تركيا وقطر.. حقدٌ شخصيّ

مصدر دبلوماسي عربي يرى أن الحلّ الحقيقي لما تشهده الساحة السورية من أعمال إرهابية من ِقبل العصابات التكفيرية و«جبهة النصرة» يبدأ من عملية ضبط الحدود بين سورية والبلدان المجاورة، وعلى وجه الخصوص الحدود التركية واللبنانية وذلك من خلال قرار ملزم يصدر عن مجلس الأمن الدولي ترجمة لما تضمنته مقرّرات مؤتمر جنيف.
ويعتبر المصدر أنه يتوجب على سورية ضرورة التركيز وتصعيد الهجمة سياسياً وإعلامياً على حكومة أردوغان، باعتبارها المسؤولة المباشرة عن كل عمليات المجموعات الإرهابية. إن كان لناحية رعايتهم وتدريبهم في مخيمات قائمة على الأراضي التركية أو بالنسبة إلى عمليات التسليح ودخول المقاتلين العرب والأجانب بمعرفتها وتشجيعها لهم، وخصوصاً المجموعات المتطرفة المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة، إضافة إلى ما تقوم به الحكومة التركية من سرقة ونهب للمصانع في مدينة حلب وتهريبها إلى داخل تركيا وبيعها هناك بأسعار متدنية جداً، وهذا يعني بالمفهوم الاقتصادي محاولة تدمير سورية اقتصادياً واجتماعياً، وفي هذا الإطار يعتبر المصدر الدبلوماسي أن الدور التركي في الأحداث السورية هو الأسوأ ويليه الدور القطري، وكأن تعاطي مسؤولي هاتين الدولتين يتسم بكثير من الحقد الشخصي على سورية وشعبها وقائدها الرئيس بشار الأسد.
ويحذّر المصدر الدبلوماسي من أنه وإذا لم تبادر الإدارة الأميركية إلى ممارسة الضغوط الجديّة على تركيا وقطر لناحية تجفيف مصادر المال والسلاح والمقاتلين، فهذا يعني أن المعركة في سورية قد تطول، داعياً إلى ضرورة إظهار موقف الأميركي في موقف حقيقي بحلّ الأزمة السورية سياسياً من خلال عملية حوار تقودها الدولة الوطنية السورية على أرضها، وهذا ما يجب أن يظهر في المرحلة التي تلي القمة المرتقبة بين الرئيس الأميركي أوباما والرئيس الروسي بوتين.
وكشف المصدر الدبلوماسي عن أن المسؤولين الأتراك يحاولون ممارسة الضغوط على لبنان لكي يتم تسهيل مرور المسلحين والأسلحة من لبنان إلى سورية بشكل أكبر مما يحصل في المرحلة الراهنة، وفي هذه المحاولة التركية الهادفة أكثر إلى توريط لبنان بالأزمة السورية ترجمتها الحقيقية هي أن«العثمانية» القديمة تحركت عند رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يحاول جاهداً أن يكون له دور في أكثر من دولة عربية بعد الذي سمّي زوراً بـ«الربيع العربي» الذي أوصل الجماعات الإسلامية ممثلة بالإخوان المسلمين إلى السلطة، وهي تشكّل أجنحة من حزب العدالة التركي، وهذه المعطيات التي يمثلها أردوغان يقابلها استياء روسي مقرون بالحذر من الدور التركي المشبوه ليس في سورية فقط ولكن على صعيد المنطقة وصولاً إلى روسيا والصين.
وأوضح المصدر الدبلوماسي العربي بأن الغرب بدأ يتحرك، وهناك مؤشرات للحراك السياسي وإن كان علينا أن لا نتوهّم بأن المواقف الغربية والأميركية ستتغير بسرعة، لأنهم سيحاولون تحقيق مكاسب على الأرض في سورية لكي تكون أوراقاً رابحة في أيديهم عندما يحين الموعد الجدي للحوار الروسي ـ الأميركي، مع الإشارة هنا إلى أنه من مصلحة الدولة الوطنية السورية كلما تأخرت عملية المفاوضات سيصب ذلك في مصلحة تحقيق الجيش السوري المزيد من عمليات الحسم على الأرض وعلى وجه الخصوص في ريف دمشق، وتقول روسيا من ناحيتها إنها بدأت تتلمّس تغييراً في المقاربة الأميركية من الوضع السوري وهي تقوم بجهد دبلوماسي كبير على الصعيد العالمي، لأن لديها القدرة على التحرك في هذا المجال أكثر من إيران التي تتولى التواصل مع المعارضة السورية بهدف تحقيق الحوار. والدور الروسي هو الأفعل في هذه المرحلة، باعتبار أن لديه الكثير من المصداقية عند شريحة كبيرة من الدول في العالم، ومفتاح الدور الروسي في الأزمة السورية وفي الحوار مع الإدارة الأميركية هو مقررات جنيف المتفق عليها بين الروس والأميركيين.
والأهم من ذلك كله هو أن الدولة السورية لن تستسلم والرئيس الأسد سيتابع المعركة حتى النهاية والأفكار التي طرحها في الفترة الأخيرة ستكون المنطلق للحوار القائم على وحدة سورية ومؤسساتها والتعددية والديمقراطية.

السابق
الاسد: لست وحشا أنا إنسان من لحم ودم وطبيب
التالي
تكريم أدباء وشعراء في صور