بوحي من الإخوان والمشنوق: الرئيس عون لن يكون عون

ميشال عون
"الإخوان المسلمون" فلقونا بالحديث عن إلغاء معاهدة كامب دايفيد. ونهاد المشنوق كان أكثر الصارخين بوجه حزب الله، وحين صار وزير داخلية صار وفيق صفا صديقه الحميم. وميشال عون الرئيس لا يشبه ميشال عون الذي عرفناه دوماً. وصوله إلى الكرسي الأوّل سيفرض تغيرات جذرية على مستوى الجمهورية برمتها وسيشكل بداية جديدة تُخرج البلد من عنق الزجاجة وتنقل المعركة إلى حيث يجب.

قبل البحث في سيناريو مماثل لا بد أن ننتقل هنيهة إلى تجربتين تحمل كلٌ منهما دلالة واضحة في شكلها ومضمونها، الأولى تتعلق بتجربة “الإخوان المسلمين” في مصر والثانية بوزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق.

الإخوان انتظروا عقوداً مريرة ليحكموا مصر واضعين في ركاب هذا الهدف كل غالي ونفيس، مرتكزين إلى تعبئة شعبوية تستحضر بشكل دائم علاقة مصر بالولايات المتحدة وإسرائيل لا سيما لجهة الحديث المتواصل عن ضرورة إلغاء معاهدة كامب ديفيد وإغلاف السفارة الإسرائيلية في القاهرة وطرد السفير. لكن أيّاً من ذلك لم يحدث فقد حكموا مصر وشيئاً لم يتغير أقله على صعيد العلاقات الخارجية والمعاهدات الموقعة.
نهاد المشنوق هو أحد  أكثر المتشددين تجاه حزب الله في صفوف تيار المستقبل وقوى الرابع عشر من آذار. كانت له صولات وجولات في مقارعة هذا الحزب على الأصعدة كافة وقد وصل الأمر إلى حد اتهامه بالعمالة من قبل النائب نواف الموسوي أثناء جلسات الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وهو لم يترك موقفاً “يعتب عليه”. كان السّباق دوماً إلى شحذ الهمم ورفع المعنويات وتسعير الخطاب بوجه حزب الله. لكنه ما إن شغل منصب وزير الداخلية حتى أصبح مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا رفيقه الدائم ومساعده الأول!
الشاهد من التجربتين – رغم الفوارق – يتلخّص بمحصّلة واحدة مفادها أن للموقع شروطه وأن الإلتزام بها يفترض الإقلاع عن الشعبوية والانتقال إلى الواقع. فلا إمكانية لحكم مصر إنطلاقاً من الشعارات الرنانة بل عبر العودة إلى ما تمليه المصلحة العليا للدولة. هذا الأمر ينطبق أيضاً على الوزير المشنوق ومن يقف خلفه.

بالعودة إلى السؤال المركزي: ماذا لو أصبح ميشال عون رئيساً ؟

حينما يصبح ميشال عون رئيساً يكون أمام خيارين لا ثالث لهما, إما أن يدير الأزمة وفق منطق أبو ملحم، وهذا ما لا يتقنه عون ولا يحبّذه، وإما أن يدير الدولة وفق شروط الدولة، ما يعني اصطداماً حتمياً بحزب الله.

فماذا لو كان عون رئيساً حينما أُرُديَ سامر حنا؟

ماذا لو كان عون رئيساً عشية السابع من أيّار؟

ماذا لو كان عون رئيساً يواكب حرب تموز واجتياح سوريا وحماية المراقد والأمن الذاتي والقمصان السود؟

ماذا لو كان عون رئيساً يتابع خطاب “القديسين الأربعة” أو محاضرة “الذهب والخشب”؟

ماذا لو كان عون رئيساً يتلقف الأخبار المرعبة عن شبكة سماحة – المملوك؟

ماذا لو كان عون رئيساً حينما تناثر جسد وسام الحسن فوق سطوح بيروت؟

ماذا لو كان عون رئيساً حينما سُرق شبلي العيسمي وجوزيف صادر من غرفة نومهما؟

بالإجابة عن هذه الأسئلة وبالإستناد إلى ما تقدم وبناءً على كافة المعطيات المتاحة نستطيع القول بأن ميشال عون الرئيس لا يشبه ميشال عون الذي عرفناه دوماً وأنّ وصوله إلى الكرسي الأول سيفرض تغيرات جذرية على مستوى الجمهورية برمتها وسيشكل بداية جديدة تُخرج البلد من عنق الزجاجة وتنقل المعركة إلى حيث يجب.

السابق
مع نيشان بمليون دولار
التالي
عبيد: جنبلاط يقود خلفية سياسية بالتفاهم ضمنا مع بري والسنيورة بالإستحقاق