مؤامرة أوباما الخبيثة على العرب..

اوباما
كأنّ باراك أوباما قد ضاق ذرعا بالعقول الخاوية التي تتهم الغرب والاستعمار بسبب مشاكلنا، فقرّر أخيرا العمل على فضحها وانهاء الأوهام التي تعيش عليها عبر التخلي عن أي نوع من أنواع المساعدة المباشرة وترك شعوب هذه المنطقة لتقرّر هي مصيرها بأيديها. فكان الانسحاب الأميركي من المنطقة. وهذه هي "المؤامرة الاوبامية " الحقيقية. وما نراه الآن من تخبّط وتفاقم الأزمات في المنطقة هو جديا نتاج هذه "المؤامرة" الخبيثة ...

يقول احد الأصدقاء، وهو عارف بخبايا مطبخ القرارات للعاصمة الأميركية واشنطن، وفي مقدمتها الدور الكبير لشخصية الرئيس الأميركي باراك أوباما وفلسفة ادارته للسياسات الاميركية الحالية، منذ وصوله الى البيت الأبيض وحتّى اللحظة، يقول لي هذا الصديقن إنّ إدارة أوباما تقوم بشكل أساسي على مبدأ أوحد هو العمل بصورة معاكسة تماما لكلّ ما كان ينتهجه السلف جورج بوش.

وفعلا فقد أصدر أوباما قراره بسحب 30 الف جندي أميركي من أفغانستان وفاء بوعده الذي اطلقه قبل الحملة الانتخابية، واستبشر خيرا حينها الرئيس محمود احمدي نجاد الذي صرّح قائلا: “الاستقرار في أفغانستان يعتمد على سرعة خروج اميركا والناتو من هذا البلد، ونحن واثقون من أنّه مع خروجهم ستحلّ حتّى مشكلة المخدرات”.

لم يمضِ وقت طويل على هذا الانسحاب حتّى شهدنا يوم الاحد 18 كانون الأوّل 2011 عبور آخر عربات مدرّعة في قافلة للفرقة الثالثة للجيش الأميركي الحدود البرية من الأراضي العراقية باتجاه الكويت، مع إنزال العلم الأميركي في احتفال بمطار بغداد.

فإذا ما كانت هذه المعطيات تؤكد حقيقة ما ذهب اليه صديقي، فانا بدوري اكاد اضيف عليه انّ السياسة الاميركية في المنطقة لا تقوم على العمل بعكس ما درجت عليه سياسة جورج بوش الإبن فقط ،بل أكثر من ذلك بكثير. فهي تتبع منهجية مختلفة عن تاريخ عميق من التدخل الأميركي والغربي بالمنطقة. ربما تاريخ يعود الى المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى بعد تهاوي الإمبراطورية العثمانية العام1916  والاتفاق السّري بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس وموافقة روسيا القيصرية، وعرف لاحقا باتفاق سايكس – بيكو. وكان هدفه وأصله تقاسم النفوذ في المنطقة وإدارتها من قبل هذه القوى العالمية الكبرى.

منذ تلك المرحلة، بدل ان تعتبر شعوبنا أنّها تخلّصت من الاحتلال العثماني وأنّ مرحلة جديدة يمكن أن تبدأ، وبدل ان تنظر الى التقسيمات الإدارية الجديدة على انها مرحلة من مراحل التحول في الارتقاء نحو الدولة بالمعنى الحديث للكلمة وانّ ترسيم الحدود للاقطار العربية هي حاجة، ما كانت شعوب المنطقة لتصل اليها بدون مساعدة من القوى الأجنبية، وانّ تقسيم المنطقة الى دول واقطار مستقلة هي نعمة يجب الحفاظ عليها والعمل على تكريسها وتثبيتها كما هو حاصل عند تلك الدول عينها… بدل كلّ ذلك نشأت لدينا نظرية المؤامرة المبنية على رمال من الأوهام وعلى ثقافة أنّنا “أمة” واحدة وشعب واحد وانّه من هنا، من عندنا، من الحضارة والتاريخ، نملك ما يخوّلنا ان نمسك بزمام الأمور وان نرسم بأنفسنا مستقبل شعوب هذه المنطقة متناسين ما كنّا نعيشه من تناحر وخلافات وفتن كانت تحرق الأخضر واليابس.

فجأة نسينا أنّ تاريخنا لم يسجّل ولو نقطة مضيئة واحدة يمكن الاعتماد عليها كسابقة في تقديم نموذج حكم راق وخال من الحروب والدم والدمار. وبتنا مستغرقين في أنشودة نمنّي بها أنفسنا مفادها أنّ مصائبنا الحالية كلّها سببها سياسات الاستعمار. وصرنا ننظر الى أيّ شيء يأتينا من الغرب على أنّه “مؤامرة ” يجب الوقوف في وجهها والتصدي لها. وعليه كأنّ باراك أوباما قد ضاق ذرعا بهذه العقول الخاوية فقرّر أخيرا العمل على فضحها وانهاء الأوهام التي تعيش عليها عبر التخلي عن أي نوع من أنواع المساعدة المباشرة وترك شعوب هذه المنطقة لتقرّر هي مصيرها بأيديها. وهذه هي “المؤامرة الاوبامية ” الحقيقية. وما نراه الآن من تخبّط وتفاقم الأزمات في المنطقة هو جديا نتاج هذه “المؤامرة” الخبيثة …

السابق
جنبلاط يلتقي الحريري في باريس قريبا لبحث الرئاسة.. وعون يطلق غدا ’خطته البديلة’
التالي
لماذا لا تجوز الصلاة إلا باللغة العربية؟