مصر والإخوان وحرب الديموقراطية

ذهبت اعتصامات “الإخوان” وتداعياتها بعيداً، وحاولت هزّ أركان الدولة من أساساتها، مما لم يترك أي مجال أو أية فرصة أمام السلطة الجديدة “الموقتة” سوى الإقدام والقوة.

الخيارات والاحتمالات والاقتراحات الكثيرة، التي طرحها الأزهر وبعض الوسطاء على قيادات “الإخوان” ومرجعيّاتهم، داخل الاعتصامات وخارجها، لم تجد أي استجابة. ولا حتى مجرد قبول بالحوار: يعود محمد مرسي الى الرئاسة او تتعرّض مصر لامتحان صعب وقاس.
وهذا ما دفع السلطة “الموقتة” للاحتكام الى الحل الوحيد الذي أُجبرت على اللجوء اليه واستخدامه لإبعاد شبح حرب أهليّة بدأت حرائقها تدقّ أبواب الفتنة الطائفيّة أيضاً، وعن سابق تصوّر وتصميم.
حتى قيل، نقلاً عن مسؤولين كبار في المنطقة والعالم، انه لم يعد ثمة مجال أو مكان للحلول والمخارج الوسط. لقد فات الأوان: فإما مصر تحت راية الحرية والديموقراطيّة والانفتاح، وإما مصر “الإخوان” والانغلاق والضياع… وربما الانزلاق الى ما هو أشدُّ ضراوة وفتكاً.
ولم يتردّد مثقفون وصحافيون مصريون في المجاهرة، وعلى الهواء مباشرة، بأن تصدّي السلطة لاعتصامي النهضة ورابعة العدوية لم يفاجئ المصريين بصورة عامة، ولم يشكل صدمة كبيرة، سوى أن البعض تمنّى لو ان نهاية هذه “الهزة” تمكنت من سلوك سبل التسويات المعهودة.
لكن الحكومة المصرية كانت صريحة مع المعتصمين، ومع الرأي العام المصري والعربي والدولي، في انها لن تترك الاعتصامات تهدد استقرار مصر ووحدتها ومستقبلها. وقد مهّدت لهذه الخطوة بمناشدات متتالية للمعتصمين. واستنجدت بكل المراجع للتوسط اذا أمكن ذلك. ثم أكدت لمن يعنيهم الأمر اتخاذها اجراءات لاخلاء الميادين والساحات والشوارع بالطرق والوسائل المناسبة…
الآن حدث ما حدث وما كان متوقعاً. وبالطبع ستبقى مصر واقفة على رجل واحدة وعلى أعصابها فترة طويلة، قبل أن تلملم الذيول وتعالج الجروح، وتعيد دورة الحياة الى طبيعتها.
إلا أن السؤال المنبثق، تلقائياً، من هذه التطورات الدرامية سيتجه صوب “الميادين” الأخرى، وحيث مرََّ “الربيع الخريفي”، وحجم “الانعكاسات المصرية” على “أخوان” تونس و”أخواتها” في الجوار القريب والبعيد… وهل تنتشر “عدوى التصدّي” لهذه الميادين والقصور والسلاطين الجدد؟
أما بالنسبة الى لبنان، فعليه بذل المستحيل لتفادي كأس مماثلة، أو قريبة الشبه بها.
المثل اللبناني يقول: إذا حلق جارك بلّ ذقنك.

السابق
الحاجة حياة
التالي
قطط أكلت جثة صاحبتها