لا ضرورة درءًا للقتل

عون الحريري
الجنرال عون، وإن كان ينطق باسم القتلة، إلا أنّه لا يملك قرارهم. ولذلك لا ضمانة مطلقا لعدم عودتهم الى ممارسة القتل، اذا اقتضت مصالحهم ذلك. والعرض الذي يقدّمه الى سعد الحريري بتأمين عودته سالما إلى بيروت اليوم يشبه الطلب الذي قُدِّم الى والده يوم التمديد لجنرال آخر هو إميل لحود. وبدل أن يكون التمديد درءا للقتل، تبيّن لاحقا أنّه مهّد له.

يقول الجنرال عون إنّه إذا جرى التوافق عليه كرئيس للجمهورية فإنّه سيذهب الى باريس ويصطحب معه الرئيس سعد الحريري ليأتي الى بيروت على رأس الوزارة .

ليس هناك أحد لا علم له بهذا الخبر.. كلنا يعلم أنّ هذا التصريح جرى ترداده مرارا.
إذن فالجنرال عون يريد أن يرافق سعد الحريري ليضمن أمنه ويعود الى بيروت ويبقى فيها سالما حين يصبح رئيسا للجمهورية.

وأعتقد أنّه لا يوجد أحد لديه اعتراض على فهم هذا التصريح الواضح.
حسنا: إذا كانت اسرائيل تقتل وتهدّد شخصيات 14 آذار وسعد الحريري تحديدا، وإذا كان عون لديه القدرة لمنعها، فلماذا لا يرافق السيد نصرالله في نزهة نهارية ويردع اسرائيل عن الاعتداء عليه؟
ولنفترض افتراضا أنّ عون ذهب الى السيد نصرالله وطلب منه أن يرافقه في نزهة نهارية… ولو افترضنا أيضا أنّ السيد قبل ان يوافق، أراد استشارة الشعب اللبناني، فأيّ الآراء سيحصل عليها؟
سينقسم اللبنانيون قسمين: محبّو نصرالله، إضافة الى الحياديين الذين يكرهون العنف، سيطلبون بمختلف الوسائل ألا يلبي نصر الله الدعوة خوفا على حياته. أما خصوم نصرالله فسيتمنون تلبية الدعوة ظنّا منهم أنّ ذلك يعرضّه للخطر.

في مطلق الأحوال سيجمع اللبنانيون بمختلف ألوانهم وأطيافهم على أنّ رفقة عون لا تشكل ضمانة أمنية في وجه إسرائيل. وأعتقد أنّه لا خلاف أيضا على هذا الاستنتاج.
إذن من أيّ خطر يحاول عون تأمين سلامة سعد الحريري؟ ولماذا على الحريري الابن أن يثق بضمانة لا يعتبر أيّ لبناني أنها حقيقية؟
الحقيقة أنّ الجنرال عون يعرف ماهية من يشكل خطرا أمنيا على سعد الحريري وغيره من القيادات اللبنانية. والعرض الذي يقدّمه إلى سعد الحريري هو ابتزاز مكشوف ينطق باسم القتلة قائلا: “إذا خضعت لنا وقبلت بوصولي إلى رئاسة الجمهورية لن نقتلك”.

العرض إذن عرض إذعان وليس توافق. أما عن الاخلاق السياسية فهو استثمار دنيء لجرائم الاغتيال.

أخيرا ثمة تصويب ضروري هو أنّ الجنرال عون، وإن كان ينطق باسم القتلة، إلا أنّه لا يملك قرارهم. ولذلك لا ضمانة مطلقا لعدم عودتهم الى ممارسة القتل، اذا اقتضت مصالحهم ذلك.
العرض المقدّم الى سعد الحريري اليوم يشبه الطلب الذي قُدِّم الى والده يوم التمديد لجنرال آخر هو إميل لحود. بدل أن يكون التمديد درءا للقتل، تبيّن لاحقا أنّه مهّد له.

السابق
’غانغام ستايل, تتخطى الملياري مشاهدة
التالي
كيف تحارب إيران أشكال طمس الهوية الإيرانية والإسلامية؟