النهار: مجموعة الدعم الدولية لتجنّب الشغور الرئاسي

اذا كانت نبرة بكركي وسيدها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وكذلك زوارها قد اتسمت في الساعات الاخيرة بما يشبه دق جرس الانذار المتقدم بأقوى العبارات حيال خطر الفراغ الرئاسي الزاحف، فان الوقائع السياسية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي قبل 12 يوما فقط من انتهاء المهلة الدستورية لم تترك سوى هامش هزيل جدا لـ”أعجوبة” انتخابية في ربع الساعة الاخير تنقذ قصر بعبدا من استعادة مشهد رئيس يغادره من غير ان يسلم خلفا منتخبا مقاليد الرئاسة.

فقد علمت “النهار” ان رئيس الجمهورية المشارفة ولايته على النهاية العماد ميشال سليمان لا يعتبر نفسه معنيا بكل ما أثير في الايام الاخيرة من اقتراحات انخرط فيها بعض القريبين منه كوزير الشباب والرياضة العميد الركن عبد المطلب حناوي في شأن استمرار الرئاسة الى حين انتخاب رئيس جديد، وهو يمضي في الترتيبات لمغادرة القصر منتصف ليل 24 – 25 ايار الجاري مع سائر مستشاريه ومعاونيه بعد احتفال تجري الاستعدادات لاقامته ويلقي فيه سليمان خطاب الوداع، علما ان هذه الترتيبات لم تستكمل بعد لانها لا تزال تلحظ ضرورة انتظار الايام الاخيرة التي تسبق نهاية الولاية “علَّ وعسى” تطورا يحصل ويحمل رئيسا جديدا الى بعبدا. واذ تكشف هذه الاستعدادات ان أي مفاجآت غير محسوبة في شأن اقتراح استمرار الولاية الرئاسية بعد 25 ايار ليست واردة واقعيا ودستوريا لتعذر التوافق الصعب على تعديل دستوري يحتمه هذا الاقتراح، تماما كتعذر التوافق الذي يضمن تأمين نصاب الجلسات الانتخابية، فان معالم التشاؤم حيال انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية راحت تتسع بقوة وعكستها حركة الاستنفار السياسية التي تشهدها بكركي وسواها من مقار المراجع المعنية.

بلامبلي والامم المتحدة
كما ان البيان الذي أصدره امس الممثل الخاص للامم المتحدة ديريك بلامبلي عقب زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري باسم مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان غلبت عليه نبرة التخوف من الفراغ الرئاسي والتشديد على ضرورة تجنب الشغور. وقد شدد بلامبلي على نقطتين اساسيتين: الاولى “الاصرار على ان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي هو عملية لبنانية بحتة وضرورة ابقائها خالية من التدخل الخارجي”، مشيرا الى ان “لا علم لدينا بأي عقبة خارجية ممكن ان تعرقل حصول الانتخابات بنجاح في الموعد المحدد”. اما النقطة الثانية فهي “التشديد على ان اصدقاء لبنان في المجتمع الدولي لديهم اهتمام كبير باتمام الاستحقاق بنجاح في الموعد المحدد”، داعيا الى “تجنب الشغور في موقع الرئاسة”، وحاضا النواب على “العمل بشكل دؤوب في الايام المقبلة لتأمين انتخاب رئيس في الموعد الذي يحدده القانون”.
وأفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان الأمم المتحدة أكدت أمس أن “الانتخابات الرئاسية في لبنان عملية محليّة صرفة، وينبغي أن تبقى خالية من أي تدخل خارجي”. وأعلنت من جهة اخرى أن القوة الموقتة للمنظمة الدولية في لبنان “اليونيفيل” باشرت تحقيقاً للتثبت من الحقائق المتصلة بالخرق الإسرائيلي الأخير في منطقة الناقورة – اللبونة.
ورداً على سؤال لـ”النهار” عن الإنتهاك الإسرائيلي الأخير للخط الأزرق قرب رأس الناقورة – اللبونة، صرح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأنه “صبيحة الأحد الماضي، وفي مهلة وجيزة، أبلغ الجيش الإسرائيلي اليونيفيل خططا سيقوم بها لأعمال الصيانة على طول الخط التقني في المنطقة جنوب الخط الأزرق في الجانب الإسرائيلي”، مضيفاً أن “اليونيفيل في المقابل أوصلت المعلومات الى الجيش اللبناني، طبقاً لتدابير الإتصال والتنسيق القائمة. ونشرت اليونيفيل دوريات في المكان لمعاينة الأعمال التي يجريها الجيش الإسرائيلي”. وأوضح أنه “في ضوء الهواجس التي أثارها لبنان في هذا السياق، قرر قائد اليونيفيل الميجر جنرال باولو سييرا اطلاق تحقيق للتثبت من الحقائق وملابسات هذه التطورات”، مشيراً الى أن “الوضع في منطقة عمليات اليونيفيل وعلى طول الخط الأزرق لا يزال هادئاً واليونيفيل تواصل عملياتها المعتادة بالتعاون مع الجيش اللبناني”.

أما على الصعيد الداخلي، فبدت ملامح السباق مع خطر الفراغ الرئاسي عبر الحركة الاستثنائية التي تشهدها بكركي حيث كان من ابرز زوارها امس الرئيس امين الجميل الذي خرج من لقائه والبطريرك الراعي ليطلق سلسلة تحذيرات جديدة من الفراغ الرئاسي “ونتائجه الخطيرة جدا خصوصا انه يشكل خللا كبيرا في التوازن الميثاقي في البلد”. كما زار بكركي مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري موفدا من الرئيس السابق للحكومة معلنا “اننا كفريق سياسي نتخوف من الفراغ ولا نعتبره امرا طبيعيا ويهمنا بقاء المكون المسيحي كرمز للبلاد وهو ما نسعى اليه”. ويشار الى ان الرئيس الحريري كان التقى في باريس النائب سامي الجميل.
وقالت أوساط كتائبية ان البطريرك الراعي سأل الرئيس الجميل خلال لقائهما امس: “لماذا لا يتفقون على ترشيحك ما دمت تمد الجسور بين الجميع؟” اما زيارة السيد نادر الحريري لبكركي فقد كانت من اجل تأكيد تيار “المستقبل” انه ضد الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية ومع عدم تعطيل جلسة انتخاب رئيس جديد. وفيما كان نادر الحريري يغادر بكركي كان الجميل قد وصل فكان لقاء عابر على الواقف ضم الجميل والراعي والحريري.
من جهة أخرى، ذكر ان البطريرك تابع خلال الايام الثلاثة الاخيرة التشاور مع المرجعيات الداخلية في شأن فكرة بقاء الرئيس سليمان في منصبه بعد 25 أيار الجاري اذا لم تجر الانتخابات على ان يقترن تعديل المادة 62 من الدستور بعبارة “لمرة واحدة”. فانتهت هذه المشاورات الى عدم الحصول على جواب واضح من رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جانب رفض لهذه الفكرة من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”. اما في ما يتعلق بقوى 14 آذار ودول اوروبا والولايات المتحدة والخليج وايضا روسيا فلم تمانع باعتماد هذا المخرج. في موازاة ذلك، يرى ديبلوماسيون من دول كبرى ان الظروف لا تبدو مؤاتية لاجراء الانتخابات الرئاسية قبل 25 أيار، وان هناك مشاورات فرنسية – اميركية – ايرانية في شأن الاستحقاق.
وعلمت “النهار” ان البطريرك الراعي سيستقبل اليوم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الذي اوضح لـ”النهار” ان اللقاء يدخل ضمن مشاورات يجريها في شأن اقتراح أعده تحت عنوان “عهد وميثاق اخلاقي بين المسلمين والمسيحيين لحماية الوحدة الوطنية” سيعلن بعد ان يوقعه رؤساء الطوائف.

السابق
الفضائيات الشيعية المتطرفة غير مسموح لها بالنشاط في ايران
التالي
منع الفراغ يشغل بكركي: بقاء سليمان مماثل لاستمرار عباس