حزب الله وليد الثورة.. يواجه مصير الثورة

الغبي كما الفطن، مع الحزب أو ضدّه، يدرك أنّ تسوية واحدة (و من الولي الفقيه تحديداً) قادرة أن تقضي على المارد، أو بأقلّ تقدير أن تدخله في القمقم بعد انتفاء الغاية من وجوده. وتسوية أخرى قد يحبّها المدعى عليه وتنجيه من مصير أليم، يفصح عنها المدعي الآتي غصباً إلى السياسة، ولكن إلى حين.

من السهل على كتَاب الصحف وحملَة الأقلام وملقّني مذيعي نشرات الأخبار والمحللين السياسيين والاستراتيجيين انتقاد الرئيس سعد الحريري (المنخرط قسراً في الحياة السياسية اللبنانية بعد مقتل والده) على مواقفه الأخيرة ونعته أو اتهامه بالتلعثم الكلامي والتقيؤ اللفظي وصولاً إلى تجريده من الحكمة التي يلبسها في العادة هؤلاء وبشكل مزاجي لمن شاؤوا من القادة أو أرادوا. مع علم يقين مسبق بأنّ رئيس الحكومة الأسبق يعيش أقصى وأعتى حياة يمكن لشخصية سياسية أن تعيشها وهي تتلقى، من الحلفاء قبل الخصوم، بعضا من الخبث والغدر والمزاجية والكثير من العنف والضغط المستمر.

في المقابل تغيب التحليلات السياسية الخالصة القادرة على تبيان الحالة التي وصل إليها حزب الله بعد انقضاء ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاماً على قيامته، بالتزامن مع إعلان إنتصار الثورة الإسلامية والفكر الإسلامي الثوري الحديث. تلك الثورة التي طوَع  لها تاريخاً مجيداً أعيد به صناعة الجمهورية من جديد. لكن على ما يبدو فإن هذه الحقيقة الظاهرة لم ترمِ بظلها على الحزب الذي أريد له أن يبقى في خدمة الجمهورية بعد الثورة.

وهنا نقف أمام مرحلة مكانية وزمانية مصيرية من تاريخ المنطقة ومسيرة هذا الحزب ومصيره. وما يدفع إلى التوقف والتدقيق والخوف منه أكثر هو حالة الانفصام التي تميّز سلوكه منذ مدّة. فهو، أي حزب الله، يعاني من اضطراب في العلاقات الواقعية وتشويش في التكوين المفهومي يترافق مع اضطرابات سلوكية بدرجات متفاوتة وميل الى البعد عن الواقع والتدهور. والدليل انخراطه غير المبرّر في الصراعات الداخلية ومخاصمته شريحة كبيرة من القريبين والمحيطين والبعيدين، يحارب بعضهم ويقصي بعضهم  الآخر، يخرج عن منطق الوحدة الداخلية، ينطلق في مجاهل الإقليمية التي لا يعلم بنهايتها إلا الخالق المسيطر المهيمن القادر المقتدر القهار.

أضف إلى كلّ ذلك فساد وفضائح طالت رموزه: تجارة بالسلاح غير المقدس، تهريب وتهرب، إستباحة المحرمات وإكثار من الموبقات، تفلّت من العقاب ومحاربة للعدل.

ولا ننسى تحميل أفراد من حزب الله مسؤولية التورط باغتيال شخصية سياسية بمستوى الرئيس الراحل رفيق الحريري، واتهامهم بتصفيتة جسدياً، دفع بهم إلى المثول أمام محكمة دولية، جُمع لها أكثر مما يمكن لعقل قانوني أن يتصوره ولمدرك حقوقي أن يسمعه ولمظلوم من ظالم أن يدركه، محكمة محاكمة ولن يكون بمقدور من اتهم فيها بجرم وثبتت إدانته أن يصد قراراً صدر بحقه وهو لن يستطيع حتى أن يدحض الحكم.

الغبي كما الفطن، مع الحزب أو ضدّه، يدرك أنّ تسوية واحدة(ومن الولي الفقيه تحديداً) قادرة أن تقضي على  المارد، أو بأقلّ تقدير أن تدخله في القمقم بعد انتفاء الغاية من وجوده. وتسوية أخرى قد يحبّها المدعى عليه وتنجيه من مصير أليم، يفصح عنها المدعي الآتي غصباً إلى السياسة، ولكن إلى حين.

مراهقة لا تليق بمن هو في الثالثة والثلاثين من العمر، خصوصاً أنّ صاحبها يواجه مصير وسائل الثورة، تلك الوسائل التي على ما يبدو ما عادت تليق بمن باتوا في هذا الزمان أصحاب العصر ورؤساء جمهورية ووزراء دولة وسعادة نواب يمثلون أمة.

السابق
الطقس غدا قليل الغيوم يتحول ليلاً الى عاصف مع ثلوج على المرتفعات
التالي
الإنجازات الأمنية بين الحقيقة والفبركات