هل يقع الشيعة في أخطار الموارنة والسنّة فيتسبّبون بحرب

ما من حرب في لبنان أشعلها اللبنانيون بقراراتهم ضد بعضهم البعض بل كان الخارج هو من يقرر إشعالها تحقيقا لاهداف وخدمة لمصالح بدءا من حوادث 1860 وما بعدها حتى حوادث 1958 وحرب 1975. حتى أن الحروب بين لبنان واسرائيل لم تكن بقرار لبناني، وأن أي حرب جديدة قد تقع بين اللبنانيين أو بين لبنان واسرائيل لن تقع الا بقرار خارجي بدليل ان حوادث 1958 حصلت بقرار خارجي ونتيجة صراع على النفوذ في لبنان والمنطقة بذريعة منع الرئيس كميل شمعون من التجديد، وحرب السنتين بين اللبنانيين والفلسطينيين وتحولها إلى حرب الآخرين في لبنان كانت بقرار من الخارج وبهدف إخراج الفلسطينيين المسلحين من لبنان بعدما أصبح نشاطهم الفدائي يزعج اسرائيل ويقلقها ويهدد أمن شعبها. ولا حرب تقع اليوم في لبنان الا بقرار خارجي، فلو انها كانت بقرار داخلي لكانت الحوادث الامنية المتنقلة في لبنان كافية لإشعالها. لكن خطأ اللبنانيين انهم ينفذون قرارات الحرب التي يتخذها الخارج، ولا يتفقون على رفض تنفيذها كي لا يكونوا وقوداً لها ويدمر بلادهم خدمة لهذا الخارج. فحوادث 1958 حققت أحد أهدافها وهو منع التجديد للرئيس شمعون وحصول اتفاق اميركي مع الرئيس جمال عبد الناصر على الاتيان باللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وكان ذلك بداية حلول النفوذ الاميركي في المنطقة مكان النفوذ البريطاني. وحرب السنتين بين اللبنانيين والفلسطينيين اتخذت طابعاً طائفياً حاداً إذ إن المسلمين وتحديداً السنّة وقفوا مع الفلسطينيين ضد اللبنانيين وتحديداً المسيحيين وعرضوا الجيش اللبناني للانقسام، ثم تحولت حربا بين المسيحيين والمسلمين دامت 15 سنة وتدخل فيها كل خارج بصورة مباشرة أو غير مباشرة وكانت نتيجتها ان دخلت القوات السورية الى لبنان وفرضت عليه وصاية دامت 30 عاماً وأخرجت المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس، وأنهت الاقتتال في لبنان بالتوصل الى اتفاق عُرف باتفاق الطائف أعاد توزيع الصلاحيات على السلطات الثلاث في الدولة، وقلّص هذا التوزيع صلاحيات رئاسة الجمهورية. وهكذا أخطأ المسيحيون الموارنة تحديداً بحق لبنان كما أخطأ المسلمون السنّة أيضاً بحقه. فهل يتّعظ المسلمون الشيعة فلا يكررون خطأ الطوائف الأخرى خدمة للخارج؟
الواقع ان لا مصلحة لأي طائفة في لبنان في اشعال حرب داخلية بعدما ذاق اللبنانيون الامرين من حروب الماضي ولم يحصدوا منها سوى الدماء والخراب وتعريض الاوضاع الاقتصادية والمالية للانهيار والشباب للهجرة.
والسؤال المطروح: من هو الخارج هذه المرة الذي له مصلحة في إشعال حرب في لبنان، هل هي اسرائيل وليس لها اليوم كما في الماضي مناصرون ينفذون ما تريد؟ هل هي الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي وروسيا؟ وهي دول لا مصلحة لها في زعزعة الامن والاستقرار في لبنان، لا بل انها قبلت التعاون مع الحكومة اللبنانية الحالية على رغم انها من لون سياسي واحد لا يلائم مصالح معظم هذه الدول، لكن بما ان الامن والاستقرار في لبنان له الاولوية عند هذه الدول والحكومة الحالية هي الأقدر على توفيرها قبلت التعاون معها ودعت حتى المعارضة الممثلة في قوى 14 آذار الى هذا التعاون خوفا من ان يكون البديل منها فراغ وفوضى.
إلى ذلك، فإن من يستطيع إشعال الحرب في لبنان ليست سوريا وحدها إنما ايران لأن لها امتداداً سياسياً وحزبياً فيه من خلال قوى 8 آذار وتحديداً من خلال "حزب الله"، وان لاسرائيل مصلحة في ان تقع حرب في لبنان وإن لم تكن بقرار منها لأنها تستفيد من كل حرب داخل اي دولة عربية لأنها تضعفها عسكرياً واقتصادياً ومالياً فترتاح عندئذ من الحروب ضدها.
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو: هل لإيران مصلحة في إشعال حرب في لبنان، وهل لأنصارها وتحديداً "حزب الله" مصلحة فيها؟
لا شيء يدل حتى الآن على أن لايران مصلحة في زعزعة الامن والاستقرار في لبنان، لكن يبقى لها هي ان تحدد متى يكون لها مصلحة في إشعالها، هل عندما يوشك نظام حليفها الرئيس الاسد على الانهيار؟ هل بعد انهيار النظام وقيام حكم جديد في سوريا يبدأ معه تغيير وجه المنطقة؟
لا شك في أن ايران تتخذ القرار في ضوء مصالحها في ضوء ما يكون لها من دور وحصة في هذا التغيير لأنها تمتلك في لبنان والمنطقة القوة الايجابية والقوة السلبية، ولا بد من ان تكون شريكاً في اي صفقة كي ينجو لبنان وتنجو المنطقة من حرب مدمرة.  

السابق
خط مياه بديل لـ«أنابيب الموت» في ميمس
التالي
لماذا لم يمنع المجتمع الدولي إستقالة ميقاتي؟