على إيقاع مشروع وطني!

«…الانتخابات النيابية في موعدها، وعلى اللبنانيين أن يتدبّروا أمرهم في التوافق على قانون انتخابي يناسب الجميع، ولا يُواجه برفض قاطع من طائفة أو أكثر»!
هذه الخلاصة التي يسمعها اللبناني، مسؤولاً كان أم سياسياً أو حتى إعلامياً، أينما توجه في الخارج العربي أو الأوروبي، لم تعد سراً، بل تكاد تصبح هي المحرّك الفعلي للنقاشات الجدية والمسؤولة، الباحثة عن قانون انتخابي لبناني وطني، لا طائفي ولا مذهبي، يحمي الصيغة الميثاقية، ويُعزّز العيش المشترك بين اللبنانيين، بعيداً عن عصبيات المذاهب وحواجز الطوائف!
كل ما عدا ذلك من مناورات وبهورات في المشروع الأرثوذكسي أو غيره، ذهب أدراج الرياح، وكان مضيعة للوقت والجهد، ومجرد لعبة سمجة، لإشغال اللبنانيين بطروحات لا طائل منها، وغير قابلة للتحقيق، ولكن أصحابها احترفوا أساليب المزايدات، وإطلاق القنابل الدخانية، لدغدغة أوتار الشارع المسيحي، علّهم يربحون بعض الأصوات، ويعوّضون بعض ما أصابهم من تراجع في شعبيتهم في السنوات الثلاث الأخيرة.
لا محاضر اللجنة الفرعية العقيمة، ولا المواقف الانفعالية الغوغائية، سيكون لها مكان في صيغة القانون العتيد للانتخابات المقبلة، على اعتبار ان المطلوب هو إنتاج «تسوية وطنية متوازنة» في صياغة القانون المنتظر، سواء بالنسبة لهوية النظام الانتخابي، أو في ما يخص تقسيم الدوائر وتحديد عددها!
* * *
«النصائح» الخارجية، من الأشقاء والأصدقاء، توصي كل الأطراف اللبنانية بالالتقاء في «نقطة وسط» تجمع بين مختلف الطروحات الجدية المطروحة، وتخرج بصيغة وطنية مقبولة من الجميع، وإذا تعذّر الإجماع فلتراعى الأسس الميثاقية في أي مشروع يتم التوصل إليه، أي أن يحظى القانون الوليد بموافقة ذات طابع وطني، مع ترك هامش للمعترضين من داخل كل طائفة!
وتتداخل المعلومات مع الاستنتاجات حول «خريطة الطريق» التي يفترض أن يسلكها المشروع الانتخابي الجديد، حتى يبصر النور في مجلس النواب، ويتحول إلى قانون يُحدّد ساعة الصفر، ويُفصّل قواعد اللعبة.
العالمون ببواطن الأمور يشيرون إلى أن القانون المنتظر سيكون مشروعا مركّبا، يجمع بين نظامي الأكثري والنسبية، مع اعتماد دوائر صغرى، قد يتجاوز عددها الثلاثين دائرة، وتُراعى في تقسيماته مسألة معالجة الهواجس المزمنة لدى معظم الأطراف اللبنانية، وخاصة في ما يتعلق بصحة التمثيل المسيحي، من جهة، والأخذ في الاعتبار خصوصية الجبل حسب المفهوم الجنبلاطي، والعمل قدر الإمكان على تحييد السلاح عن المعمعة الانتخابية.
ويبدو أن أنظار الأشقاء والأصدقاء تتجه إلى «الثلاثي الرئاسي»، لقيادة ورشة إخراج الانتخابات من دوّامة المزايدات الحالية، ووضعها على سكة البحث الجاد، لضمان إنجاز القانون وإجراء الانتخابات في المواعيد الدستورية المحددة.
ويمكن اعتبار إعلان الرئيس ميشال سليمان رفضه التوقيع على قانون تمديد ولاية مجلس النواب الحالي، بمثابة الإشارة الأولى للتجاوب اللبناني مع «النصائح» الشقيقة والصديقة، حول ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها.
كما أن المواقف الجديدة الصادرة عن «تيار المستقبل» وزعيم المختارة، وتتضمن إيحاءات عن استعداد للبحث في مشروع يزاوج بين الأكثرية والنسبية، قد تسهّل الطريق أمام جهود «الترويكا الثلاثية»، لإعادة النقاش إلى دائرة المؤسسة الدستورية الأم، حيث يتولى مجلس النواب فتح النقاش الجدي من خلال عرض المشروع الحكومي، في الوقت الذي تكون فيه طبخة الحل الوسط وضعت على نار مشاورات حامية!
أما الذين أطلقوا عاصفة «المشروع الأرثوذكسي» فيحصدون رياح الخيبة والفشل!!

السابق
إعتصام لأصحاب الدراجات النارية عند مدخل صيدا
التالي
وفد بلدية النبطية زار النائبين جابر وقبيسي