عبد القادر: الادعاء ان حزب الله منع هجوما داعشيا هدفه سياسي

نزار عبدالقادر

بين ليلة وضحاها، زحفت قوات “الدولة الاسلامية في العراق والشام” من الرقة في سوريا الى الموصل، موقعة المدينة العراقية الحيوية تحت سيطرتها، ومكرّسة امارة خاضعة لها في نقطة جغرافية بالغة الاهمية، فنجح تنظيم “داعش” عبر خطوة ميدانية مباغتة وغير متوقّعة، في خلط اوراق اللعبة الاقليمية وتبديل اولوياتها. فما خلفيات خطوة التنظيم ومن قرّر تحريكه اليوم ولماذا، وما تداعيات هذا التطور وهل لبنان بمأمن من اي هجوم “داعشي”؟

“المركزية” سألت الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكري العميد نزار عبد القادر عن الموضوع، فأوضح ان “حتى الساعة، لا معلومات عن المؤامرة التي حصلت على “الحكم الشيعي” اذا جاز القول، ومن هي أطرافها، ومن المستفيد من تظهير الانقسام الشيعي السني بشكل دراماتيكي في العراق. لكن المؤكد ان أميركا لن تكون مسرورة بهذا التمدد لانه يجعل سوريا والعراق ملاذا آمنا لداعش او التنظيمات المقربة من “القاعدة”، ما سيمكنها في المستقبل من التحرك في اتجاه اوروبا وحتى أميركا. من هنا، لا أرى اين جذور المؤامرة ومن يقف وراءها”.

وتابع “لا شك ان هناك حالا من عدم الرضا على حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وأدائه في العراق، خاصة لجهة تزايد النفوذ الايراني الذي يمنع ايجاد وفاق مع الدينامية السنية في بعض المحافظات او حتى التوافق مع الحكم في اقليم كردستان. ففشلت حكومة المالكي في وجهها الشيعي المتصل بايران في فتح حوار مع الاكثرية السنية العراقية وفشلت في التوافق على بعض مفاهيم الحكم مع اقليم كردستان. من هنا، كان من المنتظر حصول ارتدادات لحكم المالكي”.

واستطرد عبد القادر “لكنّي لا ارى ان هذا التمدد العسكري الكبير الصاعد والمفاجئ لكل القوى الاقليمية والدولية، من فعل “داعش وحدها”، دون شك قد تكون “داعش” رأس حربة، لكن هناك أيضا مجموعة من القوى غير الراضية على تقاسم السلطة الراهن وتهميش السنة في العراق، ومن بينهم فلول حزب البعث، وبعض العشائر السنية، وكما رأيت في بعض وسائل الاعلام هناك ظهور لجماعة النقشبندية المعروفين بولائهم لطارق عزيز النائب السابق للرئيس صدام حسين”.

وأضاف “ووسط هذه الاندفاعة وفي ظل التدهور والتفكك في جيش النظام العراقي، أعلن أبو محمد العدناني الناطق باسم “داعش” اليوم، ان هدف التنظيم لا يقف عند الموصل وكركوك بل سيستمر لاستعادة بغداد وكربلاء والنجف. الوضع اذا يثير القلق ويدفع العراق نحو الدولة الفاشلة المفككة الاوصال التي لا تملك قوى امنية او سياسية قادرة على مواجهة ما يحصل، لكن لن يكون سهلا لداعش تحقيق هدفها، حيث لاحظنا استنفارا في الجانب الشيعي وهذا ما تؤشر اليه دعوة المالكي مجلس النواب الى اعلان حال الطوارئ، ودعوة مقتدى الصدر الزعيم الشيعي الى تأليف سرايا للدفاع عن المقدسات الشيعية. ومن هنا، ارى اننا بدأنا نذهب نحو حرب اهلية كما كانت الحال في العراق عامي 2006-2007 ، وكما هي الحال اليوم في سوريا”.

وعن تداعيات هذه التطورات على لبنان؟ قال عبد القادر “من دون شك، سيظهر بشكل اوضح الانقسام المذهبي السني – الشيعي الذي لا يقتصر على دولة معينة بل يمتد من افغانستان وصولا الى دول الخليج وايران سوريا ولبنان. وفي المستقبل الابعد، اي بعد سنتين الى خمس سنوات، أخشى في فترة معينة ان تتغير الاوضاع تكتيا في سوريا وان تعود قوى التطرف الى الحدود مع لبنان، فتكبر حينئذ امكانية حصول اجتياح جزئي لبعض المناطق اللبنانية بقاعا او شمالا. فلا بد من التنبه الى تداعيات هذه الفورة الارهابية نحو العراق، اكان لناحية تعميق الانقسام ومنعها اي حوار ايجابي بنّاء بين ممثل الشيعة الاساسي “حزب الله” وممثل السنة الاساسي “المستقبل”. كما اخشى ايضا ان يترجم ذلك في المستقبل، عودة لمسلسل التفجيرات الارهابية الى لبنان”.

وعن اعتبار البعض ان لولا قتال “حزب الله” في سوريا والقلمون، كان “داعش” زحف نحو بيروت كما الموصل، أجاب “هذا نوع من قراءة في الماضي وتوظيفه لصالح طرف سياسي في الحاضر والمستقبل. والمخطط الذي يتحدثون عنه لا يمكن تأكيده. وعلى الحدود مع لبنان في القلمون، لم تكن السيطرة لداعش بل كانت القوى الموجودة من “جبهة النصرة” و”الجبهة الاسلامية” و”جيش المجاهدين” وهي مكوّنة من سوريين متطوعين ومنظمين في شكل سرايا من منطقة القلمون والجوار، لذا لا يمكن ربط مثل هكذا احتمال لم يحدث ولم تتوفر اي معلومات عن تنفيذه على الاطلاق، مع ما يحصل اليوم في العراق”.

السابق
المشنوق من قطر: الاستثمارت العربية في لبنان لم تخسر طيلة اربعة عقود
التالي
عكاظ: مع داعش ضاعت سوريا وقسّم العراق وتشتت لبنان