إسرائيل: لا للأميركيين العرب

هناك في الوقت الراهن تشريعات عدة يجري النظر فيها في الكونغرس، تتعلق بضم إسرائيل للبرنامج المعروف بـ«برنامج الإعفاء من التأشيرات»، وهو ما سيعني السماح للمواطنين الإسرائيليين بالدخول إلى الولايات المتحدة من دون تأشيرة دخول. وقد أعلن أعضاء عدة في الكونغرس بالفعل عن موافقتهم على التبني المشترك للبرنامج. ونظراً لأن الدول التي تسعى للتأهل للحصول على تنازل عن شروط تأشيرات الدخول لأراضيها يجب أن تقدم «مزايا مساوية لمواطني الولايات المتحدة والحاصلين على جنسيتها» فإنني أنصح أعضاء الكونغرس الذين يؤيدون حالياً، أو الذين يفكرون مستقبلاً في تأييد مثل تلك البرامج، بأخذ نظرة متمعنة وفاحصة لما يعرف بـ«الدليل الإرشادي للسفر لإسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة» الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية.
ووفقاً لهذا الدليل الإرشادي، يُنصح مواطنو الولايات المتحدة بأن يأخذوا علماً بأن: «جميع الأشخاص الذين يتقدمون للحصول على أذون دخول إسرائيل، والضفة الغربية، وقطاع غزة، يمكن أن يحرموا من الحصول على أذون الدخول ـ والخروج – تلك، من دون إبداء الأسباب»! وبشكل محدد ينص ذلك الدليل الإرشادي على أن: «مواطني الولايات المتحدة، الذين تشك السلطات الإسرائيلية في كونهم عرباً، أو شرق أوسطيين، أو متحدرين من أصول إسلامية… يمكن أن يواجهوا أسئلة فاحصة إضافية، تستغرق وقتاً طويلاً، من قبل سلطات الهجرة والحدود، بل وربما يحرمون من الدخول».
والأكثر إزعاجاً من ذلك نوعية المعاملة المحددة للأميركيين من أصول فلسطينية، حيث يقول الدليل الإرشادي: «من حق السلطات الإسرائيلية اعتبار الشخص فلسطينياً، إذا ما كان حاصلاً على رقم هوية فلسطيني، أو كان من مواليد الضفة الغربية، أو قطاع غزة، أو من مواليد الولايات المتحدة، ولكن يتحدر من أبوين، أو أجداد عاشوا في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأي مواطن أميركي ينطبق عليه ذلك، قد تطلب منه حكومة إسرائيل قبل السفر إليها أن يتم هذا السفر بواسطة وثيقة سفر صادرة من السلطة الفلسطينية (حتى إذا لم يكن هؤلاء المواطنون الأميركيون راغبين في الحصول عليها)، وإلا سيتم حرمانهم من الدخول إلى إسرائيل، بل وقد يواجهون احتمال التأخير لمدد طويلة عند نقاط الدخول لأراضيها.
ولما يزيد على 35 عاماً اليوم ظللنا نوثق هذه المعاملة التمييزية ضد الفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية. وقدمنا لوزارة الخارجية الأميركية وللجهة المشرفة على الدليل الإرشادي المشار إليه، المئات من الشكاوى المقدمة من الأميركيين المتحدرين من أصول عربية، حول المعاملة التي تعرضوا لها عند دخول إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قمنا عبر السنين بتقديم شكاوى لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين مفادها أن إسرائيل من خلال قيامها باستثناء العرب والمسلمين الأميركيين تخالف التزاماتها بموجب المعاهدة الموقعة مع الولايات المتحدة عام 1951، والمعروفة باسم «معاهدة الصداقة والتجارة والملاحة» التي يرد فيها نص تتعهد إسرائيل بالسماح بموجبه للمواطنين الأميركيين بالسفر إليها بحرية، والإقامة في الأماكن التي يختارونها فيها، والتمتع بحرية الضمير، كما تضمن لهم الحماية والأمن المستمرين».
وفي الحقيقة إن بعض المسؤولين الأميركيين كانوا مستجيبين للشكاوى المقدمة من قبلنا: فالرئيس كلينتون على سبيل المثال وفر لي شخصياً الفرصة لمناقشة الموضوع مباشرة مع أحد رؤساء الوزراء الإسرائيليين الزائرين، كما أن وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت قامت بشكل متكرر بالاعتراض على هذا السلوك أمام نظرائها الإسرائيليين الزائرين للولايات المتحدة، كما أصدرت الوزيرة السابقة كوندوليزا رايس بيانا قويا يشجب المعاملة الإسرائيلية التمييزية وأكدت علنا أن «أي مواطن أميركي يجب أن يعامل على أنه مواطن أميركي»، ولكن الإسرائيليين، لم يتجاوبوا مع تلك الاحتجاجات والمواقف.
وإذا ما أخذنا هذا السجال في الحسبان، فسندرك أنه من الأمور المحيرة والدافعة للعجب، أن نرى أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ وبعض أعضاء الكونغرس يريدون الآن أن يضفوا الشرعية على الرفض الإسرائيلي للاعتراف بأن العرب الأميركيين، وعلى وجه الخصوص الأميركيين الفلسطينيين، يجب أن يمنحوا حقوقهم كاملة كمواطنين أميركيين.
وتلزم الإشارة هنا إلى أن جزأين من أجزاء التشريع الخاص بالتنازل عن شرط تأشيرة الدخول للولايات المتحدة للإسرائيليين، يتم النظر فيهما حاليا، يعطيان إسرائيل – تحديدا – إعفاءً من التزامها بضرورة ضمان مبدأ المعاملة بالمثل لجميع المواطنين الأميركيين. وإذا ما قام أعضاء الكونغرس بتمرير تلك التشريعات، فإنهم لن يكونوا متساهلين فحسب مع سلوك إسرائيل المفتقر للضمير، وإنما أيضاً مقصرين في الوفاء بالتزاماتهم بحماية حقوق مواطنيهم الأميركيين والدفاع عنها.

السابق
الشيخ الأسير ومناصريه
التالي
تجاذب سياسي