لماذا يحنّ المطلّقان إلى القفص الذهبي؟

المطلّقان
من يقرر الزواج يفعل ذلك ليؤمن الاستمرارية والاستقرار لحياته، وبالتالي فإن فكرة الطلاق لا تكون واردة وتأتي بشكل سولاسباب مختلفة باختلاف شخصية الزوجين. ولكن كيف تكون الحالة النفسية للرجل بعد الطلاق؟ ولماذا "تحلى" زوجته في عينينه بعد ان تعود الى حريتها وتصبح قادرة على إقامة علاقة أخرى؟ وربما زواج جديد؟ وكذلك لماذا "يحلى" هو أيضا في عينيها؟

هناك اعتقاد سائد في مجتمعاتنا الشرقية أنّ المرأة بعد الطلاق هي الاكثر تضررا، وبأنها تعيش حالة من الاكتئاب والتوتر، في حين الحقيقة هي عكس ذلك. إذ انّ الرجل المطلق، حتى وإن كان يشعر انّه لم يعد يحب زوجته، وانّ وجودها لم يعد مهما في حياته، يصل الى مرحلة متقدمة من الاحباط العاطفي بعد خروج المرأة من حياته، وغالبا ما يعتبر الطلاق نقطة سوداء في حياته ويبدأ صراعا للعمل على إعادة حياته الزوجية السابقة.

بالنسبة الى علم النفس، مسألة الطلاق يجب مراجعة أسبابها، والجهة الطالبة له وشخصية كل منهما. وبالتالي فالآثار النفسية على الرجل تتحدد بحسب شخصيته: “لكنّ الاكيد انّه بعد كل إنفصال تكون هناك تبعات على الطرفين”.

هذا ما أكدته المعالجة النفسية صونيا شوما: “الطلاق يكون قاسيا على الطرفين ومعهما الاولاد، ولكن تأثيره على الرجل يختلف عن المرأة، ففي أغلب الاحيان يكون متهما بأنه لم يستطع ان ينجح زواجه، ويحقق استمرارية الحياة مع المرأة التي اختارها شريكة له”.

وأشارت في حديث خاص لـ”جنوبية” الى انّ “الرجل يعيش في حالة تشبه “الحداد المؤقت”، وتكون تبعات هذا الامر مختلفة من رجل الى آخر، فتظهر حالات من الوحدة والقلق والغضب ويجنح عدد كبير منهم إلى الكآبة والانعزال”.

وأشارت شوما الى أنّه “في معظم الحالات يبدأ الرجل بمحاسبة نفسه، فيبدأ الشعور بالحنين ويقرر العودة الى زوجته، وفي هذه الحالة يكون قد اعترف بأخطائه وذنبه”، وأضافت: “الرجل لا يتقبل فكرة الحرية لزوجته بسهولة لذلك يبدأ التفكير بإعادتها الى كنفه”. ورأت المعالجة انّ “هذا الامر دقيق فإذا فعل ذلك عن وعي وقراءة صحيحة، وقام بتعديل أسباب الطلاق، فهو أمر جيد، ما يساعد في العودة عن قرار الطلاق، لكن إذا لم يفعل فسيكون ذلك تكرارا للغلطة نفسها”.

وأكدت الطبيبة على أهمية العلاج النفسي للطرفين. هذا وخلصت دراسة في جامعة عين شمس المصرية، الى انّ “الغالبية الساحقة من الرجال يودعون زوجاتهن بابتسامة لا مبالاة لإخفاء مشاعرهم الحقيقية، وذلك بعد ان يكونوا قد قاموا بإزعاجها، وتضييق الخناق عليها لتتنازل عن كامل حقوقها”.

وأشارت الى أنّ “95 % من الرجال لا يتنبهون إلى حالة الوحدة في المنزل إلاّ بعد فترة من الطلاق، فيلجأ بعضهم إلى تغيير مسكنه الزوحي، فيما يبدأ القسم الاكبر منهم باللف والدوران على الزوجة لاعادتها الى كنفهم، وذلك لعدم قدرتهم على التكيف اجتماعيا بعد الطلاق”.

الوقائع التاريخية والمشاهدات اليومية تؤكد انّ عددا من الازواج عادوا الى بعضهم البعض وتزوجوا من جديد، لانّه غالبا ما “تحلى المرأة في عين زوجها” يعدما تتأثر حالته النفسية بشكل سلبي، ويقال إنّ “رجولته تمنعه من رؤيتها تكمل حياتها وتبدأ بإقامة علاقة مع غيره”.

والأمر نفسه مع المرأة، التي منسوب الغيرة لديها يكون مرتفعا أكثر، وغالبا ما تلاحق الزوج، خصوصا هذه الأيام على الفايسبوك والتويتر، لتتبّع أخباره.

عودة الزوجين الى بعضهما ليس بالامر المستهجن، خصوصا إذا كان يجمع بينهما أطفال، لأنّه مهما كانت فترة الزواج قصيرة فهي تترك في نفس كلا الزوجين قدراً هائلا من الحب والذكريات التى يعجز الزمن عن محوها بسهولة.

في المحصلة الطلاق يحطم الاسرة، ولكن غالبا ما تقاوم المرأة آثار الطلاق ويساعدها في ذلك عودتها الى منزل أهلها، والمواساة والتعاطف اللتين تحظى بهما من المقربين والاصدقاء.

في حين يصبح الرجل المطلق شديد الحساسية والتحفظ، لا سيما مع نظرة الجميع له على انّه “شاب أعزب” مجددا، لم يستطع إدارة المنزل الزوجي والاستقرار مع المرأة التي اختارها لتكون نصفه الآخر بنجاح.

لكن أيضا يكون أمامه عشرات الاختيارات ويكون “عزّابي” مجددا، وتبدأ القريبات والبعيدات في الحوم من حوله طمعا في الزواج منه. خصوصا إذا كان ميسور الحال ووسيما.

تماما كما أنّ الزوجة المطلّقة تكون محور اهتمام الشبّان والرجال، طمعا في صداقة غير مكلفة معها.

لكنّ الثابت أنّ الزوجين يشعران بالحنين الى “القفص الذهبي”. وفي مجتمعاتنا كثيرا ما نسمع عن “عودة المطلّقين”، ولو بعد شهور، أو سنوات.

السابق
نقيبا محامي بيروت ورين الفرنسية أكدا العمل لتطوير التعاون بين النقابتين
التالي
جنبلاط نفى علمه المسبق باستقالة العريضي: لا يمكنه التصرف على كيفه