ربيع شعب.. لا ربيع أحزاب

ثورة الشعب يجب ان تكون ثمرتها دولة للشعب، وهذا مكمن خطأ الإخوان المسلمين في مصر عندما حاولوا إقامة دولتهم «هم» فسقطوا!

الربيع العربي، ما هو الا ثورة غضب على واقع مرير، وثورة شعوب عانت عقوداً من الظلم والاستبداد، لذلك قد يفشل اذا ما اراد البعض ان يحوله الى مشروع حزبي وربيع تيارات سياسية، مثلما حدث في مصر مع جماعة الاخوان المسلمين، صاحبة مشروع عودة الخلافة، التي غاب عن قادتها ان مشعل فتيل قنبلة الربيع في المنطقة، محمد البوعزيزي لم يكن جهاديا حينما ثار في وجه الظلم وانما كان عاملا بسيطا ضاقت به سبل العيش الكريم في بلاده، اضف الى ذلك ان الشعب المصري لم ينتفض ضد حسني مبارك ونظامه في ميدان التحرير من اجل تنصيب المرشد وحركته، وانما خرج ليقول: كفى تجاهلا للشعب، كفى تفردا بالسلطة، كفى نهبا للثروة. وهي رسائل لا يبدو ان قادة جماعة الاخوان قد استوعبوها كما يجب، بدليل انهم ما ان استلموا زمام الامور هناك حتى شرعوا في اقامة دولتهم على انقاض دولة مبارك، بدلا من اقامة دولة الشعب الذي خرج من اجلها وقدم في سبيلها الكثير من التضحيات، ولعل اللافت للنظر ان الفشل والافشال ملازمان لتاريخ جماعة الاخوان المسلمين في المنطقة، فقد حاربت الجماعة مشروع اقامة الدولة القومية ايام المد الناصري في بداية القرن الماضي بحجة العودة للخلافة، الى ان انتهت الامور الى ما انتهت اليه من تقسيم وتفتيت وتشعيب للأمة العربية، مما جعل من خير امة اخرجت للناس مجرد قصعة يتكالب عليها العدو والصديق ومطمعاً للقريب والبعيد، وها هي جماعة الاخوان المسلمين نفسها، تكرر الاخطاء التاريخية نفسها، ولكن مع مشروع الدولة الديموقراطية، الذي يبدو ان نهايته على يد هذه الجماعة لن تختلف كثيرا عما انتهى اليه مشروع الدولة القومية ان لم يكن اسوأ من ذلك.. من هنا نأمل ان كان ما زال هناك من امل، ان تدرك هذه الجماعة وغيرها من التيارات السياسية في المنطقة ان حركة الربيع العربي، مشروع شعب لا يقل غضبه على الاحزاب عن غضبه عن انظمة الاستبداد.

السابق
أزمة سورية بلا توعية حكومية
التالي
لا حلحلة داخلية قبل التسوية السورية