نقاشات وخبيط بالأيدي داخل الحزب الشيوعي اللبناني

حزب الشيوعي اللبناني
هذا محضر اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني، عقد قبل أيام، وفيه نموذج للنقاشات "بالأيدي" وكيف انهار أعرق الأحزاب اللبنانية ليصير أشبه بألعاب الأطفال الذين يضربون بعضهم البعض حين يعجزون عن التواصل بالمنطق.

الأيدي بدل الكلمات لغة المخاطبة السائدة. فقد تجدّد الاشتباك داخل اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، في مؤشر على تردّي مستوى العلاقات بين الشيوعيين. وهو ما يراه كثيرون نتيجة النهج السائد والقائم على ضرب النظام الداخلي واستبداله بعلاقات الولاء ذات الطابع الشخصي أو النفعي والتي يفترض أنّ الحزب يناضل لتخليص المجتمع والدولة منها.

ففي الاجتماع الأخير للجنة المركزية جرى نقاش لمضمون كلمة ألقاها عضو المكتب السياسي المهندس نضال الشرتوني في ندوة برلمانية عقدت في موسكو وشارك فيها أكثر من 20 حزب شيوعي من حول العالم، وعنوانها: “الأحزاب الشيوعية والعمل البرلماني”.

وقد تناول ممثل الحزب في كلمته، بحسب مصادر اللجنة المركزية، بعض مرشحي الحزب في الانتخابات النيابية الماضية، بطريقة غير لائقة ولا تتفق مع التقييم الرسمي الذي أجراه الحزب لتجربته في الانتخابات المذكورة. ولما كان الأمين العام السابق للحزب، المحامي فاروق دحروج، معنيّا بشكل خاصّ كونه أحد الذين طالهم كلام الشرتوني، فقد طلب توضيحات لملابسات وخلفيات ما حصل. وفي تقديره أنّ المكتب السياسي سيتبنّى رأيه ويتخذ التدابير المناسبة بحق الشرتوني لمنع تكرار أمور مماثلة.

غير أنّ المكتب السياسي كان قد أعدً حسب مصادر مطلعة، توليفة تقضي باعتبار ما قاله الشرتوني “رأيا شخصيا” وأن يعلن أمين عام الحزب، الدكتور خالد حداده، أنّ ما قاله الشرتوني يسيء إلى الحزب. ثم ينتهي الأمر عند هذا الحد. لكن لم يرُق الأمر لدحروج الذي قال إنّ مجلة “النداء” التي يصدرها الحزب ويشرف عليها عضو المكتب السياسي سمير دياب أعادت نشر كلمة الشرتوني بكلّ ما ورد فيها “وهذا دليل على وجود قرار بتشويه السمعة وتضليل الشيوعيين وليس رأيا شخصيا”. وطالب بمحاسبة الشرتوني و “من أعدً له كلمته”، في إشارة إلى مسؤولة العلاقات الخارجية في الحزب ماري الدبس.

عند هذه اللحظة انفجر التوتر الكامن، إذ رفض الشرتوني ما وجه إليه وتضامن معه آخرون رافضين محاسبته فردً دحروج قائلا: “هذه القيادة تقوم بفصل قياديين لأسباب تافهة ومع ذلك ترفض محاسبة من اساء إلى تاريخ وسمعة قياديين تاريخيين في الحزب”. وأصرّ على محاسبة الشرتوني وتهجم على قيادة حدادة باعتبارها “استنسابية وحاقدة”. فضرب الشرتوني الطاولة بيده صارخا. فنال منه دحروج وضربه، وفصل بينهما عدد من الحاضرين قبل أن ينسحب حدادة من الإجتماع تاركا الأمور على فلتانها.

مصادر قيادية في الحزب أشارت إلى أنّ ما جرى “هو نتيجة لتراكمات من الممارسات التي تستمر بها قيادة حدادة الهادفة إلى تعطيل الحزب ودفع كوادره إلى الخروج منه لكي تستتب لها الأمور في الإمساك بملاكات الحزب وإبقائه خارج الصراعات الدائرة في البلاد خلافا من رغبة عموم الشيوعيين المستائين من تردي أوضاع الحزب”. وبحسب هذه المصادر جرى مؤخرا إغراق الحزب بعدد من اللجان المتضاربة الصلاحيات بحجة التحضير للمؤتمر وهو ما يراه كثيرون تلاعبا يهدف إلى عرقلة عقد المؤتمر خصوصا مع تسليم المسؤولية إلى أشخاص متهمين بارتكابات مخالفة للنظام الداخلي وبعضها يطال أموال الحزب وأخلاقياته مواقع مقررة في عملية تحضير المؤتمر.

وكان بعض المعارضين قد انضموا إلى المكتب السياسي، أبرزهم النقابي حنّا غريب، في سياق توحيد جهود عقد المؤتمر وفق شروط معيّنة. لكنّ مصادر قيادية في الحزب ترى أنّه بعد انكشاف نوايا حدادة وفريقه سيكون صعبا على هؤلاء المعارضين تبرير تغطيتهم للممارسات المشكو منها نفسها، أمام جموع الشيوعيين. فهل يستمر أعرق حزب لبناني في مسيرة الإنهيار التي تقودها القيادة نفسها منذ سنوات أم يتنبّه الشيوعيون إلى أنّ السلطات ليست قدرا ويمكن تغييرها قبل فوات الآوان؟

السابق
بالصور: نجوى كرم قبل وبعد المكياج
التالي
جنوبيون نسوا القضية الفلسطينية: ذكرى داخل المخيّمات فقط