رفـْض كبارة التصويت لجعجع… إنذار للحريري

تعيش مدينة طرابلس راهناً حالاً من التهدئة، ولم تصل إلى حد الاستقرار التام، فهو رهن بنجاح إتمام تسوية سياسية تنهي الصراع الأميركي – الروسي – الإيراني في المنطقة، في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سورية والعراق، لا سيما بعد إجراء الاستحقاقيْن الرئاسي والبرلماني في البلدبن، وما ستُفضي إليه المفاوضات بين الغرب وإيران بشأن برنامجها النووي، وبالتالي فإن أي تصعيد بين المحاور المؤثرة في المنطقة سينعكس سلباً على مجمل الأوضاع في لبنان، خصوصاً الوضعين الأمني والسياسي.

وتحسُّباً لأي تصعيد محتمَل، لم يتم تفكيك كل المجموعات المسلحة في طرابلس من قبَل مشغليها، وإن يكن تمّ سحبها من التداول في الوقت الراهن، وصدرت مذكرات توقيف قضائية في حق “قادة المحاور” وأتباعهم، لكن لم ينفَّذ منها إلا الجزء اليسير، الأمر الذي لم يُلغِ حال التخوف لدى المواطنين من انفجار الوضع الأمني في طرابلس مجدداً، خصوصاً لدى طبقة المستثمرين والتجار، فرغم استتباب الأمن في الفيحاء راهناً، غير أن هذه الطبقة لم تجرؤ على ضخ الأموال في الأسواق الطرابلسية قبل التأكُّد من ثبات الاستقرار، بحسب مصادر متابعة للحركة التجارية في عاصمة الشمال.
ولا شك أن المجموعات المسلحة ومشغليها غير قادرين على أداء أي دور استراتيجي في لبنان والمنطقة، خصوصاً بعد سيطرة الجيش السوري على المعابر الحدودية مع لبنان، وقد يكون وصل رعاة المسلحين في لبنان إلى الاقتناع بذلك، بدليل تخلّي فريق “المستقبل” عن شعارته السابقة المتعلقة بالعلاقة مع “حزب الله”، كضرورة انسحابه من سورية قبل الجلوس معه في حكومة واحدة، وما إلى ذلك، غير أن هذه الشعارات غدت “حبراً على ورق” وسقطت فور حصول “الفريق الأزرق” على حصة وازنة في “الحكومة السلامية”، إضافة إلى ذلك التنسيق بين “حزب الله” و”المستقبل” جارٍ على “قدم وساق” في شؤون أمنية عدة، كان آخرها تأمين خروج آمن لمن يرغب من أهالي بلدة “الطفيل” البقاعية المتصلة بمنطقة “القلمون” السورية.
لكن من المؤكد أن المجموعات المذكورة قادرة على تسخين الساحة الداخلية والعبث بالأمن وإثارة النعرات المذهبية كردّ على فريق المقاومة، الحريص على العيش الواحد.
وبالإضافة إلى احتمال انفجار الوضع الأمني في “طرابلس”، لا شك أنها مقبلة على مرحلة اشتباك سياسي بين “المستقبل” والرئيس نجيب ميقاتي من جهة، وبين “الحريريين” فيما بينهم من جهة أخرى.
ومن المؤكد أن الحريري سيسعى بكل ما بوسعه إلى تحجيم ميقاتي خوفاً من عودته مرة جديدة إلى “السرايا الكبيرة”، وما يساعد الحريري في حربه هو تخلي فريق “8 آذار” عن ميقاتي، بسبب أدائه في الحكومة السابقة.
إلى ذلك، هناك صراع حفي داخل البيت “المستقبلي”، لا سيما بعد ولادة الحكومة الجديدة وتوزير اللواء أشرف ريفي ورشيد درباس، وورود معلومة تقول: “إن الحريري وعد النائب السابق مصباح الأحدب بأنه سيكون على لائحته في الانتخابات النيابية المقبلة”، ما يؤشر إلى أن طرابلس ستشهد تركيبة نيابية جديدة، لا سيما لدى أعضاء كتلة “المستقبل”، في حال حصلت الانتخابات.
يبدو أن هذا الوضع المستجد دفع بالنائب محمد كبارة إلى تكريس موقفه السابق الرافض للعفو العام عن رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، من خلال عدم التزام النائب الطرابلسي بقرار كتلة “المستقبل” التصويت لجعجع في الانتخابات الرئاسية، لارتكابه جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي، ولاعتبارات طرابلسية.. لكن لا ريب أن قرار كبارة الأخير يعكس بوضوح صورة الصراع داخل “البيت المستقبلي”، ويحمل في طياته إنذاراً مبطّناً إلى الحريري بعدم إجراء أي تعديل على لائحة أسماء مرشحيه في الفيحاء يستبعد من خلاله كبارة.

 

 

السابق
صقر ادعى على قائدي محور بجبل محسن والتبانة و53 فاراً من وجه العدالة
التالي
تريسي شمعون: إذا بقي جنبلاط على موقفه في الإنتخابات سيوصلنا الى الفراغ