أين دور الشباب في الندوات والمؤتمرات واللقاءات العامة؟

لماذا يغيب دور الشباب عن حضور المؤتمرات والندوات واللقاءات الاسلامية هذه الأيام في لبنان؟ ولماذا تغوص اللقاءات في هذه المنابر الاجتماعية في تفاصيل كثيرة لا فائدة ولا ضرورة لإثارتها هذه الأيام؟ وهل ثمة أفكار يتم العمل على إثارتها لإشراك الجيل الجديد من الشباب في خلافات لا طائل منها ولا نتيجة لها عملياً؟

أسئلة كثيرة تطرح بعدما صار حضور ندوات وحوارات ولقاءات المنتديات الإسلامية يقتصر على من هم فوق الخمسين من أعمارهم وصار الملفت فيها غياب الشباب عنها وفيما يلي بعض الآراء حول هذه القضية:

الشيخ خليل الميس
> مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس قال:
– الحقيقة للجسد قوة وقدر على الإحتمال وعلى القيام بالدور اللازم في خدمة الأمة ورسول اللهصلى الله عليه و سلم أشار إلى ذلك مرات عدة في حديثه عن دور الإنسان في خدمة الأمة وعن دور الشباب في القيام بذلك، وفي اعتقادي إن الإنسان عندما يصل إلى سن معينة يفتقد القدرة على العطاء بالشكل الذي كان عليه في سن الشباب ولهذا فمن الأفضل أن يقدم الإنسان على المشاركة في حضور هذه الندوات والحوارات في سن الشباب لأن ذلك يدفعه إلى العمل والعطاء بصورة أكبر وقدرة أكبر.
المؤسف هذه الأيام وعلى ما نشاهد أحيانا ونسمع أحيانا أخرى ان الشباب انشغل عن هذا الدور المتقدم والهام والطليعي بانشغالات أخرى أقلها السعي للعمل في خدمة الأسرة وبالتالي صار لاهثاً خلف أموره اليومية ومشاكله التي لا تنتهي كما توسعت هذه الانشغالات لتطال مجالات شتى أولاً من الشباب في الحصول على الفرص الأفضل التي يتمنونها ويسعون إليها سعياً للتمكن والقدرة على القيام بواجبات الأسرة.
هذه الأمور أبعدت الشباب قليلاً عن أدوارهم المطلوبة في خدمة الأمة ودفعت بهم إلى البعد عن المؤتمرات والندوات والجلسات الفكرية المعتادة بعدما استبدلوها بالسعي إلى الأفعال بعدما تركت الأقوال تأثيرات سلبية في حياتهم وباتوا يرون فيها تكراراً واجتراراً للماضي الذي عاشوه والذي لم تحقق فيه الأمة أي عملية انتقال نحو الأفضل والأحسن وبالتالي خف اقبالهم على هذه الندوات والمؤتمرات وباتت من الأمور التي يبتعدون عنها ولو كانت كل الفوائد فيها، لأنهم يعتبرون هذا التكرار بلا فائدة ولا مصلحة لهم فيه.
من جهة أخرى فقد كررت المؤسسات الفكرية التي تدعو لمثل هذه الندوات، ندواتها وأقوالها ودعواتها دون أن يبصر الشباب أي دور متغير نحو المصلحة العامة أو فيه الفائدة للمصلحة العامة ولذا فهم يغيبون عن هذه الندوات والمؤتمرات ويكفّون عن حضورها هذه الأيام بالمستوى الذي كانوا يقبلون عليها في سابق الأيام.
المشكلة اليوم اذا، ترتبط بعدة أمور أساسية لا بد من تحققها للانتقال من حالة الإنكفاء عن المؤتمرات والندوات الى حالة الحضور والمشاركة وهي:
أولاً: اختيار الأفكار الجديدة القادرة على استقطاب الشباب إلى حالة حوار مفتوح يستمعون فيها إلى آراء المختصين ويشاركون فيها بإبداء آرائهم.
ثانياً: السعي إلى اطلاق أفكار جديدة تستهوي الشباب للمشاركة كما بات يحصل عندنا ساعة انتشر موضوع الفايسبوك وما يشابهه عبر الانترنت فصار موضع اهتمام الشباب ومشاركاتهم.
ثالثاً: اختيار الموضوعات الأكثر جدية والتي تتناسب مع أعمار الشباب وظروفهم واهتماماتهم واختيار المحاضرين القادرين على استقطاب هذا الجيل لا أن يبقوا ويبقى حضورهم مجرد حالة تكرار للماضي.
رابعاً: اختيار المنابر القادرة على استقطاب ومشاركة جيل الشباب وخاصة في المناطق المتشوقة إلى مثل هذه الندوات والحوارات والمشاركات،.
خامساً: الاعتماد على الوسائل المعاصرة كالانترنت وسواه من أجل نقل هذه المشاركات إلى الأعداد الأوسع من الشباب والمناطق.
المفتي دلي
> مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن دلي قال بدوره:
– ليس بالغريب أو العجيب أن نتابع الندوات والحوارات واللقاءات الاسلامية فنرى حضورها حكراً على أعمار الخمسين وما فوق وكأن لا دور للشباب في هذه المناسبات مع أن الشباب هم الأكثر تطلباً وسؤالاً عن هذه اللقاءات وعن الأسئلة والاجابات التي تكون محور التداول فيها. في اعتقادي ان هناك أموراً كثيرة هي الدافع وراء انشغال أو ابتعاد أو نكران الشباب لها وأول هذه الأمور ان كثيراً من الأفكار والنقاشات التي تطرح تدور في إطار التبشير السياسي والترويج لأفكار وشخصيات معينة بدل أن تكون الطروحات في اطار اهتمامات الشباب واحتياجاتهم أو أفكارهم على الأقل كما ان بعض المنابر اتخذت لها صفة وعرفتها الناس بها ولا تزال تدور حول هذه الصفة فيما المطلوب ان تكون خارج هذه الصفات المحددة، والمؤطرة، وذات الطابع المعروف فيما الجيل الشاب هذه الأيام يسعى إلى الابتعاد عن الصفات المسبقة التي تؤدي إلى اتهامات مسبقة ضدهم هم في غنى عنها.
يضاف إلى ذلك ان الندوات والمحاضرات والحوارات تتطلب خبرات معينة وهذه الخبرات تحتاج إلى ان يكون أصحابها من سن معينة تتيح لهم اطلاقها والحديث عنها نتاجاً لخبرات محددة ومعينة فيما جيل الشباب يبحث عن دور لنفسه أو لمن هم في عمره ونادراً ما يتقبل الكبار في السن وآراءهم وينظر إليهم كتكرار للماضي.
إذن، أن أي محاولة مرجوة لإستقطاب الشباب إلى المؤتمرات والندوات واللقاءات لا بد لها من أن تأخذ بعين الاعتبار والتقدير احتياجات الشباب وأفكارهم ومشاركاتهم جنباً إلى جنب مع سواهم من المحاضرين الأكبر سناً لأن ذلك يثمر تفاعلاً أشمل وأوسع وأكثر في الموضوعات والمناقشات المطروحة وكلما ازدادت أعداد الشباب بين الحضور توسع النقاش وازداد الحوار ألقاً وحضوراً وربما كان أكثر حرارة من مؤتمرات هذه الأيام. أقول أيضًاً، انه لا بد من طرح القضايا ذات الحضور الأكبر والأوسع رغم مخاطرها لأن للشباب آراء تختلف كثيراً في بعض الأحيان عن آراء الشيوخ وكبار السن وان لم تكن أفضل أو أحسن أو أكثر مصلحة للشباب لكنه جيل وللأسف لا يرضى بالرأي الآخر إلا اذا وجد فيه الغطاء لطموحاته وأفكاره وتطلعاته وأي ندوة أو حوار أو مؤتمر أو لقاء اسلامي لا يأخذ بعين الاعتبار وبروح المسؤولية مصلحة الشباب غير قادر على استقطابهم، ولم تشملهم أو القدرة على جمعهم، وهذا أمر نلحظه في الندوات والمحاضرات واللقاءات التي ندعى إليها أو نشارك بها أو نستمع إليها أو نشاهدها عبر الشاشات الصغيرة وهذه مسألة تدفعنا دوماً للتساؤل حول أهمية الموضوعات المطروحة؟ وأهمية المنابر المختارة للحوار؟ ومدى قدرة المحاضرين على التحدث بحرية في الموضوع مثار النقاش؟ ولنكن صريحين: لا بديل عن الحوار المفتوح الصريح الواضح الا الحوار المفتوح الواضح والصريح وأي بديل عن ذلك هو اضاعة للوقت والمال والجهد بلا طائل.
د. القوزي
> د. محمد علي القوزي أستاذ التاريخ في جامعة بيروت العربية قال:
– الحقيقة ان ثمة أموراً كثيرة هي مثار اهتمام جيل الشباب هذه الأيام وهي قادرة على استقطابهم للمشاركة في الندوات واللقاءات والحوارات من أصغر الأمور وأقلها لفتاً للإنتباه إلى أخطرها وأوسعها وأشملها وهذا ما تسعى إليه هذه الأيام على ما نرى المنابر الجامعية والمنتديات الطلابية الجامعية ونتابعه من حين إلى آخر في جامعاتنا ونعجب للجهد الذي يبذله الشباب لتقديم كل جديد فيه.
ولكن في الوقت نفسه ثمة بدائل تطرح وتثار ردود الفعل حولها في محاولة لجعل هذه الأقكار موضع الاهتمام عند جيل الشباب وهو ما يتحقق عملياً، لكن بعض القضايا تشهد انشغالا مصطنعاً يعمل على الاطاحة بالفكرة الأساس التي نحن بأشد الحاجة الى توضيح حقائقها، فعلى سبيل المثال ثمة انتشار واسع عربياً وحتى أوروبياً لنشر صورة مسجد الصخرة كلما كان الحديث أو الخطب أو المؤتمرات تعود حول المسجد الأقصى في حين ان المسجد الأقصى نفسه بات مهدداً بالزوال وابهار الناس وعقولهم حول موقع آخر، وهذه قضايا تستحق الإضاءة عليها والحوار عنها حتى تترك تأثيراتها على ردود الأفعال المرتقبة فيها لو قام العدو بمثل هذا العدوان عليها وفي ذلك الكثير وأمثاله أكثر فعلى سبيل المثال فإن أشغال الغرب ببابا نويل حوّل الاهتمام عن الحياة المسيحية الصحيح في الغرب وأشغالنا بالصراعات المذهبية والحزبية حوّل الاهتمام عن الإنشغال بالمواقف الإسلامية الصحيحة وإشغالنا بالربيع العربي، حوّل الأنظار عن القضية الفلسطينية وهلم جرا.
إذن، أي حوار يتطلب معرفة المنبر، والمحاضر، والقضية لنعرف مدى اهتمام الشباب بحضور تلك المحاضرات ومشاركتهم فيها وقدرتها على التأثير في هذا الشباب وتعزيز دوره في المجتمع الاسلامي في هذا المرحلة، ولنكن مدركين للواقع لنقول: هذا الجيل واع لما أصابه، واع لواقعه الذي يعيشه، واع للأفكار المطروحة، لكنه يتخبط في مواقفه نتيجة فقدانه للثقة في الشعارات المرفوعة خلف كل قضية ولذا فهو بحاجة ماسة إلى هذه اللقاءات والمؤتمرات وإلى الصراحة المباشرة مع هذا الجيل لاستقطابه ودفعه للمشاركة من جديد نقول ان الحاجة ماسة الى:
– حسن اختيار المنبر
– التنبه للحوار الذي ندعو الشباب إليه
– دعوة أهل الاختصاص للمشاركة بالحوار
– اختيار المحاور الأقرب إلى جيل الشباب
– البعد عن الآراء المتشنجة وسط الشباب.
د. سعد الدين
> الدكتور محمد منير سعد الدين قال بدوره:
– الحوار مطلوب بين جيل الشباب من المسلمين وخاصة في أوساط الجامعيين لأنهم أكثر وعياً وادراكاً ومعرفة بالواقع الذي يعيشونه ولأن بعض القضايا صارت تمرر أساليب هادئة وصامتة ودافعة للتساؤل!
لكن تناول قضايا الشباب بصورة خاصة لا بد وان تتناسب مع معايير وضوابط معينة حرصاً على واقع هذا الشباب المسلم المثقف والمهدد في حياته ووجوده ودوره ومجتمعه حتى لا يصير أسير مصطلحات مصطنعة تهدد في وجوده ومستقبله، فقد صرنا هذه الأيام أسرى مصطلحات مثل الشرق الأوسط، والشرق الأدنى، والتطبيع، والارهاب، وسواها والتي ما ان يدخل الشاب من أي باب منها حتى يرى نفسه ضحية شعارات فضفاضة تحاصره من كل جانب وتجعل من الضياع قضية ذات اهتمام واسع ومن القضايا الوطنية والقومية والإسلامية شعارات فارغة من المضمون في أحايين كثيرة.
ولا بد من أن نحدد قبل أي خطوة تجاه الشباب:
– إلى من نتوجه بالحوارات؟
– أي القضايا الأكثر اهتماماً؟
– أي المتحدثين أكثر ارتباطاً بالقضية المطروحة؟
– ما مدى ارتباط الشباب بها؟
– أي المنابر أكثر استقطاباً للشباب؟
القضية اذاً ليست مسألة دعوات توزع ومنابر تستقبل متحدثين وحوارات تدار بل هي في الأساس تتطلب أهل اختصاص في تفاصيل كل قضية، لأن بعض المنابر يمكن ان تتحول إلى أدوات تلاعب بعقول الناس وكلما دخلت الحوارات في التفاصيل صار دور الشباب أن يكون أشد وعياً لما يحيط به من أمور في كل تفاصيلها وصارت المنابر أكثر استقطاباً للشباب

السابق
هل يحق لرجل الدين ما لا يحق لغيره؟
التالي
قوى الامن دعت الاعلاميين للقيام بجولة على الحواجز في البقاع