البناء : جنبلاط يرشح غانم والقوات تراها مضاربة على الحريري تمهيداً للجميّل

رئيس الحزب التقدمي اﻻشتراكي

كتبت “البناء” : بين المناقشات الجارية في ساحة النجمة والقلوب الموزعة على استرضاء المصارف والشركات العقارية، أو العقول المنصرفة لإرضاء الضمير، تبقى العيون إلى بعبدا وقبة البرلمان دائماً هي المكان لإنتاج أو تظهير، ما ينتج للبنانيين في مطابخ الداخل حيناً والخارج أحياناً. 

حتى اللحظة يبدو استحقاق الرئاسة كما استحقاق سلسلة الرتب والرواتب بين أيدي اللبنانيين وحلبة التنافس والمواجهة في ساحة النجمة بين أيدي نواب الأمة، الذين يفترض أنهم آتون للسياسة وفقاً لخيارات وتاريخ ورؤى تسهل عليهم القرار في الاستحقاقين الأهم اللذين يواجههما أي برلمان في أي بلد.

وحده النائب اللبناني يتعب ويشقى في الخيار، ليس لأن لبنان يختلف في التحديات والمعايير التي تفرضها مقاربة مثل هذه الاستحقاقات، بل لأن الاختيارات في برلمانات العالم تكون محسومة في عقل النائب ووجدانه ومعلومة وقابلة للتوقع من ناخبيه كما من المراقبين، إلا في لبنان حيث التورية وتعدد الولاءات يحكمان خيارات كثير من النواب، وفي غالب الأحيان يريحهم الاستناد إلى وسادة كلمة السر المنتظرة فيحتارون لأنها تأخرت، وليس لأنهم يفتشون عن التوازنات وجداول المقارنة بين الخيارات ودراسة الاحتمالات.

النواب في مقاربة سلسلة الرتب والرواتب يبحثون عن تسوية ترضي ناخبيهم المنتمين في أغلبهم لفئات ذوي الدخل المحدود المنتظرين منذ سنوات إقرار السلسلة، وبين صيغة ليس سقفها دائماً قدرة الموارد على تغطية الاحتياجات، بل عدم إغضاب التكتل الاقتصادي المتشكل من المصارف والشركات العقارية والضاغط بقوة للتهرب من المساهمة في تمويل السلسلة، تحت شعارات وهمية عن الاستعداد لتقديم بدائل.

المصارف بلغة الأرقام المتعلقة بموجباتها وفقاً لما يتداوله النواب لم تنتظر التمنيات والوعود فاتخذت قرارها بتوجيه إنذار للنواب عبر قرار التوقف عن العمل ليوم واحد، والنقابيون عبر هيئة التنسيق يعلقون وفقاً لمصدر نقابي قال لـ “البناء” ليل أمس هل سنسمع من النواب كلاماً من نوع، أن المجلس لا يشرع تحت الضغط كما سمعناها يوم نزلنا للشارع طلباً للإنصاف؟

وجواباً على إضراب المصارف قال الرئيس نبيه بري كما نقلت مصادر نيابية لـ “البناء” أنه لن يتراجع عن موقفه من آلية تمويل السلسلة التي اتفق عليها مع حاكم مصرف لبنان.

جلجلة السلسلة تبدو مستمرة على رغم وضوح الاتجاه للإنجاز وتلاقي كتل أساسية على حسم خيارها لصالح تأمين التمويل اللازم للسلسلة بأقل الأضرار الممكنة، وفي المقدمة كتلة التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة والمردة والقومي والبعث والاشتراكي، مقابل ارتباك واضح في كتلة المستقبل المدافعة عن مصالح المصارف والشركات العقارية، ومساعي تكتل التغيير والإصلاح من موقع رئيس لجنة المال والموازنة الوصول للتسويات.

الحل الأقرب صار ليل أمس جاهزاً للتظهير في جلسة اليوم، بصيغة تجزئة عائدات السلسلة المتراكمة على ثلاث سنوات بدلاً من خمسة، مع اعتماد مصادر الدخل التي أقرتها اللجان النيابية لجهة ما يجب أن يتوزع العبء فيه بين مداخيل يوفرها ما سيفرض من ضرائب على اللبنانيين، والمشاركة بالعبء التي فرضت على المصارف والشركات العقارية.

أما على ضفة الاستحقاق الرئاسي، فيبدو أن الحسابات داخل قوى الرابع عشر من آذار المتململة من ترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قد وجدت ضالتها في الخطوة الجنبلاطية التي تمثلت بالتنسيق مع الفرنسيين على تبني ترشيح النائب روبير غانم، كمرشح وفاقي كما قال غانم في تمييز ترشيحه عن الرئيس التوافقي الناجم عن تسوية، مؤكداً وقوفه في خيار انتقائي يشبه خطاب جنبلاط بين قيم ومبادئ الرابع عشر والثامن من آذار، فهو مع المقاومة في مفهوم الثامن من آذار ومع السيادة في مفهوم الرابع عشر منه.

جنبلاط كلف من يجس له النبض لدى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بترشيح غانم الذي تربطه علاقة جيدة بالحريري، كما ينوي استمزاج الرئيس نبيه بري بإمكانية فتح الطريق لجلسة النصف زائداً واحداً قبل نهاية الشهر ليكون الطريق سالكاً لرئيس على طريقة عام 1970، حيث وصل الرئيس الراحل سليمان فرنجية بفارق صوت واحد لسدة الرئاسة، كان لوالد جنبلاط دور رئيسي فيه، بمجرد التزام النواب بالفصل بين تأمين النصاب والاتفاق على شخص الرئيس، بينما ترى مصادر مقربة من رئيس القوات أن مسعى جنبلاط يهدف لتعزيز الطلب على أصواته كناخب مرجح في تأمين النصف زائداً واحداً، على حساب تيار المستقبل كناخب حاسم في أكثرية الثلثين، ولا تخفي المصادر شكوكها بوجود قطبة مخفية بتمرير الرئيس السابق أمين الجميل بتوافق يقوده جنبلاط ويسعى لتسويقه سراً بعدما رشح غانم علناً.

السابق
جعجع : هذا هو عرضي لـ«حزب الله»
التالي
السوريون.. أكثر الشعوب حزناً