الفلسطيني نزيه البقاعي من مرج الزهور الى غزة مسيرة 21عاما (2)

الرواي: نزيه البقاعي، فلسطيني من سكان سعدنايل في البقاع اللبناني
الرواية: حقيقية 100%
الزمان: من 1992 الى 2013

… وبدأت رحلة العشق بين الرجال والشوق الدائم الذي جعلني اعتبر هذا المخيم هو دويلتي الصغيرة التي ستوصلني الى وطني الكبير.
عاما كاملا قضيته بينهم في مرج الزهور، وكنا نتسابق مع إخوة لي في من سيقدم للاخوة المبعدين اكثر، ويقف عند طلباتهم حتى في بعض الحالات كانوا يتمنون علينا ان نقلل مما نرسل لانه كثير مبررين بأنه يكون هناك اناس يحتاجونه اكثر منا".
في احد الايام، وحسبما اذكر، ومن اجل ضجة اعلامية كان الدكتور الرنتسي يجري مؤتمرا صحفيا قال فيه أن المخيم محاصر وقد بدأت المواد الغذائية تنقل في ذلك اليوم، وكان القصف يدور حول المخيم من العدو الصهيوني، اضافة الى القذائف المدفعية فأذكر يومها اني قضيت يوما كاملا ارد على مكالمات المحسنين من اللبنانيين والفلسطينيين. وكذلك من الدول العربية ومن دول العالم مبدين استعدادهم لارسال مساعدات عاجلة.

لكن الدكتور الرنتسيي المغفور له كان قد هاتفني قبل نهار وقال لي بأنه سيتحدث عن هذا الموضوع لاثارة ضجة اعلامية، فبذلك ابقوا قضيتهم حيّة يتعاطف معها كل احرار العالم وكل المناضلين. ولم أكن ادري، وحسبما قال لي، بأنه مخيم ترفيهي واننا سنجري تقييما للمراحل السابقة وسنعد العدة للمراحل اللاحقة".
أحسنتم اعدادا يا قادة حماس ويا قادة الجهاد لما صنعتم من نصر مبين بإرادتكم وارادة ابناء شعبكم والتضحيات التي قدمتوموها، لم اكن اعلم مسبقا بأنني في كل يوم في هذا المخيم بين قادة الشعب الفلسطيني الذين سيوصلون جسر العبور الى الوطن.

زارني الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور عزيز دويك والاخ عدلي يعيش رئيس بلدية نابلس في منزلي في البقاع عام 1993 اثناء الابعاد وذهبنا الى بيروت واستقلينا وقتها سيارة النائب الراحل علي ميتا وهو نائب لبناني من البقاع، وتناولنا طعام الغداء في منزل عبد الرحمن الزعتري وهو من صيدا يسكن في بيروت، وايضا حضر الغداء الصحفي رؤوف ابو زكي رئيس تحرير الاقتصاد والاعمال. وكانت الزيارة الثانية آخر يوم من الابعاد حيث كنت في المخيم وكان والدي معي، وكذلك احد ضباط الجيش اللبناني المسؤول امنيا عنهم، وطلبت من الضابط الخروج وسمح لنا بأن نصطحب الدكتور الرنتيسي الى منزلي للخلود الى الراحة والاستحمام حيث عدنا في الصباح الباكر الى المخيم، وكان طلب من الدكتور الرنتيسي ان اضع مجسما صغيرا اكتب عليه(هذا المكان أبعد 416 مبعدا بتاريخ17-12-1992 وعادوا في17-12-1993(.
الا اني وعذرا بسبب انشغالاتي أخرّت وضع تلك اللوحة الى اليوم الذي استشهد فيه الاخ والصديق الدكتور الرنتيسي. فأقمت له نصبا تذكاريا واحتفالا تأبينيا في مرج الزهور في تلك المنطقة التي زارها الكثيرون، وباتت محجة لابناء المنطقة. وكذلك زارها الدكتور محمود الزهار والعديد من قادة الشعب الفلسطيني حيث تؤخذ الصور التذكارية حاليا بجانبها.

في غزة كان اللقاء بعد21 عاما
عند عودتي الى غزة التقيت بالعديد من اولئك الاخوة المبعدين الى مرج الزهور، لم ينسونا ابدا ولم ينسوا اية حادثة اواي شخص في تلك المنطقة وسألوني عن العديد من الاشخاص.
علما اني عند زيارتي اي بلد في العالم، وبعد يومين من وصولي، افكر بالعودة الى بلدي لبنان والى منزلي في البقاع والى الاولاد، الا اني وبكل صدق واقسم بالله، اني شعرت هذا الاسبوع وكأنه دقيقة من الزمن، ولم استطع فعل اي شيء ومرّ بسرعة تتعدى سرعة الطائرة. والقلب بقي في فلسطين والعقل هنا باق باق باق".
تلك التجربة في مرج الزهور عرضتني لمساءلات كثيرة وكثيرة حتى ان احد ضباط المخابرات في احدى الدول العربية قال لي:" لو لم تحتضنوا اؤلئك الذين ابعدتهم اسرائيل لكانوا قد انتشروا في الارض ولم يقحمونا بمشاكل او مشاغبات.
فاذا كانت مساعدتي الانسانية لاؤلئك الاخوة مشاغبة فسجل يا تاريخ اني "عميد المشاغبين في العالم".

باسبور دبلوماسي
في رحلة العودة، وخلال الانتظار على معبر رفح، اتصل الرئيس اسماعيل هنية بنزيه البقاعي طالبا منه تأجيل رحلة العودة عدة ايام. استغرب نزيه الامر ولكن ابلغوه ان السبب هو ان الرئاسة الفلسطينية تريد تكريمه في حفل رسمي خاص ومنحه (باسبور دبلوماسي) تكريما لموقفه، ولدعمه للمبعدين في مرج الزهور. عاد نزيه الى غزة فرحا، وعادت اليه الروح بعد ان شعر بالحزن على ساعة الرحيل.
مشهد: اوقفت القافلة التي اتت عبر مصر يوما كاملا على معبر رفح المصري بسبب مرافقة نزيه البقاعي للقافلة علما بانه يزور مصر باستمرار ولم يحصل ان اوقف ابدا الا ان اصرار اعضاء القافلة أجبرت السلطات المصرية على تغيير رأيها.

السابق
الانظار الى بروكسيل.. فهل يدرج حزب الله في لائحة الإرهاب؟
التالي
نظام الأسد يستجّر من لبنان وقوداً لطيرانه الحربي