البصل والملح عامل حسم في الانتخابات الهندية

بدلا من استشارة الاختصاصيين في الانتخابات واستطلاعات الرأي والمحللين السياسيين لتوقع نتائج الانتخابات الهندية التي ستجرى ربيع العام المقبل، لا عليك سوى النظر إلى وجبة المواطن الهندي، فكل ذلك يلخصه «البصل والملح».
تقلبات في أسعار البصل، خصوصا مع اقتراب الانتخابات، كافية لإسقاط أي حزب حاكم معاد للثوم. في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وصل سعر البصل إلى ما يقرب من 20 روبية للكيلو؛ وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لم يكن بمقدورك شراء البصل في دلهي بأقل من 100 روبية. هذا الارتفاع الحاد في الأسعار كان الموضوع الرئيس لمئات الافتتاحيات، وكانت مكاتب الصحف تعالج قضية البصل بقدر كبير من الاهتمام كما لو كان سياسيا مريضا، وربما أكثر من ذلك، لأن البصل سلعة لا غنى عنها، أما السياسيون فيمكن استبدالهم بسهولة.
فلا يزال شبح أزمة البصل العظيمة التي وقعت في عام 2010 يطارد حزب المؤتمر الذي يقود حكومة التحالف. في ذلك العام ارتفعت الأسعار لأكثر من الضعف خلال أسبوع، واضطرت الحكومة إلى حظر تصديره وبدأت في استيراده من باكستان لتجنب المظاهرات الحاشدة والاحتجاجات الجماعية.. فعندما ترتفع أسعار البصل يمكن أن تسقط الحكومات.
والآن يبدي السياسيون قلقا مرة أخرى، فقد سأل أحد أعضاء مجلس النواب في البرلمان في أغسطس (آب) الماضي: ما الذي تنوي الحكومة القيام به قبل سقوطها المدوي؟
هؤلاء الهنود المحرومون من البصل المقلي، الذي يشكل أساسا لكثير من أطباق الخضراوات واللحوم، لا يكترثون بالنصوص الهندوسية التي تقول أشياء غير لطيفة عن آكلي البصل والثوم. فقد حذر «البورانا» من أن أكل الثوم والبصل يعدّ معصية، تستلزم الكفارة. وأعلنوا أن البصل كطعام مكروه مثل الفطر والخنازير التي تتغذى على النفايات والفضلات التي تنمو في أماكن القذارة، واللبن المأخوذ من بقرة بعد أقل من 10 أيام من ولادتها.
ورغم ابتعاد النباتيين وأعضاء طائفة «جاين» عن البصل أو الثوم، فإن غالبية الهند شغوفة بالبصل. يشير تقرير قاعدة بيانات البصل والبطاطس إلى أن الهند أنتجت 10.6 مليون طن من البصل عام 2011 – 2012. كان المفترض أن يكون ذلك كافيا، وفق تقديرات إدارة بحوث الثوم والبصل التي قدرته بـ15.71 مليون طن، لكن قوى الشر تدخلت بمحاصيل سيئة، وكذلك قوى السوق والإفراط والتصدير وجشع التجار.
وخلال الأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي كانت هناك مؤشرات ضئيلة تحمل الأمل، فقد دخل خريف محصول البصل وانخفضت الأسعار إلى حد ما، وحصلت الحكومة على قدر من الراحة.
بيد أنه عندما هدأت المخاوف بشأن البصل، ارتفعت أسعار الملح بشكل غير متوقع، لتصل الأسعار إلى 100 و150 روبية للكيلو في ولايات جارخاند وبيهار والبنغال الغربية، عن أسعارها المعتادة بين 16 و20 روبية.
تسبب ذلك في حالة من هوس الشراء؛ ففي مدينة دارجيلنغ، بولاية البنغال الغربية، جرى اعتقال 13 تاجرا من قبل قوات الشرطة لبيعهم الملح بأسعار باهظة. كما اعتقلت السلطات في ولاية بيهار المجاورة ثلاثة أشخاص بتهمة نشر شائعات عن نقص الملح؛ ووعد وزير التموين باعتقال كل من يذكي نيران المخاوف بشأن الملح إذا لزم الأمر.
لا يحمل الملح أهمية خاصة بالنسبة للفقراء فقط، بل يحمل أيضا ذكرى وطنية، نظرا للدور الذي لعبه في حركة الحرية في الهند.. فقد قال عنه جواهر لال نهرو تحت قبة البرلمان: «بصرف النظر عن الآثار الاقتصادية المتعلقة به، كان الملح في إحدى مراحل تاريخنا الوطني ونضالنا من أجل الحرية، كلمة القوة التي حركت الجماهير الغفيرة من البشر، وأحدثت ثورة غريبة في البلاد خلال بضعة أشهر».
الصعود الأخير في الأسعار كان نتيجة شائعة.. لا فرض ضرائب جائرة؛ هذا القيل والقال كان على ما يبدو نتيجة الخلافات الأخيرة في الرأي بين نيتيش كومار رئيس وزراء ولاية بيهار، وناريندرا مودي رئيس وزراء ولاية غوجارات، ومنافسه من حزب «بهاراتيا جاناتا» لرئاسة الوزراء، ومن شأنه أن يؤدي إلى حرب على الملح، نظرا لأن ولاية بيهار تستورد كثيرا من الملح من ولاية غوجارات. وقد تعامل كومار وحزب «بهاراتيا جاناتا» مع التصريحات بروية خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن المناوشات انتهت الآن من دون إراقة دماء.

السابق
أميركا تجري اتصالات سرية مع حزب الله
التالي
هذا هو معين عدنان أبو ظهر