في معنى أن نكون الأسوأ

لبنان احتلّ المركز العاشر في تصنيف الدول الأكثر سوءاً في ما يخص جوازات السفر. بسبب مشكلات منع الحصول على التأشيرات، بحسب دليل “Henley & Partners” للقيود الموضوعة على التأشيرات العام 2013. والمفارقة الغريبة في الأمر أنّنا أحرزنا تقدّماً عن العام 2010.

إذاً نحن الأسوأ ولن تصدر أي تصريحات رسميّة لتبرر لنا كمواطنين لماذا نحن كذلك. لنحلّل هذا الأمر قليلاً ولا بأس إن أراد القارئ أن يضع أمامه صحن التبولة وكأس العرق وهو يمعن في التفكير بالمسألة.

لنسأل: من أين يسدد الأهالي الأقساط المدرسية التي ترتفع عاماً بعد عام، في حين أثبتت الإحصاءات أنّ مداخيل معظم العائلات تكاد لا تكفي لتأمين مصاريف التعليم؟ لنسأل: من أين يأتي المواطن ذو الدخل المحدود بما يكفي لتسديد إيجارات البيوت الباهظة؟

لنسأل بعيداً: عن التصريحات العنصرية وشمّاعة اللاجئين السوريين التي أوجدناها مؤخراً لنعلّق عليها مأساة هذا البلد. ولنسأل: لماذا لا يتحدّث اللبناني عن المياه المالحة التي تنسكب من حنفيات منزله؟ لماذا لا يتحدّث عن غلاء الأسعار؟ ولنسلّم جدلاً أنّ “بريستيجه” لا يسمح له بذلك. ألم تصبح الأمور الحياتية ضاغطة بما يكفي لكي يطلق المواطن صرخته؟ أم أنّنا شعب مخدّر اعتاد إبر البنج والحلول المؤقتة ومنها تراكم الديون؟

نحن الأسوأ إذاً والمشكلة لا تكمن في درجة السوء بل في بالرضوخ إليه كأنّه ليس مشكلة فعلية جديرة بأن تجعلنا نفكّر ولو للحظة بما يدور في بلادنا.

أن تكون الأسوأ هو اعتراف ضمني باللّاجدوى. نعم، نحن الشعب العنيد الذي يستطيع تجاوز المحن ولكنّنا أيضاً الشعب المعلّق بين ماضيه وغياب رؤيته المستقبلية. نحن ذلك الجسد المتهاوي الذي اعتاد أن يكون موقعه على الحافة واعتاد بقدرة غريبة ألّا يقع. ألا يستحق شعب كهذا – لأجل أبنائه – أن نحاول تقويم وقفته؟

العائق أساسي أمام تقدّم اللبنانيين هو غرورهم. نحن لا نريد أن نعترف بأننا نرزح تحت وطأة مشاكل عدة كالبطالة والفقر وغياب الأنماء. وإن اعترفنا، نعترف من باب “النقّ” الذي لا يجدي ولا يأخذ الأمور على محمل الجدية. نريد أن نحتفظ بصورة فوقية وسخيفة عن أنفسنا ونكمل العيش متّكلين على مساعدات المغتربين.

يستطيع رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يطمئننا أنّ وضع لبنان لا يزال الأفضل في المنطقة فيما الهيئات الإقتصادية والعمّالية تطلق صرختها. حسبي أن لا مشكلة لديه ولدى سواه من الطبقة السياسية أن نبقى على مسافة خطوة من الهاوية.. فعند الوقوع، سيكون من السهل بالنسبة إليهم أن يحصلوا علىتأشيرات الخروج. تلك التي لن نحصل عليها، أو سنكون “أسوأ” من يحملها. والأسوأ سيبقي لنا نحن المواطنين لنواجهه وحدنا بكل ما أوتينا من يأس.

السابق
زيف الأوهام الخاصة بحجم النفوذ الأمريكي
التالي
المأزق الإسرائيلي