أزمة سورية بلا توعية حكومية

تتسارع وتيرة الانباء المتدفقة على سورية هذه الأيام، خصوصا بعدما تحركت الولايات المتحدة الأميركية خطوة نحو توجيه ضربة عسكرية ضد نظام بشار الاسد بسبب استخدامه للسلاح الكيماوي، ومن المنتظر أن يصوت الكونغرس على تلك المسألة في الاسبوع المقبل مع تنامي المخاوف من أن يوسع العمل العسكري نطاق الصراع. واثناء ذلك لم يكن بعيدا عن اهتمامات الناس استعدادت الحكومة الكويتية لهذه الضربة لجهة مخزونها الاستراتيجي من السلع الرئيسية ومدى صلاحية خططها التصديرية والاستيرادية في حال حدوث اي تغيير مفاجئ في الموقف الايراني والميل نحو المشاركة في التصدي للحرب على سورية من قبيل اغلاق ايران لمضيق هرمز؟
من حيث المبدأ اعتقد ان ما دامت دول مجلس التعاون الخليجي بعيدة عن الصراع السياسي، فلا أرى سببا يدعو للتشاؤم من منظور سياسي او اقتصادي، لكن ذلك لا يمنع ان نتحضر لأي مفاجأة تحدث، ففي السياسة لا توجد مبادئ يمكن الاعتماد عليها، ولذا يتعين الاخذ باسوأ السيناريوات المحتملة. لكن ما يهمنا الآن هو استعدادات الحكومة الكويتية ومؤسسات القطاع الخاص المعنية بتوفير السلع الرئيسية للأزمة، وهنا ربما يعيد الحديث المفتوح عن الأزمة السورية إلى الاذهان مجددا حرب تحرير العراق، حيث وقتها لم تدخر الحكومة جهدا الا واستخدمته في التأكيد على جهوزيتها بالكامل في حال تعرض الكويت لأي مخاطر محتملة من هذه الحرب.
وفي المقابل لم تكن الاسواق المركزية والجمعيات التعاونية اقل كرما من الحكومة في استعراض الأرقام التي تؤكد وتطمئن بأن المخزون الاستراتيجي لديها يكفي لأشهر ما يجعل الكويت بقطاعيها الحكومي والخاص على مقدرة بمقابلة الأزمة بجميع الامكانات المطلوبة.
لكن للأسف ومع التجربة العملية التي مرت علينا في الكويت واختبرت فيها الحكومة، اتضح أن جزءا كبيرا من التصريحات التي ادلى بها مسؤولون حكوميون عن جهوزية الكويت وكذلك مسؤولو الاسواق المركزية والجمعيات التعاونية جانبها الصواب.
اما هذه المرة فمن الواضح في تصريحات رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم بعد لقائه الاسبوع الماضي الحكومة بحضور النواب، ومن قبل من تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للدفاع المدني الشيخ محمد الخالد الصباح، بأن خطط الحكومة الاحتياطية والاحترازية مطمئنة سواء من حيث كفاية مخزون السلع الرئيسية أو من حيث القدرة على استيراد المزيد في حال الحاجة، وبرأيي ان مثل هذه التصريحات مشجعة للشعور بالثقة اكثر من تجربة حرب تحرير العراق في قدرتنا على مواجهة اي تحديات يمكن ان تفرض علينا، وهذا بالطبع مرهون بمدى دقة مسؤولينا في نقل الأرقام الحكومية إلينا.

ملاحظة:
سمعنا ان هناك تنسيقا بين وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة المعنية بتنفيذ وسائل وتدابير خطط الطوارئ العامة للتأكد من جهوزيتها لمواجهة اي تغير استثنائي، لكننا لم نلحظ وجود اي مواد اعلامية توعوية تشرح لنا ماذا علينا ان نفعل اذا حصل هكذا وهكذا وهكذا…؟
ولذا اتمنى من الجهة الحكومية المسؤولة واعتقد انها إدارة الدفاع المدني ان تطلع المواطنين والوافدين على كيفية التعامل مع الأزمة في حال حدوث اي تداعيات سلبية على الكويت، وان تتضمن ذلك تدريبات بسيطة وضرورية عبر شاشات التلفزيون الحكومي واتمنى ان تشارك وسائل الاعلام الخاص في هذا الواجب الوطني، ففي النهاية النجاح ليس لمن يحلم به لكن لمن يستيقظ مبكرا لإنجازه.

السابق
سيناريو الكابوس السوري؟!
التالي
ربيع شعب.. لا ربيع أحزاب