الحريري – عون: نعم لتحجيم جنبلاط

الحريري عون جـنـبـلاط
نستطيع القول إنّ الحوار بين الحريري وعون بات يُشكل مصدر قلق عميق لزعيم المختارة لا سيما بعد وصوله إلى نتائج ملموسة تمثلت بتشكيل الحكومة بعيداً من تأثيره المباشر ومن دوره المفترض في استحقاق مماثل. ويبدو أنّهما قالا "نعم لتحجيم جنبلاط"، حتّى قبل أن يرتشفا القهوة.

ليس عابراً أن يقول شخصٌ من عيار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ما حرفيته: “الحسنة الوحيدة لتوافق الحريري – عون هي إلغاء دور النائب وليد جنبلاط كبيضة قبّان”. لا سيما وأنّ توقيت هذا التصريح ترك أكثر من علامة استفهام حول ماهية الرسائل السياسية التي أُريد لها أن تصل إلى مسامع جنبلاط القلق من تطور العلاقة بين خصمي الأمس.

فالعلاقة بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تفاعلت على وقع التطورات الداخلية والإقليمية وشهدت مداً وجزراً لتصل في نهاية المطاف إلى خلاصة واحدة مفادها أن الرهان على جنبلاط هو رهان خاسر ومتعب ودونه أرضية متحركة لا تسمح باستقرار سياسي بل تُشرّع الباب أمام منطق الرضوخ لمزاجية زعيم الجبل وتقلباته المحسوبة وغير المحسوبة بما قد يحمله ذلك من عودة دائمة إلى المربع الأول. وبالتالي يمكننا القول إنّ العلاقة مع جنبلاط قائمة وفق المعادلة إياها: “الإيد إللي ما فيك ليها.. بوسها ودعي عليها بالكسر”.

صحيحٌ أن الرئيس سعد الحريري كان يؤكد بشكل دوري ودائم أنّ علاقته بالنائب جنبلاط تتخطى الصراعات والمناكفات السياسية القائمة وبأنّه والعائلة يذكرون للرجل وقوفه الإستثنائي إلى جانبهم لحظة اغتيال الشهيد رفيق الحريري. لكنّه، منذ إسقاط حكومته عام 2011 وما تبعها من تطورات سياسية درماتيكية، ممتعضٌ من ممارساته التي تتخطى دوره وحجمه الطبيعي بحيث أضحى “البحصة” التي تكبح جماح “المحادل الكبرى” على مستوى الساحة الداخلية وارتباطاتها الإقليمية والدولية .

بالإضافة إلى ما تقدم تعاطى جنبلاط مع فريق 14 آذار ومع الرئيس الحريري تحديداً بفوقية نافرة وقد بدا ذلك واضحاً في الكثير من تصريحاته ومواقفه وإطلالاته الإعلامية. فكان مستفزاً لدرجة أن الرئيس الحريري ردّ غير مرّة على كلامه وبعنف غير مسبوق في تاريخ العلاقة بين الرجلين.

هذا الواقع أوجب البحث عن خيارات بديلة لا سيما في ظل الانقسام العامودي بين طرفي الصراع وما نتج عنه من جمود سياسي غير مسبوق. وبناء عليه تُصبح الإيجابية واضحة في الحوار بين الحريري وعون كونها تفتح كوّة لا بأس بها في الجدار الكبير وتؤسس لحالة جديدة من العمل السياسي العابر للاصطفاف القائم ولما يمثله جنبلاط من كفة وازنة ومتنقلة بين ضفة وأخرى.

نستطيع القول إنّ الحوار بين الحريري وعون بات يُشكل مصدر قلق عميق لزعيم المختارة لا سيما بعد وصوله إلى نتائج ملموسة تمثلت بتشكيل الحكومة بعيداً من تأثيره المباشر ومن دوره المفترض في استحقاق مماثل. ويبدو أنّهما قالا “نعم لتحجيم جنبلاط”، حتّى قبل أن يرتشفا القهوة.

السابق
الجيش يوقف شقيق زياد علوكي في طرابلس
التالي
بيان لجنة الحوار الوطني يستوضح التصريحات الإيرانيه المعارضة للسيادة