نصرالله لمشعل وشلح: كل الخيارات مفتوحة

فلســطين وحّدت بالأمس، وكعادتها دائما، المحطات التلفزيونية اللبنانية، فصارت كلها شاشة واحدة ونشرة واحدة، في مشهد استمر أكثر من نصف ساعة، بدت مفاعيله المعنوية كبيرة جدا، واستحق من خلالها الإعلام المرئي تحية كل لبناني شعر بأن هناك من عوّض له مشكورا قصوره وقصور الدولة لا بل “الدول” بحق قضية فلسطين.

وإذا كان التواصل بين “حماس” و”الجهاد” من جهة، و”حزب الله” من جهة ثانية، لم ينقطع منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على غزة، فان ما لفت انتباه المراقبين، هو حرص “حزب الله” على تظهير مضمون الاتصال الأول من نوعه منذ فترة طويلة بين أمينه العام السيد حسن نصرالله، وبين رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل وأشاد خلاله “بصلابة المقاومين وصمودهم وإبداعاتهم في الميدان وبالصبر الهائل لشعب غزة المظلوم المتماسك مع مقاومته في خياراتها وشروطها”.
كما ان الأهم من اللقاء الذي عقد مؤخرا بين الأمينين العامين لـ”حزب الله” السيد نصرالله و”الجهاد” رمضان عبدالله شلح هو ما تم تظهيره حول اعلان المقاومة في لبنان وقوفها “إلى جانب المقاومة في غزة وتضامنها وتأييدها واستعدادها للتعاون وللتكامل بما يخدم تحقيق أهدافها وإفشال أهداف العدوان”.
موقف نصرالله جاء على مسافة أيام من الاطلالة المقررة عصر يوم الجمعة المقبل، لمناسبة “يوم القدس العالمي”، حيث سيلقي أمام الجمهور الحزبي خطابا، توقعت مصادر واسعة الاطلاع ان يكون فلسطينيا بامتياز انسجاما مع اللحظة الفلسطينية الاستثنائية، وفي مواجهة بعض المناخات الحزبية السائدة على خلفية موقف “حماس” من أحداث سوريا والمنطقة.
ويبدو واضحا ان “حزب الله”، الذي كان قد اتخذ قرارا بإلغاء كل افطارات شهر رمضان، تحسبا لأي عمل أمني، قرر في ضوء التطورات الفلسطينية في غزة، احياء مناسبة “يوم القدس”، ككل سنة، برغم التحديات الأمنية، وهو الأمر الذي استوجب اجراءات استثنائية ستتصاعد يوميا، حتى موعد الاحتفال المركزي المقرر اقامته في “مجمع سيد الشهداء” في الضاحية الجنوبية لبيروت.

خطوط مفتوحة بين طهران ومشعل

وليس خافيا على أحد أن “حركة الجهاد” لعبت دورا محوريا في تقريب وجهات النظر طيلة الشهور الأخيرة بين “حماس”، وبين كل من طهران و”حزب الله”، وهو الأمر الذي ترجم ليس باتصال نصرالله بخالد مشعل، بل بثلاثة اتصالات إيرانية أجراها كل من رئيس مجلس الشورى الدكتور علي لاريجاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف وأحد كبار ضباط “الحرس الثوري” برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في غضون ايام قليلة، وتميزت بمضمونها الايجابي، وباعادة فتح أبواب طهران على مصراعيها أمام “ابي الوليد” حسب مصادر متابعة، اشارت الى أن المسؤولين الايرانيين الثلاثة أكدوا لمشعل دعم طهران للمقاومة في فلسطين، واستعدادها لتقديم كل أشكال المساعدة في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة. كما اشادوا بأداء فصائل المقاومة وما قدمته من مفاجآت أعادت الثقة بدورها وخصوصا بدور “حماس”.
ووفق مصادر قيادية واسعة الاطلاع فان ملحمة غزة لها فضل كبير في اعادة ترتيب أوضاع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، إذ إنها فرضت نمطا جديدا من التعاطي، أول تجلياته ازالة معظم التباسات المرحلة الماضية، وإعادة توحيد جبهة المقاومة على قاعدة أن فلسطين هي القضية المركزية التي لا تتقدم عليها قضية أخرى، وان اسرائيل هي التي تشكل التهديد الاكبر لكل شعوب المنطقة العربية والاسلامية.
وفي الاتصال الهاتفي أكد نصرالله لمشعل وقوف “حزب الله” والمقاومة اللبنانية إلى جانب انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني قلباً وقالبا وارادة وأملاً ومصيراً، وتأييدها حول رؤيتها للموقف وشروطها المحقة لإنهاء المعركة القائمة.
وقال بيان “حزب الله” إن ما سمعه نصرالله من مشعل “يبعث على الثقة المطلقة بقدرة المقاومة على الثبات والصمود وصنع الانتصار الثاني في تموز”.
وقال مصدر قيادي في “حماس” لـ”السفير” ان الاتصال خطوة مهمة جدا في سياق اعادة ترميم جبهة المقاومة العربية والاسلامية في مواجهة العدو الصهيوني.

نصرالله ـ شلح: كل الخيارات مفتوحة

واستعرض نصرالله وشلح “الأوضاع الميدانية والتطورات السياسية الحاصلة، والحراك الديبلوماسي البطيء والفاشل في مقابل تماسك الميدان وتوحد جميع فصائل المقاومة في هذه المواجهة المصيرية، واذا كان نتنياهو يستند في عدوانه إلى تأييد دولي وحكومي، فإن المقاومة في غزة تستند إلى أقوى تأييد واحتضان شعبي على الاطلاق”.
وجدد نصرالله لشلح وقوف المقاومة الاسلامية في لبنان “إلى جانب المقاومة في غزة وتضامنها وتأييدها واستعدادها للتعاون وللتكامل بما يخدم تحقيق أهدافها وافشال أهداف العدوان”.
وقال مصدر قيادي في “الجهاد” لـ”السفير” ان نصرالله وشلح ناقشا “كل الخيارات والاحتمالات المفتوحة على مصراعيها تبعا لتطور الأوضاع الميدانية والسياسية”، واتفقا على صيغ وأشكال جديدة للتنسيق والتشاور بين كل قوى محور المقاومة في المرحلة المقبلة.
ومن وجهة نظر “حزب الله”، فان ما يجري في فلسطين شكل فرصة لإعادة تصويب الاولويات وتوسيع رقعة القواسم المشتركة وتعزيزها على قاعدة أولوية مقاومة اسرائيل، بمعزل عن اية خلافات جانبية.
وتنطوي الاشارة للاستعداد للتكامل والتعاون بين “حزب الله” والمقاومة الفلسطينية على معان كثيرة توقف عندها الجانب الاسرائيلي، ويفترض أن يتوسع في الحديث عنها السيد نصرالله في مهرجان “يوم القدس”، وهو الأمر الذي جعل الاسرائيليين يكثفون إجراءاتهم على طول الحدود مع لبنان بالتزامن مع استنفار سفراء الدول الكبرى في بيروت وتأكيدهم على أهمية التزام جميع الأطراف بمضمون ومندرجات القرار 1701.

 

السابق
عون يُطلِق النار على مبادرة الحريري .. والملفّات الخلافية إلى ما بعد الفطر 
التالي
حزب الله يُلوِّح بفتح الساحة الجنوبية وعون يُصعّد ضد الحريري