كغدٍ في ظهر الغيب

دائماً وأبداً للبنان حصّة حرزانة في كل مسألة أو أزمة أو قضيّة عربيّة. ولا داعي للعودة إلى ما قبل الاستقلال، وما بعد النكبة.

بديهيٌّ، إذاً، أن يكون في موقع الشريك غير المضارب في الحرب السوريّة وتطوّراتها، وخصوصاً بعد انخراط “حزب الله” في ساحاتها، وانتقال ما يُقدّر بمليون ونصف مليون سوري إلى الربوع اللبنانيّة الغنّاء.

كل التفاصيل والمحاذير والمخاوف في هذا الصدد أُشبعت شرحاً وتفنيداً. وكل ما قيل في هذا الموضوع الإنساني الشائك لا يقدّم ولا يؤخّر. وقد يكون الآتي أعظم في هذا المجال وغيره.

أما وقد توقّف قرع طبول حرب السلاح الكيميائي موقتاً أو نهائياً، وأُزيلت حواجز كثيرة من درب الحلول البديلة، فمن الطبيعي طرح أسئلة متلازمة مع الكيميائي كسلاح فتّاك، ومع الحرب السوريّة بكل أسلحتها، وطائراتها، وصواريخها، وأفرقائها، وضحاياها، ودمارها، ونظامها الذي يشكّل لبّ الموضوع وجوهر القضيّة.

على افتراض أن السلاح الكيميائي قد سلك سبل التسوية. إما بوضعه تحت رقابة الأمم المتحدة، وإما بتسليمه إلى الشرعيّة الدوليّة، وإما ببقائه في أرضه والدوران حوله وحول اقتراحات حلوله في جنيف أو سواها… ثمانين حولاً لا أب لك يسأم.

فما الذي يحصل لاحقاً في سوريا، ومن زاوية حرب الإبادة الجماعيّة التي تجتاحها بقسوة وشراسة منذ نيّف وسنتين؟

وإلى متى؟

وما هي الحلول، أو الاقتراحات، أو الاحتمالات التي تضع حداً لهذه المجازر، التي تغتسل بها مَنْ كانت بوابة التاريخ، والمشرق؟

جنيف – 2، مثلاً، كما تشير بعض التلميحات، وكما تؤشّر حركة الأخضر الإبرهيمي الذي أعادته إلى الصورة الضربة الكيميائية التي لم تحصل، وقد لا تحصل أبداً مطلقاً بتاتاً؟

قد يستلزم الوصول إلى أيّ حلٍّ، أو أيّ تفاهم يوافق عليه الثوّار وترضى به المعارضة، ويباركه “الجيش السوري الحرّ” المزيد من الاجتماعات، والأشهر، وربما السنوات من الانتظار… فيما آلة الموت والدمار مستمرّة في “مهمتها”.

فما العمل؟ وما هي الجزية الإضافية التي ستُفرض على لبنان المشلول والممنوع من تأليف حكومة عادية، وهو على أبواب استحقاقات رئاسيّة ونيابيّة؟

لا أحد في لبنان، لا مسؤول ولا مراقب من المخضرمين يملك جواباً شافياً كاملاً، ولا حتى أية مقاربة في هذا المجال. لا شيء. لا شيء سوى المزيد من الانتظار.

فالجزء الواضح من “الخطّة الروسيّة” يقتصر على بندين: تأجيل، أو إلغاء الضربة، واستمرار السعي في اتجاه جنيف – 2.

ولكن، لا إشارة بالنسبة إلى النظام والموضوع الأساسي الذي تطوّرت الاعتراضات والمواجهات والمآسي بسببه.

أسئلة كغدٍ في ظهر الغيب.

السابق
هجوم على القنصلية الأميركية غرب أفغانستان
التالي
سخرية الجبابرة