لماذا بارك حزب الله نقل زبالة بيروت للضاحية؟

سوق الخضار
في 1995 كان إنشاء سوق للخضر في شاتيلا "مؤامرة من رفيق الحريري لنقل نفايات بيروت الى الضاحية. اليوم، بعدما حصل حزب الله على قطعة أرض من بلدية بيروت لضمّها إلى مقبرة "روضة الشهيدين"، أنزل النائب علي عمّار مسدّسه الذي وضعه ذات يوم في رأس مستشار رفيق الحريري، المهندس فادي فوّاز.

في العام 1995 شَهَر نائب “حزب الله” علي عمار مسدّسه في وجه المهندس فادي فوّاز، مستشار الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي كان يشرف على البدء بمشروع إقامة السوق الشعبي للخضر في مستديرة شاتيلا على مشارف ضاحية بيروت الجنوبية. وذلك على أرض تابعه لبلديّة بيروت، بحضور فعاليات وضباط أمن ومهندسين وعمال.

يومها فاجأ عمار الجميع حين وصل بسيارته “المرسيدس” التي حملت لوحة مجلس نواب رقمها 136، محاطاً بعدد من الحرّاس. وفورا هاجم المهندس فواز عندما كان يناقش بعض المهندسين حول طريقة العمل، ووضع مسدّسه الشخصي في وجهه وهدّده بالقتل اذا لم ينسحب من المكان. ولما عانده المهندس فواز، دفعه بيد والمسدس بيد أخرى ثم هجم أحد حراس عمار نحوه وهدّده برشاش حربي ودعاه للصعود الى سيارته ومغادرة المكان.

سيقت يومها اتهامات كثيره ضدّ بلديّة بيروت والرئيس الشهيد رفيق الحريري ومستشاره المهندس فوّاز بأنّهم يريدون تنظيف بيروت وتخليصها من هم سوق الخضر ونفاياته، لنقل تلك النفايات إلى الضاحية وابتلاء أهلها بها الذين لن يحتملوا ما سينشره من روائح وفوضى وضجيج وهكذا صُوِّرَ مشروع اقامة سوق الخضر المركزي آنذاك على أنّه عملية تشويه عمراني و”مؤامرة بيئيّة” لها وجه طائفي خبيث، شحذت لمقاومته ما تيسّر من عصبيات طائفية مناطقية وعًبّئت النفوس وجًيّشت لإفشاله. وهكذا كان. فأجّلت بلديّة بيروت العمل على المشروع إلى أجل غير مسمى وتوقّف العمل به.

اليوم تغيّر الحال بشكل مفاجىء، ففي حفل حاشد حضره الاعلام منذ أسبوعين في مركز بلديّة بيروت، أطلقت “نقابة تجّار الخضر والفاكهة بالمفرق”، بالتعاون مع البلديّة، المرحلة الأولى من مشروع إنشاء “السوق المركزي للخضر والفاكهة بالمفرق”، في المكان نفسه حيث شهر عمّار مسدّسه. وذلك دون أدنى اعتراض إن من النائب عمّار أو من حزبه أو من “الأهالي” الذين آزروا النائب وأيّدوه في ذاك اليوم المشهور .

أما سبب تغيّر الأحوال عند الحزب والأهالي فقد بات معلوما. إذ قدّمت بلديّة بيروت قطعة أرض لحزب الله تملكها بلديّة بيروت، وتبعد مئتي متر عن السوق المزمع انشاؤه، لتكون امتدادا لمدافن روضة الشهيدين، ويخصّصها حزب الله لدفن شهدائه.

يحتفي رئيس المجلس البلدي في بيروت بلال حمد بقرب بدء تنفيذ المشروع ويؤكّد لوسائل الاعلام ان “المشروع أمانة لانه حلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقد حمّلنا اياها الرئيس سعد الحريري”. وفنّد حمد كلّ ما كان يحتج به للاعتراض على المشروع مؤكّدا ان “الارض التي ستشاد عليها السوق مناسبة لاستيعاب التجار، وهي في مكان ملائم وسطي يجمع بيروت والضاحية وبدارو وعين الرمانة، والكلام ان موقع السوق غير ملائم وغير آمن، كلام غير دقيق، لان موقع السوق يخدم بيروت ومحيطها, فالسوق ضروري كونه سيساهم في الحد من انتشار العربات واحتلال الأرصفة”.

بغض النظر عما إذا كان مناسبا إقامة المشروع أو عدمه، يبقى المؤكّد والصحيح ان الصفقات تقام علنا وعلى رؤوس المواطنين في وطننا دون استحياء أو تحفّظ. بالطبع شهداؤنا يستحقون الرحمه والدّفن اللائق، لكن الأحياء يستحقون ان يعيشوا بكرامة أيضا، فلا يستهان بعقولهم ولا يعبث بأمنهم الاجتماعي والصحي تحت عناوين مقدّسة. فلا “شهداء المقاومه” ولا “شهادة رفيق الحريري”، تستحق ان يزج بها لانعقاد الصّفقات بين الزعماء أرباب الرعايا الذين احترفوا التجاره بالبشر كما الحجر.

“المؤامره البيئيّة” اليوم على أهالي الضاحيه لم تعد موجوده. النفايات وروائحها سوف تكون أمرا عاديا وطبيعيا. لن يتذمّر أحد من الازدحام على مدخل الضاحية – شاتيلا، وكذلك ضجيج وصراخ البائعين سيكون سيمفونية جميله، والتشويه العمراني “سيجعل المنطقة أجمل مما كانت”.

السابق
الجيش: خبر اشكال حاجز المشرفية تضمن معلومات منافية للحقيقة
التالي
الجماعة الاسلامية: لدعم قضايا الصيادين