فلحة: إرهاب الدولة ترعاه إسرائيل والمطلوب كشفه

عقدت قبل ظهر اليوم في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، اجتماعات أعمال الدول الأعضاء في الجامعة للبحث في سبل تطوير التدابير والاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمواجهة الإرهاب والتحريض والتطرف والعنف وتوسيع آفاق التفاهم بين الحضارات.

وتمثل لبنان بوفد ضم المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة عن وزارة الإعلام، والرائد حسين هاشم والنقيبين روني القصيفي ومازن الصايغ عن وزارة الداخلية.

فلحة

وألقى الدكتور فلحة كلمة قال فيها إن “تنظيم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية – قطاع الشؤون القانونية ورشة عمل عربية عن “سبل تطوير الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لمواجهة أفعال التحريض والتطرف والعنف المؤدية للارهاب” بالتعاون مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، يشكل قاعدة أساسية في سياق وضع استراتيجيات قابلة للتنفيذ في مواجهة أبرز تحديات البشرية في هذا العصر، ألا وهو الإرهاب الذي يطرح إشكالية عالمية في عدم التوافق على مفهوم موحد له، إذ لا يميز البعض بينه كفعل شائن مدان وبين المقاومة كحق مقدس وواجب للشعوب في مقاومة الاحتلال ومحاربته على أرضها”.

وأضاف: “ما تعنينا في الدرجة الأولى هي العلاقة التفاعلية بين الإعلام والإرهاب على خطين متوازيين متقابلين ومتقاطعين في آن معا، وعنيت بذلك إلى أي مدى يمكن للاعلام أن يتصدي للارهاب وإلى أي مدى يمكن للارهاب أن يستخدم الإعلام وأن يستثمره في تنفيذ مخططاته، إذا هي علاقة تبادلية بين “الحبر والدم”، وبين المداد والدماء، وكلما ازدادت وسائل التواصل والإعلام تطورا، رفع الإرهاب مستوى أدائه ليصل إلى بث الدعاية المجانية ونشرها، في حين أن الإعلام في أغلب الأحيان يصبح أسير الدعاية المدفوعة عن غير قصد للارهاب، أو عن قصد، أي دعاية مسبقة الدفع للارهاب تحت ضغط السبق الإعلامي والصحفي ومواكبة الحدث وتوسل الإثارة وإعمال التحريض لكسب المشاهد أو المستمع أو القارئ، فيصبح الإعلام عندها أسير العمل الإرهابي، وبخاصة عند عدم استطاعته في الحد من إتاحة وسائله للارهابيين وتمكينهم من استخدامها واستثمارها، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على تورط بعض الإعلام في فعل الإرهاب والتحريض عليه من خلال القدرة الهائلة في صناعة الرأي وتكوينه وتغيير المفاهيم وتبديل سلم القيم لدى بعض المجتمعات، ولا سيما عند الشريحة الأساسية، وعنيت بها شريحة الشباب والأجيال الفتية التي أثبت معظم الدراسات أنها الأكثر تفاعلا واستخداما للإعلام الإلكتروني وللتواصل الاجتماعي الذي غير الكثير من المفاهيم والأعراف والتقاليد والأنماط والذي يفاضل في تقديم الرأي على الخبر هذا من حيث المضمون”.

وتابع: “أما من حيث الوسائل والأساليب، فإن الإعلام التقليدي القائم على مخاطبة شخص أو مؤسسة بشكل أحادي لجماعة أو أفراد في إطار مضمون موحد أي تواصل الشخص مع ملايين الأشخاص بخطاب واحد وإعلام تبليغي ينحسر لمصلحة إعلام الشخص إلى الشخص أو شخص إلى أكثر بمضمون متعدد وحسب الطلب بشكل تفاعلي تبادلي يتشارك في صياغة المضمون وإعادة صياغته المرسل والمتلقي في عملية قائمة على تبادل الأدوار، وهذا ما يدفع إلى انحسار دور الدولة لمصلحة الأفراد والجماعات الأكثر تجانسا في التفكير والأهداف، أي أن دور القطاع العام على مستوى الإعلام يذوي ويتقلص لحساب القطاع الخاص الذي يتمدد على مساحة الإعلام والتواصل”.

ورأى أن “هذا يبرز حجم تغير دور الإعلام ووظائفه، ومبعث ضعف الدول في إمكان استخدام الإعلام لمواجهة الإرهاب، أن هذه الدول تعتمد غالبا أساليب تقليدية لا تجاري العصر، وقد بلغت من الشيخوخة مبلغا لا يمكن إغفاله في سياق تحديد المسؤوليات التي تبدأ من ضعف التمويل، وفي أحسن الأحوال ان الدول مع التطور التقني والإلكتروني ووسائل الاتصال لم تعد سوى المالك لشبكات التواصل والنقل والإرسال، في حين أن الإنتاج الإعلامي والتواصل الاجتماعي أصبح في معظمه يتكل على الجهد الفردي الذي غالبا ما يجد مبتغاه لدى القطاع الخاص أو ما يقدمه، والسبب هو الجودة والإدارة الجيدة وحسن استثمار الموارد المادية والثقافية والإعلامية، إذا النجاح للأقوى، وهذا الأمر يظهر بوضوح في الإعلام الإلكتروني الذي غدا بلا منازع الأكثر شيوعا لدى الأجيال الشابة التي تجيد استخدام وسائله وتتقنه، والتي يستهدفها الإرهاب أكثر من غيرها من الفئات العمرية الأخرى تجنيدا وتغريرا، والسبب هو سهولة استخدام الإرهاب لوسائل الإعلام، وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي ووفرة المعلومات وقلة التكلفة وسرعة إيصال المعلومة أو الفكرة ويسر تجاوز الحدود الجغرافية، فضلا عن ضعف بنى شبكات المعلوماتية وبخاصة الرسمية منها وعدم مواكبتها للتطور الذي يستطيع الإرهاب الوصول إليها، ويترافق ذلك مع ندرة الدراسات والأبحاث العلمية التي تتولاها الدول لإظهار مدى تورط بعض الإعلام في التحريض على فعل الإرهاب أو الأسباب التي تؤدي لتورط بعض الإعلام في هذا الشأن”.

واعتبر أن “مواجهة الإرهاب على المستوى الإعلامي والتصدي له يفرض تعزيز الثقافة القادرة على مواجهته ومحاربته دون الإتكال على سياسة المنع والإقصاء والإلغاء أو الحذف وحدها، بل على حسن استخدام الوسائل والأساليب التفنية القادرة على إيصال المضمون والمحتوى بيسر وفاعلية، وهذا الأمر يقوم على:

  • تعزيز ثقافة الحوار ونبذ العنف الكلامي والتحريض، وتأكيد عدم تمكين الإرهاب من تقويض حقوق الإنسان ومن تقيد حرية التعبير أو القول أو الحد من تدفق المعلومات.
  • العمل على تعزيز قيم الديموقراطية الصحيحة التي تتوافق مع قيم مجتمعاتنا العربية.
  • وجوب تدارك الدول لمكامن الضعف على المستوى الإعلامي في مواجهة الإرهاب لأن هذا الضعف بحد ذاته يشكل شكلا من أشكال تسلل الإرهاب وتسربه إن لم نقل إسهامه في تغذيته مهما كانت النيات حسنة.
  • تفعيل القدرة على الاستفادة من ثورة التواصل والتطور التقني ومواكبتهما ولاسيما من خلال الإنترنت وتكوين البنى الأساسية للإنتاج التقني وتقليص العبء الإستهلاكي التي تقع تحت كاهله معظم الدول العربية والتي مازال أغلبها حتى تاريخه دولا مستهلكة للإنتاج التقني.
  • ضعف التمويل المرصود لمواجهة الجرائم التقنية التي تشكل التحدي الأبرز لاستقرار المجتمعات العربية.
  • إيجاد آليات فعالة للتبادل المعلوماتي والأمني والتعاون الإعلامي العربي في محاربة الإرهاب والتصدي له.
  • سن التشريعات والقوانين والأنظمة المرنة للعمل على الحد من الإرهاب، ولا سيما اننا نشهد تطورا تقنيا هائلا يقابله ندرة في الأنظمة والقوانين التي تتناول موضوع الإرهاب. وهذا الأمر يزداد اتساعا مع مرور الوقت (تطور تقني كبير وبطء في التشريع)، كما يجب إيجاد تشريعات تكافلية بين الدول العربية وغيرها من الدول الصديقة، على أن يتولى وضع أسس ذلك، إعلاميون وتقنيون وقانونيون وأمنيون مختصون تحت إشراف جامعة الدول العربية”.

وختم: “أخيرا، المطلوب منا دائما وأبدا كشف إرهاب الدولة الذي ترعاه إسرائيل ويطغى على أفعاله، وياللاسف، ما تشهده منطقتنا العربية من حوداث وتغيرات هائلة سترسم معالم مستقبلنا ومستقبل أجيالنا لسنوات طويلة آتية، والذي قد لا يوازي ضرره إلا ذلك الإعلام القائم على إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والتفرقة وإشعال الفتن على أساس الدين والعرق واللون والإنتماء والنسب”.

السابق
فضل الله: أي تقارب سعودي إيراني سينعكس إيجابا على الواقع الإسلامي
التالي
زاسبكين: لحكومة لبنانية تؤمن الاستقرار