الشرق الاوسط : تأهب لبناني لمواجهة تداعيات امتداد داعش والجيش يتصدى لمقاتلين على الحدود

السياج الحدودي

نفذ الجيش اللبناني أمس عملية دهم واسعة في جرود منطقة عرسال، بشمال شرقي لبنان، وألقى القبض على عدد من المنتمين لتنظيمات وصفت بـ”الإرهابية” بعد سلسلة عمليات قتل وخطف نفذها ملثّمون خلال الأيام الأخيرة وطالت بمعظمها مخيمات للاجئين السوريين في جرود عرسال.

قيادة الجيش اللبناني أعلنت أمس أن “العملية العسكرية كان هدفها البحث عن مسلحين ومشبوهين في علاقتهم بنشاطات إرهابية”، لافتة إلى “توقيف عدد من الأشخاص داخل مخيمات النازحين السوريين، بينهم أحد المنتمين إلى (كتائب عبد الله عزام) الإرهابية، إضافة إلى أربعة سوريين آخرين”. وأشارت إلى حيازة الموقوفين “كاميرات تصوير وأجهزة كومبيوتر وأقراصا مدمجة، تثبت اشتراكهم في تدريبات مع مجموعات إرهابية”.

وكان قاضي التحقيق العسكري في لبنان فادي صوان طلب عقوبة الإعدام لواحد وثلاثين فلسطينيًّا فارين من وجه العدالة منتصف الأسبوع الماضي لانتمائهم إلى تنظيمي “كتائب عبد الله عزام” و”القاعدة”. وتزامنًا مع عمليات الجيش اللبناني، شنّ الطيران الحربي السوري ثلاث غارات على محيط منطقة إجر الحرف ومحيط منطقة الطفيل، عند الحدود اللبنانية – السورية، استهدفت عددًا من المسلحين.

الحكومة اللبنانية والأجهزة الأمنية المعنية تتأهب راهنًا للتصدي لأي ارتدادات لتمدد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) في العراق. وكشفت مصادر وزارية لـ”الشرق الأوسط” أمس عن “جلسة حكومية – أمنية ستعقد قريبا يشارك فيها قادة الأجهزة الأمنية للبحث بالموضوع ووضع خطط استباقية لمواجهة أي محاولة لتمدد التنظيم المذكور في لبنان”. وأشارت المصادر إلى أن “الأخطار في هذا المجال تبقى محدودة حاليا، لكن يتوجب اتخاذ احتياطات وقائية خاصة أن التطورات الأخيرة جاءت متسارعة وغير محسوبة”.

وينتشر في المنطقة المتاخمة لبلدة عرسال ومحيطها، وهي منطقة جردية ذات غالبية سنّية وسط محيط شيعي تقع مباشرة على الحدود اللبنانية – السورية، عشرات المسلحين الذين فروا بمعظمهم من مناطق القلمون بعد سيطرة الجيش السوري مدعوما بعناصر “حزب الله” عليها. وتُعد بلدة عرسال حاليا أكبر تجمع للاجئين السوريين في لبنان باعتبارها تستضيف 120 ألف لاجئ من أصل مليون و100 ألف مسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين. وتضم البلدة اللبنانية الحدودية حاليًّا ما بين 35 و40 مخيما بعضها عشوائي وبعضها الآخر منظّم من قبل جمعيات محلية.

وتصاعدت الأسبوع الماضي عمليات القتل والخطف في المنطقة وسط معلومات عن تولي عناصر من “جبهة النصرة” تنفيذها. وذكرت مصادر ميدانية في عرسال لـ”الشرق الأوسط” أنه “في معظم الأحيان يقتحم ملثمون مخيمات اللاجئين السوريين ويُعرّفون عن أنفسهم على أنّهم من (جبهة النصرة) ويختطفون عددا من اللاجئين”. وأوضحت أن مئات المقاتلين ما زالوا ينتشرون على طول الحدود اللبنانية – السورية بعضهم من “الجيش الحر” وآخرون من “النصرة” وبعضهم من “داعش”.

من جانب آخر، نفى رئيس بلدية عرسال علي الحجيري نفيا قاطعا الشائعات عن وجود عناصر من “جبهة النصرة” في بلدته، متحدثا لـ”الشرق الأوسط” عن “مجموعة تابعة لأبو حسن، وهو فلسطيني الجنسية، تقطن حاليًّا في منطقة جردية بين عرسال وبعلبك وتقوم بأعمال خطف طلبا لفدية”. وأوضح أن معظم الحوادث الأمنية التي شهدتها البلدة أخيرًا تأتي في إطار “تصفية حسابات وأعمال انتقامية بين اللاجئين”. وكانت مجموعة مسلحة من “جبهة النصرة” أطلقت ليل الأربعاء – الخميس، النار على مخيم للنازحين السوريين في وادي حميد بمحيط عرسال بقصد خطف رهائن للابتزاز، ما أدى إلى مقتل سوري وجرح شقيقه. واختطفت المجموعة سوريين اثنين وفرت بهما عبر الحدود. وفي وقت سابق، اختطفت “النصرة” ثلاثة شبان لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة من بلدة عرسال واحتجزتهم وعذبتهم وكسرت أطرافهم، بحسب الوكالة الوطنية للأعلام، قبل أن تفرج عنهم.

وأشار الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط، المقرب من “حزب الله”، إلى مركزين أساسيين ادعى أنه يوجد فيهما عناصر “جبهة النصرة” في لبنان، الأول داخل بلدة عرسال تحت عنوان إنساني وبإطار النزوح، ويتراوح عدد هؤلاء ما بين 200 و300 عنصر، معظمهم من السوريين، أما الثاني ففي الجرود المحيطة بالبلدة وخاصة تلك الجنوبية والشرقية حيث يوجد – تبعًا لحطيط – ما بين 700 و800 مسلح من غير السوريين.

وذكر حطيط لـ”الشرق الأوسط” أمس أن “هؤلاء يستفيدون من لوجيستية المنطقة ويشكلون أوكارا وخلايا مسلحة”، مدعيا أن “العمليات التي نفذها الجيش طالت الفريق الناشط خارج عرسال والذي ينفذ عمليات مستفيدًا من الفريق الموجود داخل البلدة”. ولفت حطيط في تصريحه إلى أن “الهدف الأساسي لهذه العناصر التي تتنوع انتماءاتها، الحفاظ على أمنها”، نافيا ما يحكى عن محاولتها استعادة مناطق في القلمون. وتابع: “ما أشيع أخيرا عن معارك لاستعادة رنكوس غير دقيق، باعتبار أن بعض العناصر كانت تسعى للهرب وتم التصدي لها”. ولم يستبعد حطيط أن يكون المسلحون المنتشرون في المنطقة الحدودية “يراهنون على المتغيرات الحاصلة شرق سوريا وفي العراق، وعلى إمكانية تمددهم في لبنان، وبالتالي يضعون أنفسهم في جهوزية تامة لتحريك الوضع اللبناني إذا سارت الأمور كما تشتهي سفنهم”.

السابق
النهار: لبنان يتخوّف من الحدث العراقي الحريري وجنبلاط نحو لقاء قريب
التالي
إيران لن تتساهل مع نار تحت أقدامها والدومينو المذهبي يتمدّد