من هو السيسي؟ وهل سيحرقه كرسي رئاسة مصر؟

من هو السيسي؟ وكيف تماهى مع صورة الزعيم جمال عبد الناصر، وصوّر نفسه المخلّص من نير حكم مبارك وحكم الإخوان المسلمين، ورقّى نفسه إلى رتبة "مشير"، ورشّح نفسه رئيسا لمصر؟ لا يختلف اثنان على أنّ المشير عبد الفتاح السيسي سوف ينجح بمسعاه ويصبح رئيسا للجمهوريّه في مصر بفعل أمر واقع صنعه هو بنفسه مستعينا بآلته العسكرية المهابة، لكن ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ وهل سيحرقه كرسي رئاة مصر، كما أحرق 3 رؤساء من قبله في 3 سنوات؟

أعلن وزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي استقالته من منصبه وخلع البزة العسكرية وترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال المشير في كلمة متلفزة إنّه يقف لآخر مرّة بالزيّ العسكري، مشيراً إلى أنّه مثلما ارتدى هذا الزيّ للدفاع عن مصر، سيبقى مدافعاً عن مصر من دونه. وتابع إنّه لن يستطيع أحد أن يكون رئيساً لمصر إلا بإرادة الشعب المصري، مؤكداً استعداده لأن يكون في أيّ موقع يريده الشعب.

منذ اطاحته للرئيس محمد مرسي في تموز 2013 بدأت تطرح تساؤلات عما إذا كان عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع، سيعيد عقارب الساعة إلى الحقبة الناصرية.

تقول مجلة فورين بوليسي: “منذ ذلك الوقت أصبح (الرئيس الراحل جمال) عبد الناصر فجأة فى كلّ مكان، فالبائعون فى الشوارع يبيعون صور عبد الناصر، والمشاركون فى المظاهرات المؤيدة للجيش يرفعون صوره إلى جانب صور (السيسى)، مرددين السيسى رئيسي”.

ويجمع العالمون في السياسة المصريّة إنّه لا مجال للمقارنة بين ثورة الضباط الأحرار عام 1952 التي أطاحت بالملكيّة بقيادة النقيب جمال عبد الناصر “البغباشي”، وبين انقلاب أبيض قام به وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلّحة إثر مظاهرات معادية للرئيس المخلوع الثاني “الإخواني” محمد مرسي، الذي أتى كرئيس منتخب بعد الرئيس المخلوع الأول حسني مبارك بعدما أطاحت به ثورة 25 يناير 2011.

لسان حال ناشطين معارضين لترشّح السيسي أمنيات بألا “يورّط السيسي الجيش في العملية السياسية، خصوصا أنّه وكلّ قادة القوات المسلحة أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم لن يسمحوا بتولي أحد قيادات الجيش السلطة، حتى لا يُقال إن المؤسسة العسكرية تحركت في 3 يوليو من أجل مصالح شخصية”.

لكن هل يوجد  مكان في مصر لـ”عبد الناصر” جديد؟

التجربة الناصريّة القوميّة استنفذت بالطبع. وظهرت الوحدة القوميّة على أنّها وهم حقيقي وليست حقيقة. فلا يوجد قطر عربي حاليا الا وهو على خصام مع قطر عربي آخر، كما ظهر أن الهاجس الحقيقي للشعوب العربية هو التحرر من حكامها المستبدين كما جرى ويجري في تونس وليبيا واليمن وسوريا وحتى مصر، إذ يخشى شعبها الذي ثار على حسني مبارك وخلعه، ثم ثار لعى مرسي وسجنه، أن يكون مضطرا بعد حين الى الثورة على “العسكر” كما يقولون وقائدهم المشير عبد الفتاح السيسي.

فالسيسي سخّر ويسخّر، بحسب الناشطين المصريين، أجهزة الدولة الأمنيّة والعسكريّة والإعلاميّة في سبيل دعم ترشيحه لانتخابات الرئاسة المصريّة. وبدأ بقتل معارضيه من “الإخوان المسلمين” وغيرهم ولارح يزجّهم في السجون مذكّرا الشعب المصري بأيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وهو تفوّق عليه في كثير من النواحي، كما أظهر عدم نضج سياسي على الصعيد الداخلي والخارجي، وما الحكم المتسرّع الذي صدر باعدام 528 عضوا في “الإخوان المسلمين” سوى دليل فاقع على سوء تصرف النظام العسكري وعدم وعيه لما سيجرّه ذلك على سمعته عالميا وحنق شعبي محلي.

فالدول الغربيّة صدمت وعدّت هذا الحكم القضائي الأرعن أشبه بمجزرة، كما أنّ هذا من شأنه أن يعيد التعاطف في الشارع المصري مع “الإخوان المسلمين”، الذين يشكون مظلوميتهم منذ الاطاحة بالرئيس مرسي، ويتظاهرون بشكل يومي تقريبا وتنسب اليهم اعمال عنف مسلّحة في طول البلاد وعرضها.

بعدما تماهى السيسي مع صورة الزعيم جمال عبد الناصر، وصوّر نفسه المخلّص من نير حكم مبارك وحكم الإخوان، ورقّى نفسه إلى رتبة “مشير”، ورشّح نفسه رئيسا لمصر، لا يختلف اثنان على أنّ “عبد الفتاح السيسي” سوف ينجح بمسعاه ويصبح رئيسا للجمهوريّه في مصر بفعل أمر واقع صنعه هو بنفسه مستعينا بآلته العسكرية المهابة، التي “سوف تخلّص الوطن من واقع مزر أُنهك بفعل ثورات متتالية”.

ولكن مذا سيحدث في اليوم التالي لمجيء هذا المخلّص العسكري؟ هل سوف يقود البلاد الى العصر الجديد، نحو الحريّة والديموقراطية والعدالة، أم لن يرقى بها لأرفع من مستوى مشير أتى بانقلاب عسكري؟

 هنا تكمن المسألة، وهناك في الشارع من سوف يرقب ويحاسب. و الجواب عند الشعب المصري.

السابق
أهالي جبل محسن ينثرون الأرزّ على العشرات من اهالي التبانة
التالي
الثنائي الشيعي اتفق على أسماء مرشيحه