المأثورات الشرعية حول الحضانة والولاية لا تكفي

يوسف سبيتي

جاء في “رسالة في الحضانة” التي أعدها الشيخ يوسف علي سبيتي تحت عنوان “الحضانة والولاية” ما يلي: “ليس للحضانة أية علاقة بالولاية على زواج الطفل، ولا على أمواله، وإنما هي رعايته من أجل تربيته، وصيانته في المدة التي يحتاج فيها إلى النساء فالحضانة هي ما له علاقة “بحفظه وجعله في سريره وتنظيفه وغسل ثيابه”بالإضافة إلى الرضاعة. أما الولاية، وهي للأب قطعاً، وهي مرتبطة بزواجه، والتصرف بأمواله، وشؤون تعليمه، وزواجه، بمعنى أن الأب بسبب ولايته على ولده -الذكر والأنثى- من حقه أن يتولى أمر تزويجه.إذاً نحن أمام عنوانين مختلفين فيما يتعلق بالولد، فهناك عنوان الحضانة، وعنوان الولاية ولا علاقة بينهما، ولا ارتباط، ولا يؤثر أحدهما على الآخر، فإن الأب في مرحلة الحضانة يمكنه أن يمارس ولايته على أولاده، ولا يحق للأم الاعتراض على ما يريده الأب، ووجود الولد بحضانة أمه لا يمنع من ممارسة الولاية من طرف الأب”.

لمزيد من الشرح والفهم كان لـ”شؤون جنوبية” حوار مع الشيخ سبيتي حول الموضوع، قال:” الرسالة تتضمن جانبين: الاول فقهي والثاني اجتماعي. وقد ركزت على الجانبين. بداية اعرف ان هذا الموضوع شائك ومعقد وليس سهلا الخروج منه بنتيجة سهلة ومباشرة. فالمسألة بحاجة لتضافر الجهود وليس لجهد شخص واحد. وقد بادرت انا شخصيا الى التكلم بالموضوع بعد انطلاقة الحملة التي قامت بها مجموعة من السيدات. وبعد تحقيق نشر في جريدة السفير اليومية حيث تضمن بعض المغالطات ومن وقتها وردت الفكرة ببالي. لان الجانب الفقهي حساس. وكرجل دين ارى ان الدقة مطلوبة والناس تلتزم بالحكم الشرعي. ولأن لدي اطلاع على الروايات اكتشفت انها متعددة (اي النصوص المروية عن أهل البيت) وليست عبارة عن نص واحد. ووجدت ان هذه النصوص ليست واحدة ولا تتحدث عن جانب واحد. وهي تحكي عن الرضاعة بشكل اساس وكمصطلح فقهي الحضانة ليست مذكورة لا بالقرآن ولا بالروايات. والفقهاء استنبطوه من احكام معينة ولاسباب معينة، ووجدت ان الروايات موزعة على مجموعات ثلاث:

 الاولى: مجموعة تفرض ان حق الحضانة هو بحد ذاته ينتهي بحدود انتهاء الرضاعة.

الثانية: تحكي عن ان حدودها تنتهي حين تتزوج الأم اذا طلقت.

الثالثة: لعمر سبع سنوات.

 تَعَارُض مستحكم

فالتعارض مستحكم بين الرواية الأولى والثالثة، ولا يمكن ترجيح إحداهما على الأخرى، ولا الجمع بينهما، فإن الرواية الأولى تعتبر أن الأب أحق من الأم بعد الفطام أي”السنتين”. والثالثة تعتبر أن الأم أحق بالولد إلى السبع سنين، وما اقترحه المشهور -تبعا للشيخ الطوسي- من حمل رواية السنتين “مرحلة الفطام” لا شاهد له من الروايات، فهو جمع تبرعي.

 هذا من الناحية الشرعية النصية. فلا أحد يقبل بالمجموعة الثانية. والجميع يعمل على المجموعتين الاولى والثالثة. وهي محاولة للتوفيق بين النصوص.

 وإذا أردنا التوقف عند الفقهاء، نرى انه هناك شبه اجماع على التفريق بالحضانة بين الذكر والانثى حيث حدد سنتين للذكر وسبع سنوات للانثى. لانه لا دليل لهذه المحاولة من التوفيق بين الاولى والثانية سوى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والسيد صادق الروحاني وهو عالم ايراني معروف.

 اما من الناحية الاجتماعية فهو موضوع شائك ومعقد ويحتاج الى جهود كبيرة. لذلك بالواقع هناك مشاكل لا يمكن غضّ النظر عنها وبكل صراحة وبكل جرأة اقول انه لا يمكن الاكتفاء بالنصوص الشرعية وبالروايات حيث ان الاهل عند النزاع يستعملون الاولاد كأدوات في حربهم. لذا يجب ان نجد اطار لهذا الموضوع وان نراعي مصلحة الولد وليس فقط مصلحة الوالد.

 من يُقيّم مصلحة الولد؟ يجيب الشيخ يوسف علي سبيتي بالقول:” انا اقول ان نستشير في هذا الموضوع أخصائيين إجتماعيين ونفسيين وخصوصا اننا نتكلم عن عمر السنتين للولد. فهل استطيع ان افصل الولد عن الوالدة في هذا العمر؟

 وهناك مسألة نلفت اليها وهي انه دائما يتم الحديث عن الجانب المادي وننسى الجانب النفسي. فهل ان وجود الطفل عندجدته يعني أنه يمكنها الاهتمام به او انها قادرة على تربية طفل من جديد؟ لذا يجب وضع المسألة في اطار عام ولهذه القضية استثناءات.

هناك مجالٌ للتعديل

والمشكلة ان النصوص الشرعية موثقة بالروايات لذا من الصعب الخروج من هذا الاطار. والآية لا تحدد السن للولد بل تتحدث عن الارضاع.

والفتاة عند البلوغ بعمر التسع سنوات تخيّر بالتالي: مع من تود العيش؟. لان سن التكليف للفتاة هو سن التسع سنوات فهنا يمكن القول انها قد تختار ابوها. ويكون الصبيّ مع امه بسبب صغر سنه. ما يعني تفرق الاولاد أيضاً.

ويختم الشيخ سبيتي بالقول:” بصراحة لايصح البقاء جامدين هنا لانه هناك مجال للتعديل. ففي صورة البقرة نقرأ:(والوالدات يرضعن أولاهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضارّ والدة بولدها ولا مولود له بولده).

ومع السؤال عن الفرق بين الحضانة والولاية يقول سماحته:”لا نعني بالحضانة للام ان النفقة والولاية تسقط عن الأب إطلاقاً”.

ويختم سماحته رسالته، بالقول:” أن الولاية والحضانة لا تتعارضان، وهما عنوانان مختلفان، ولكل منها دائرته الخاصة، وهما غير متداخلين، فالأم حاضنة للولد، والأب هو الوليّ. ويستطيع أن يمارس ولايته مع وجود الولد في حضانة أمه”.

السابق
حمادة كان طلب من نصرالله مساعدته بمحاولة السوريين اغتياله
التالي
ميركوهي: أتينا إلى لبنان لنقل خبرتنا في مكافحة الإرهاب