عن المرحلة المقبلة والفراغ الموعود!

يتكاثر الحديث عن “الفراغ الشامل” الذي يتوقّعه لبنان بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة الحالي ميشال سليمان، بحجة أنه لن يكون في الإمكان انتخاب رئيس جديد وفقاً للنصوص الدستوريّة والتقاليد، بعدما “استُبعد” التمديد، على ما تعتقد مرجعيّات ليست غريبة عن أورشليم.

مما يعني بوضوح تام أن الأوضاع اللبنانيّة لن تكون في المرحلة المقبلة على ما يرام. وقد تكون في انتظار البلد وأفرقائه، المتخاصمين حتى القطيعة، أشهرٌ يمكن تسميتها أشهر الولادات القيصريّة.
أو أشهر تصفية الحسابات القديمة، وتصفية تِركة الأعوام الماضية، والمواجهات السياسيّة الشرسة، وما تخلّلها من عراضات، وغزوات، ودكّات ورعبات. وما لم يبارح الذاكرة الفرديّة، أو الذاكرة الجماعية حتى اللحظة.
بالطبع والأكيد أن الوضع اللبناني، بكل تلاوينه وتحزّباته وتناقضاته، لس غريباً أو بعيداً عمّا طرأ من أحداث وثورات ومتغيّرات على العالم العربي. وبصورة خاصة، ولألف سبب وسبب، عما تعيشه سوريا إلى الآن، وربما إلى أمد بعيد، من حروب مدمِّرة وقاسية، نادراً ما شهد مثلها بلد عربي… تحت راية “الربيع العربي”.
مجمل القول وخلاصته إنّ لبنان لم يتمكّن، أو لم يمكّنوه من تطبيق سياسة النأي بالنفس التي وُعد بها… وكثُر الحديث والكلام عنها على مختلف المستويات. حتى بلغ الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وبعض الأشقاء والأصدقاء الذين لم “يقبضوا” كل ما قيل، نظراً إلى معرفتهم بتركيبة لبنان. وواقعه. وموقعه الملاصق جداً لموقع البركان السوري.
وهذا ما كان وصار، بالتمام والكمال.
وهذا كبّل البلد الصغير الذي يضمّ في عِداد تناقضاته دويلة بأمّها وأبيها، وجيشها، وسلاحها، وقراراتها المستقلة تماماً عن الدولة اللبنانية والمسؤولين اللبنانيين… بما في ذلك إعلان الحروب، أو الانخراط في حروب الآخرين.
تماماً، كما هو حاصل الآن، وبالنسبة إلى انخراط “حزب الله” في الحروب السورية، إلى جانب جيش النظام.
من تحصيل الحاصل أن ينعكس ذلك كله، ومعه “تِركة” التناقضات والحزازات والحساسيات المتراكمة منذ سنوات قريبة وبعيدة، على واقع الحل، ويفعل ما فعله. ويعطّل البلد والدولة. ويشلّ دورة الحياة الاقتصادية، والحياة العامة، وحركة الإنتاج، وما لم يعد في حاجة إلى شرح يطول.
بناءً على ما تقدّم، ونظراً إلى انتقال “عدوى” الحَوْربة والنِزال صَوْب طرابلس الفيحاء، ومنها إلى صيدا وجوارها، يعتقد مسؤولون حكماء وقياديون عقلاء، أن المرحلة اللبنانية المقبلة يُحسب لها ألف حساب، لا بدّ من تداركها منذ الآن.
والمرجّح أن التدارك ليس هيّناً، ولا هو في اليد.
ولكن، لا بدَّ من تفقُّد أصحاب مبادرات ربع الساعة الأخير.

السابق
تمادي جنبلاط بتقلباته لن يمربلا ثمن بعد الآن
التالي
قلق نصرالله