السياسية منها كالروؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، او الثقافية مثل الدكتوران رضوان السيد ومحمد السماك وغيرهما، يجمعون على إدانة هذه الظاهرة الشاذة، لكنّ المطلوب مستوى اكبر من الادانة والتصدي على صعيد الدول العربية”.

السابق
مؤسسات المستقبل الاعلامية تدعو لحملة اعلامية تضامنية من العراق
التالي
أحمد الأمين يستنكر تهجير المسيحيين والعدوان على غزة