الحل في سورية لن يكون إلاّ عسكرياً والوصاية قادمة!

المفروض ان يضم مؤتمر جنيف 2 فريقين سوريين احدهما فريق النظام والثاني فريق المعارضين والمقاتلين. واذا كان الفريق الثاني اي فريق المعارضين والمقاتلين سيتمثل بما سمّي الائتلاف السوري الذي وافق اخيراً وبضغط دولي على حضور مؤتمر جنيف فالسؤال الذي يجب طرحه هو: هل ان فريق الائتلاف يمثل فعلا المعارضة السورية المقاتلة ام انه لا يمثلها ؟
ومعلوم ان الفريق المقاتل على الارض السورية هو الآن جماعة النصرة والقاعدة وسائر الفصائل التكفيرية التابعة لها ، وذلك بعد ان خَفَتَ ، او يكاد يضمحل ، صوت الجيش السوري الحر الذي تصدر في البداية لائحة مقاتلي النظام. وبذلك تكون طاولة مؤتمر جنيف 2 ستضم فريقين غير متكافئين حيث ان فريق الائتلاف السوري لا يملك سلطة وقف او استمرار القتال حتى يكون من حقه فرض الشروط للنظام السوري العتيد ، إلا اذا افترضنا ان الدول الاقليمية التي دعمت وتدعم فريق الائتلاف المشار اليه هي صاحبة القرار من حيث انها الداعمة لهذا الفريق بالمال والسلاح ، وهو دعم لم يعد له اهميّته الآن بعد ان تسلّمت جبهة النصرة وداعش وحلفاؤهما كل الدعم المالي والعسكري الذي ارسلته هذه الدول الى كل من كان يحمل لواء معارضة ومقاتلة النظام في سورية.
وعلى كل حال فمعظم المعنيين يعتقدون بأن مؤتمر جنيف ، لن ينتج حلاً، وبالتالي لن يتمكن هذا المؤتمر من انهاء الحرب على الارض السورية ، لأن القتال الجاري حالياً انحصر بين جيش النظام من جهة وبين مقاتلي المنظمات التكفيريّة غير الممثلين في مؤتمر جنيف 2 من جهة ثانية. وبناء عليه يكون مؤتمر جنيف 2 غير مؤهل لانهاء الحرب السورية حتى لو اتخذ هذا المؤتمر قراراً او توصية بذلك!
والقول الذي يكاد يقوله الجميع بأن الحل في سورية لن يكون عسكرياً هو قول في غير محله ، لأن ساحة القتال في سورية تضم جيش النظام مقابل جبهة المقاتلين التكفيريين الذين لا يفاوضون ولا يعترفون بشيء اسمه حوار ، ما يعني ان الحل في سورية سيكون حلاً عسكرياً وسينتهي بغالب ومغلوب ومنتصر وخاسر. ويرجح كثيرون ان يكون النصر في هذه الحرب لجيش النظام ، لأن جميع الدول دون استثناء ترفض وستمنع انتصار التكفيريين. وها هي تركيا ، بعد اميركا واوروبا ، وقريباً السعودية ، ستقرر ايقاف الدعم المالي والعسكري ضد نظام بشار الاسد ، وربما يحصل ابعد واكبر من ذلك في الايام والاشهر المقبلة، من حيث اقدام هذه الدول على تقديم المساعدة المالية والعسكرية للنظام وجيشه من اجل ان يتمكن من دحر القوى التكفيرية التي يبدو انها الآن تسيطر على قسم لا بأس به من الاراضي السورية.
وطالما ان الحرب في سورية لن تنتهي ، حسب رأينا ، إلا عسكرياً ، فان الوضع السياسي والامني في لبنان سيبقى على حاله ، وبالتالي ، لن تتألف حكومة جديدة ولن تحصل انتخابات رئاسية الى ان يعلن احد الفريقين المتحاربين في سورية انتصاره لينعكس هذه الانتصار على احد الفريقين المتصارعين على الساحة اللبنانية ، فيتم الحكم في لبنان من قبل الفريق المنتصر، إلا اذا انتهى واستقر الصراع الدولي والاقليمي على تحقيق السلام والوئام بين النظام السوري الجديد والنظام السعودي ، الذي قد يكون جديداً ايضاً ، لتصبح الوصاية على لبنان ليست سورية فقط بل سورية ـ سعودية ، يتم عن طريقها التآلف والتوافق المطلوب على شكل الحكومة اللبنانية وعلى اختيار شخصية حيادية لرئاسة الجمهورية على الشكل الذي حصل في اتفاق الدوحة وادّى الى انتخاب العماد ميشال سليمان !!
وبذلك سيبقى لبنان في حالة انتظار وترقب الى حين انتهاء الحرب السورية، وما عليه في هذه المرحلة إلا معالجة جروحه بالتي هي احسن، وبالمسكنات، ريثما ينجلي الوضع الدولي والاقليمي حيال ما جرى ويجري، ليس في سورية وحدها، بل في ايران والبحرين ومصر وليبيا وسائر الدول والمناطق التي جرى تحريك شوارعها على الشكل المعلوم !.
والظاهر ان الدولتين العظميين (اميركا وروسيا) قد ابرمتا اتفاقاً ، وما على الدول الاخرى ومنها فرنسا والسعودية واسرائيل تحديداً إلا ان تحفظ رأسها على قاعدة ما يقال : “عند تغيير الدول ، احفظ رأسك !!”.

السابق
سوريا.. الأكراد فرصة أم درس؟
التالي
الإمام الحسين إلى موسوعة غينيس: عولمة كربلاء