السفير: فتح الإسلام تخطّط لفرار كبير على غرار العراق

كتبت السفير : عندما تتكرر ظاهرة تجنيد ضباط وعسكريين من قبل مجموعات إرهابية، وعندما تفضح «عبّارة الموت في البحر الإندونيسي، البؤس الاجتماعي اللبناني وبلوغه حدوداً غير مسبوقة، وعندما تدلّ كل المؤشرات الاقتصادية والمالية على دخول لبنان مرحلة صعبة لم يشهد مثيلاً لها، حتى في عز أزماته الوطنية…

وعندما تضيق شوارع لبنان وأرصفته بمشهد الباحثين عن قرش يقيهم العوز أو غطاء يتدثرون به في أيام البرد، وعندما تبرهن المافيات، في المدارس والجامعات والكهرباء والمياه والطرق والوكالات الحصرية للمواد الغذائية، أنها تحقق أرباحاً خيالية برغم كل مصائب البلد، وعندما ترتفع معدلات الجريمة وحوادث السرقة والطرق وتعاطي المخدرات وتجارتها.. فإن ذلك كله مدعاة للبكاء على ما تبقى من دولة.

تكفي فضيحة ملف النفط للتدليل على فداحة ما يُقترف بحق هذا البلد. صار انعقاد حكومة تصريف الأعمال في جلسة استثنائية خاصة لأجل إقرار ما يلزم من مراسيم لبدء مسار التلزيم في هذا القطاع، مطلباً دولياً، غير أن النكايات السياسية والمصالح الشخصية والانتخابية وحسابات بعض الخارج والداخل، تؤدي كلها الى عدم جعل النفط أولوية لبنانية، ما يؤدي الى حرمان لبنان من فرصة تاريخية للاستفادة من الثروة النفطية والغازية.

ومع استمرار تعطيل المؤسسات الدستورية، لا يتقدّم أي عنوان على ملف الأمن. هاجس يوحد اللبنانيين، ولو أن مسارب الخطر مختلفة. الأكيد أن كل من اكتووا بنار الحرب الأهلية، يخشون اليوم من تكرار فصولها، خاصة في بلد مكتوب على أهله أن يتعايشوا مع قاعدة «لا غالب ولا مغلوب.

المؤسف أن كل خطة أمنية لا بدّ وأن تكون مدفوعة الثمن. هذا ما حصل في صيدا والضاحية وبعلبك وطرابلس، وهذا ما سيحدث في مناطق لبنانية أخرى في الأيام المقبلة.

وما يسري على أمن المناطق يسري أيضاً على السجون. عشرات التقارير الرسمية حذرت وتحذر من انفجار ملف سجن روميه بوجه كل الطبقة السياسية. وبرغم ذلك، تناوب المعنيون على التهرب من المعالجة الجدية لقضية الموقوفين والمباني التي يقيمون فيها. فماذا كانت النتيجة؟

الحقيقة الجارحة اليوم أن «دولة روميه صارت أقوى من الدولة اللبنانية بكل مستوياتها. الدليل أن تنظيماً إرهابياً قَتل مَن قتل من العسكريين والمدنيين الشهداء، وكان يفترض أن تعلق المشانق لعناصره، صار يحكم سجن روميه ويجند ضباطاً وعسكريين لبنانيين في هذا السجن المركزي نفسه لا بل في ثكنات عسكرية على امتداد الأرض اللبنانية، من دون إغفال ما يقوم به أيضاً من تجنيد لخلايا ارهابية، ولذلك لن يكون مفاجئاً في يوم من الأيام أن يكتشف المسؤولون أن بعض التفجيرات تم التخطيط لها من السجن المذكور!

مناسبة هذا الكلام، ما تكشف من معطيات، أمس، عن محاولة قام بها أحد العسكريين لإدخال مواد تستخدم في صناعة المتفجرات عن طريق توضيبها في سندويشات يتم إدخالها للموقوفين، وذلك في إطار التحضير لعملية هروب جماعية كبيرة على غرار تلك التي شهدتها سجون العراق وليبيا وأدت الى فرار المئات من عناصر «القاعدة ممن انتقل عدد كبير منهم الى سوريا، وألمح تقرير نشرته «السفير، أمس، الى وصول بعضهم الى الأراضي اللبنانية.

والمفارقة اللافتة للانتباه أن قوى الأمن الداخلي ترددت في تنفيذ عملية دهم لـ«المبنى ب الذي تحوّل قاعدة عسكرية لـ«فتح الاسلام وأخواتها، برغم تيقنها من التخطيط لفرار نزلائه، والسبب «هو التخوّف من إراقة دماء قد تشعل الرماد في مناطق محسوبة، مذهبياً، على السجناء الإسلاميين!.

ووفق مرجع أمني، فإن واقعة تهريب مادة الـ«كاربير قبل يومين، ربما سبقتها أعمال مماثلة تعذر الكشف عنها، من دون استبعاد ادخال مواد أخرى، فضلاً عن عدم معرفة كمّية الممنوعات، من متفجرات وأسلحة وأجهزة اتصال، يملكها الإسلاميون الذين يبلغ عددهم نحو 190 سجيناً، والأخطر، يقول المرجع الأمني نفسه، «أننا لا نستطيع ذلك بسبب عدم وجود غطاء سياسي يسمح للقوى الأمنية المعنية بمداهمة المبنى وتفتيشه.

والمفجع أن كل ضابط وعسكري لبناني في سجن روميه لا يخضع لإرادة هذه المجموعة الارهابية، يمكن أن يحاكَم بسرعة قياسية، وهذا هو التبرير الذي أعطاه أحد الضباط بعدما تبين أنه متورط بتأمين عشرات أجهزة الهاتف الخلوية للموقوفين، ولذلك صح القول في موقوفي «فتح الاسلام أنهم حكام روميه لا بل حكام الدولة اللبنانية.

والمؤسف أنه عندما قررت الدولة اللبنانية وضع يدها على ظروف تحسين سجن روميه وتسريع المحاكمات، تبين أن مافيا الدراسات والتلزيمات والتنفيذ فعلت فعلها عبر فضائح مالية تبين أن معظم المتورطين بها هم من «أهل الكار في مؤسسة قوى الأمن.

السابق
الجمهورية: سلام يعتبر الإعتذار خطوة في المجهول وتضاؤل فُرَص الإختراق الإقليمي
التالي
فيلتمان: سليمان بات أساس “الشرعية” في لبنان