لبنان أرض بلا دولة

في دردشة خاصة قال لي صديقي " يا اخي الوضع لم يعد يطاق " حزب الله يقاتل في سوريا بحجة الدفاع عن الشيعة والمقامات الدينية وبعض مشايخ السنة أعلنت الجهاد دفاعا عن أهل السنة في سوريا يعني حرب لبنانية مذهبية على أرض سورية , والانكى أن السياسيين ما زالو يهرطقون اعلاميا بموضوع القانون الانتخابي , فقلت له "هذا لبنان كل واحد فيه مفكر حالو رامبو , بس رامبو من هوا, والدولة بعالم أخر".
فليس وقت أن نحلل ونفسر ونبرر لاعطاء الحق لطرف ما, فهذا الكلام لم يعد ينفع لان كل طرف يرى الامور من منظوره الخاص ويعتبر نفسه صاحب الحق , وأنه يسير على طريق الجنة أو النصر.
فلبنان اليوم كما أيامه الخوالي هو بلد منقسم سياسيا , وهذا أمر طبيعي في المفهوم السياسي الحديث والديمقراطي , ولكن ما ليس بطبيعي هو أن يجره انقسامه السياسي الى التهلكة , فتصبح كل فئة منه لديها مشروع خاص و أهداف تتخطى حدوده الجغرافية , وتريد نصرة نظام خارجي والتدخل في صراع أكبر من حجمها وقدراتها , والذهاب بشباب لبنان الى المجهول والعودة بهم جثث محملة.
فلنتكلم بواقعية , فهل بضعة عشرات أو مئات من الشباب اللبناني تستطيع أن تغير في موازين القوى على أرض المعركة في سوريا ؟ فسوريا 23 مليون نسمة ومحافظة واحدة منها أكبر من لبنان مساحة وعددا .
فالرسالة الى مشايخ السنة الذين دعوا الى الجهاد , فالثورة السورية ليست بحاجة الى الرجال كما جاء في بيان الهيئة العليا المشتركة للجيش السوري الحر , بل الثورة بحاجة الى المال والسلاح والدعم السياسي وهذا ليس من مقدرتكم , بل من مقدرة الدول , والحرب الدائرة لا تخاض بتشكيلات من خمسة عناصر غير مهيئة قتاليا ومدربة بشكل صحيح.
والرسالة الى حزب الله الذي يحارب في سوريا , فهذه حرب ليس لك بها لا ناقة ولا جمل, وشعارها الدفاع عن الشيعة والمقامات ليس بموفق لأنه يأخذ لبنان الى حرب طائفية وتفقدك وهج مقاومتك وشرعيتها وتزيد من الشرخ بين المسلمين وتوقظ فتنة تداعياتها ستكون مدمرة على لبنان وجميع فئاته, وفي النهاية سيكون الضحية شباب لبناني .
نوجه هذه الرسائل لأن الضحية ان كانت من هذا الطرف او ذاك فهي شباب لبنان وبشكل خاص شباب مسلم يقتل ويخسره أهله وتذهب القدرات هباء بدل أن تكون جاهزة فقط في وجه العدو الصهيوني , ان استدعاء الفتنة السنية الشيعية من رواسب التاريخ ليس سوى حماقة قاتلة تزيد من معاناتنا وتدمر ما بقي من ثقافتنا وتعبد طريق النصر أمام أعدائنا.
فيا أخي اذا كل طائفة في لبنان تريد أن تحارب لنصرة احد من نفس الطائفة في بلد اخر فلدينا 18 طائفة يمكن ان تخوض معارك في شتى بقاع الأرض , فربما اللبنانيين يظنون أنفسهم حوالي مليار نسمة كل واحد يرى نفسه مليون.
ويخطر ببالنا دائما سؤال فهل نحن نعيش في دولة ؟ كباقي الدول دولة لها مؤسسات وجيش وسيادة؟ فأمام ما نرى و نسمع فبالتأكيد من حق كل مواطن أن يشك بذلك.
فاليوم قد فاقت الخطورة الخطوط الحمر فاما أننا نعيش في دولة لها سيادتها وهي المرجعية الوحيدة في اتخاذ القرارات التي تعنى بأمن الوطن والمواطن, أي أن تضرب بيد من حديد وتمنع الجميع من القتال في سوريا ودون اي استثناء وتحت أي مسميات واما أن يستقيل جميع المسؤولين ويذهبوا الى بيوتهم ونقول على لبنان السلام.

السابق
المرجع السيستاني يدعو لنبذ الطائفية
التالي
دعوة لمحاكمة فضل شاكر