من يلحّ على لبنان في قضية اللاجئين

جنب لبنان مدة 62 عاما، توقيع اتفاق مع مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين. ولم تتجاوب الحكومات التي تعاقبت على مدى يزيد على ستة عقود مع رغبة المفوضية. الا ان مسؤولا بارزا يضع كل ثقله لتوقيعها في أسرع وقت. وقد طرح مشروع قرار على مجلس الوزراء في هذا الصدد، وتشكلت لجنة وزارية خماسية لصياغة الموقف اللبناني الذي اصبح في مرحلة اللمسات الاخيرة، وفق تعبير وزير عضو في اللجنة التي تضم وزراء الخارجية والمغتربين عدنان منصور، المال محمد الصفدي، الداخلية مروان شربل، العدل شكيب قرطباوي والشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، والتي اجتمعت مكتملة الاربعاء الماضي في قصر بسترس للمرة الثانية بعدما كان الاجتماع الاول ناقصا. ويجري تكتم شديد على مداولاتها، غير انه علم ان التوقيع يفرض على لبنان التزامات في حال وقع. وتوصلت اللجنة الى وضع عدد من المحاذير ستتحفظ عنها اذا ما طرحت القضية على نطاق كبير اثناء المناقشات التي ستحصل مع ممثلين للمفوضية بعد انهاء الجانب اللبناني تحضيراته لهذا الغرض.

وثمة اسئلة مطروحة منها: لماذا الحاح المسؤول البارز على توقيع الاتفاق حول اللاجئين؟ ومن وراء هذا الالحاح؟ ما الفائدة التي يجنيها الوطن؟ وما هي المحاذير؟ ماذا عن التوقيت المختار للتوقيع؟ وهل من علاقة مع تدفق الآلاف النازحين السوريين الى الشمال والبقاع، وعلما ان آخر احصاء لمفوضية اللاجئين السبت الماضي يقول ان العدد بلغ 212000 نسمة معظمهم نساء واطفال ومسنون؟.

اخذت اللجنة الوزارية هذه المعطيات في الاعتبار نظرا الى الموجبات التي تضمنها الاتفاق الذي وضعته الجمعية العمومية للامم المتحدة في 14 كانون الأول 1950، وتتمثل مهمتها الجوهرية اولا بتوفير الحماية القانونية للاجئين وايجاد حلول دائمة لمشاكلهم ومساعدتهم على العودة الى بلادهم عندما يزول سبب تركها، وثانيا مساعدة فئات أخرى من الناس المعوزين بتقديم معونة غذائية طارئة ومساعدات طبية وتعليم الاولاد، اضافة الى الخدمات المجتمعية.

وعلمت "النهار" ان الوزراء اعضاء اللجنة يدرسون نص الاتفاق وما يتضمنه من محاذير ليس في وسع لبنان ان يتحملها، فهو يتحفظ عن استقبال لاجئين من دولة عدوة كاسرائيل تحت عنوان انهم مضطرون، هربا من اشتباكات تهدد حياتهم.

ومعلوم ان لبنان لا يصنف السوري الآتي من بلاده لاجئا، بل نازحا، هربا من العنف، ولسبب انساني لا يمكن رفضه، وهذا منصوص عليه في الاتفاق. لكن في الوقت نفسه للبنان طاقة على استيعاب الاعداد لاسباب كثيرة، من ابرزها: اولا السبب الامني، فهو لا يستطيع ان يستوعب الا عددا محددا ليقوم بواجباته نحوه، والا فهناك تداعيات ديموغرافية وامنية ومضاربة على ما يمكن ان يقوم به السوري، سواء على الصعيد الحرفي او في اعمال البناء او في اي مجال آخر. ثانيا، على الصعيد المالي، والحاجة الدائمة ما دام النزوح قائماً والمواجهات العسكرية مستمرة بين قوات النظام والمعارضة. ثالثا، ماذا سيطبق عليهم من احكام اذا تعرضوا لمشاكل، او بعضهم ارتكب مخالفات. رابعا، على المستوى الصحي والرعاية المطلوبة والكلفة التي يجب عدم التقليل من شأنها. خامسا، تأثير النزوح على البيئة الاجتماعية.

ونبه احد الوزراء الى نكبة ثانية تصيب لبنان بعد النكبة الاولى في فلسطين، اذ لا احد يمكن ان يؤكد ان المساعدات الخارجية التي تعطى للنازحين ستستمر كما هو مطلوب. وفي حال تعثر ذلك كيف يمكن الحكومة الحالية او العتيدة ان تعالج هذه القضية المعقدة والمفتوحة، وقد اعترفت فرنسا بأنها ستكون طويلة؟. ولا ننسى ان المسؤولين تعهدوا استقبال اي نازح، ولا يمكن الطلب من اي دولة اخرى ان تستضيف ما زاد على قدرة لبنان.

والسؤال: هل سيتحول العدد المتزايد الى دولة في هذه المنطقة تستوعب اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين، وحالياً النازحين السوريين؟

السابق
نصرالله لكوادره: تغيّرنا وأولويتنا بناء الدولة
التالي
مفهوم كل فريق بمصر