يوميات غريق في بيروت: غازي ومروان ضدنا.. والله معنا

غريق
هذه مشاهدات مواطن كان خارجا منبيروت حين غرق لبنان في شبر مياه. كيف مشى كيلومترات طويلة هو ومئات آخرين، وكيف كانت قوى الأمن ساهية، والوزراء غائبون، ولا أحد ينجدهم إلا أقدامهم المبلّلة وغيرزة البقاء على قيد الحياة.

كانت الساعة تشير إلى الرابعة بعد الظهر عندما انطلق “البولمان” من ساحة الكولا متوجهاً إلى صيدا. نبّه المراقب سائق الباص تجنب المرور في النفق بسبب هطول الأمطار، فأجابه السائق: سأمرّ عبر الأوزاعي.

فتحت العدد الجديد من “شؤون جنوبية” وبدأت القراءة. استغرقت بالقراءة ولم أعد أنتبه لما يجري حولي. كانت المادة الصحفية مثيرة للنقاش، قرأتها بتمعن، واستمريت بالقراءة. سمعت صفارات الإنذار تشير إلى مرور دراجين من قوى الأمن لفتح الطرق وتسهيل المرور، أخبرني جاري في البولمان، أن قنوات التلفاز تنقل أخبار وزير الداخلية مروان شربل الذي انتقل إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتمركز في غرفة عمليات السير وأعطى توجيهاته لتسهيل مرور المواطنين ووصولهم إلى منازلهم بسرعة.

بعد قليل، أخبرني أحدهم أنّ وزير الأشغال غازي العريضي قطع اجتماعاته وتوجه إلى وزارته وأعطى التعليمات الصريحة بإصلاح المجاري قبل أن يتوجه مع فريق من الوزارة ليشرف شخصياً على أعمال التنظيف وفتح الطرقات.

قنوات التلفاز تنقل مباشرة الأعمال الميدانية التي تقوم بها الأجهزة المعنية لمساعدة المواطنين الذين اضطروا للتوقف بسبب الازدحام. الطرق صارت مفتوحة وقوى الأمن تشرف على تسهيل المرور. عندها شعرت أن أحداً يلكزني ويقول: “فيق يا حاج تكفيك ساعتان من النوم، شخيرك أزعجم الجميع”.

أفتح عيني أجد أن الباص قد تحرك قرابة 200 متر خلال ساعتين ونصف. ركاب الباص يحاولون الاتصال بأهاليهم لطمأنتهم، السيارات تسد الطرقات ذهاباً وإياباً. أنتظر ساعتين إضافتين قبل أن أترجل من البولمان يرافقني شاب من مدينة صيدا وأسير في الطريق الممتد من طريق المطار نحو الأوزاعي لأنعطف جنوباً… أصل إلى الدوّار، السير متوقف، دركي يتحدث على هاتفه الجوال، ربما يقدم لقيادته تقريراً عن الوضع، دركي آخر يقف إلى جانب الطريق مع مجموعة من الشباب. آخرون مدنيون يحاولون تسهيل مرور السيارات. أستمر في السير حتى أصل إلى مثلث خلده، حيث ألتقي على الطريق بمئات المواطنين يسيرون على الأقدام شمالاً نحو بيروت ومئات يتجهون جنوباً..

عند مثلث خلده، أشعر بالتعب. أنتظر مع صديقي الشاب سيارة أجرة تنقلنا إلى صيدا. وصلنا إلى ساحة النجمة نحو الساعة الحادية عشرة ليلاً.

استقليت سيارة نحو عبرا. في الهلالية حاجز لقوى الأمن يدقق في السيارات وأوراقها وهويات الركاب قبل أن يسمح لها بالمرور. توقفنا للتدقيق بأوراق السيارة، أحسست ساعتئذ أنّ علي شكر وزير الداخلية وقواه على اهتمامهم بقضايا المواطنين والتدقيق بهوياتهم خوفاً من تسرب أشخاص غير مرغوب بهم.

خلال فترة وجودنا في البولمان وسيرنا على الطريق كان المطر متوقفاً، علّق أحدهم: إذا كان غازي ومروان ضدنا فإن الله معنا.

السابق
اللواء عباس ابراهيم يتوجه الى قطر اليوم لمتابعة ملف الراهبات المختطفات
التالي
الطقس غدا ماطر مع عواصف رعدية واستقرار في الحرارة