الاغتصاب الزوجي جريمة ضدّ الإنسانية ترفضها الأديان

الاغتصاب الزوجي

ليس منطقياً ان ننتظر اثباتاً او تشريع ابواب غرف النوم المقفلة لنتأكد ان الاعتداء الجنسي وفعل العنف حاصلان، خصوصاً على صعيد الاغتصاب الزوجي. واذا كانت السيدة بوبيت قطعت العضو الذكري للسيد بوبيت في عام 1993 في الولايات المتحدة، لأنه لم ينتظرها أبداً للحصول على النشوة خلال ممارسة الجنس، فنحن لا نطلب هذا الترف، بل كفّ العنف الاسري، مع تذكير المعنفات لما جاء في المادة 557 من قانون العقوبات اللبناني: “في ايذاء الاشخاص اذا أدى الفعل الى قطع او استئصال عضو او بتر احد الاطراف او الى تعطيل احدهما او تعطيل احدى الحواس عن العمل او تسبب في تشويه جسيم او اي عاهة اخرى دائمة، او لها مظهر العاهة الدائمة، عوقب المجرم بالاشغال الشاقة الموقتة عشر سنوات على الاكثر”. اي قد تكون العقوبة اقل من ذلك وفق المعطيات، وليست اشغالا شاقة مؤبدة.

ويمكن اثبات حدوث الاغتصاب ولو كان في غرفة نوم مقفلة، وذلك على الاقل من وجهة نظر طبية، وفي الامكان برهنة اثار العنف الناتج عن الاغتصاب الزوجي. فمن الناحية الطبية قال الاختصاصي في الطب النسائي والصحة الجنسية الدكتور فيصل القاق ان التقويم الطبي والاجراءات الطبية يستندان على الادلة المتأتية من اثار تعنيف جسدي وجنسي، وبالتالي فإن الدليل الذي اصدرته منظمة الصحة العالمية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي يحتوي على بروتوكولات تستخدم للتقويم الصحي والنفسي والطبي لضحايا الاغتصاب، الذي يحوي على مقاربة ضحايا العنف الجنسي وعلاجهم، يشرح بصورة مفصلة ومن خلال صور توضيحية تبين الاشارات الدالة على العنف الجنسي، والاجراءات التي يجب القيام بها سريرياً وطبياً لتحديد علامات التعنيف والعواقب المترتبة عليها. مثلاً آثار الكدمات، آثار تمزق خارجي على المهبل او داخلي، او آثار للاظافر على العنق مثلا، او اصابع يد على الوجه، ناهيك بالالتهابات الجنسية المتكررة، ونقل العدوى في حال اصابة الزوج بها مثل فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (السيدا)، والتهابات الكبد الفيروسي “بي، وسي” والكلاميديا والزهري وكلها امراض قد تكون مميتة. وكذلك تكرار اسقاط الحمل وتأثير الخصوبة في بعض الاحيان، اضافة الى اضطرابات الرغبة الجنسية كالألم عند المجامعة، واضطرابات الرغبة الجنسية وصعوبة الوصول الى النشوة.
الى المشكلات النفسية الكبيرة المتأتية عن الاغتصاب الزوجي مثل حالة اضطراب النوم والقلق الاكتئاب، انعدام الثقة بالنفس، والانعزال، وقد تتطور الحالة العقلية والنفسية في شكل يؤدي الى اعراض انطوائية او اكتئابية او انتحارية.
وأوضح مصدر قضائي ان فعل الاغتصاب الزوجي غير مجرّم لأن المادة 503 من قانون العقوبات تقول “ان من اكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع عوقب بالاشغال الشاقة خمس سنوات على الاقل ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات اذا كان المعتدى عليه تحت سن الـ15 عاما”. وهناك المادة 504 التي تقول: “يعاقب بالاشغال الشاقة الموقتة من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي او نفسي او بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع”. وتستثني هاتين المادتين اللتين وضعهما المشترع في الاربعنيات من القرن الماضي الزوجة، فهل حان وقت تعديلهما؟ من هنا ضرورة تعديل هاتين المادتين بإلغاء كلمة “غير زوجه”. وشدد على ضرورة إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات المتعلقة بكل الانتهاكات الجنسية، لانها تشجع على هذا العنف وجاء فيها “اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم (منها الاغتصاب)، وبين المعتدى عليها اوقفت الملاحقة، واذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه”.
وأوضح انه في الامكان الاثبات على ممارسة الجنس بالعنف والقوة، لأنه يترك آثاره على جسد المرأة واعضائها التناسلية، ويمكن بالتالي عرضها على الطبيب الشرعي، فيثبت الاعتداء ويلاحق الزوج في حال وجود قانون.
واذا كان التلطي بالاديان لعدم اقرار القوانين المحقة، فهذه اعذار واهية لان الاديان تناقض اللجوء الى العنف الزوجي، خصوصاً الاغتصاب”.
وأوضح مرجع ديني مسيحي ان الكنيسة ترفض اي إلزام او اغتصاب زوجي، اذ لا يجوز ان يحصل اي شيء بعكس رغبة المرأة، وهذا يدخل ضمن خانة التعنيف، ومن احد اسباب فسخ الزواج.
واذا كان المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله قد اصدر بياناً شرعياً في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في عام 2007 أفتى بموجبه أن “باستطاعة المرأة أن ترد عنف الرجل الجسدي الذي يستهدفها بعنف مضاد من باب الدفاع عن النفس”، ودعا إلى رفع العنف عنها، “سواء أكان عنفاً جسدياً أو اجتماعياً أو نفسياً أو تربوياً أو داخل البيت الزوجي”، فقد اوضح القاضي في المحكمة الشرعية الشيخ زكريا غندور انه حتى الشتيمة تدخل في اسباب طلب الطلاق امام القاضي. “يعتبر الزوج مسؤول في اي شتيمة او ايذاء مادي او معنوي. حتى المعاشرة لها اصولها في الدين الاسلامي. نرفض الاغتصاب الزوجي او ايذاء المرأة وان يصبح الرجل حيواناً مفترساً. فالمرأة هي سكن للرجل والبيت، اما ان يعيش الرجل التسلط والارهاب والرعب، فهذا عمل غير انساني وغير مقبول بكل جوانبه، وكل الشرائع ترفضه. المعاشرة حق للزوج والزوجة، اذا هي رفضت المعاشرة له الحق بالطلاق والعكس صحيح، انما لا يحق للرجل ارغام المرأة على شيء لا تريده.

السابق
الشيخ عبد الحسين بسام: تسعة عقود بين عيناثا والصوَّانة
التالي
مصباح الاحدب: تدخل حزب الله في سوريا يأتي بالتفجيرات الى لبنان