جورج عبدالله مقاوم

… في الوقت الذي كانت فيه التحركات التي تقوم بها «الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج ابراهيم عبدالله» تطوف المناطق اللبنانية لإرغام الحكومة الفرنسية على احترام قوانينها والإفراج عنه، بعد أن قرّر القضاء الفرنسي ذلك، كانت المفاجأة بأنّ العديد من الشخصيات اللبنانية العامة عمِلت على تقديم المبرّرات التي تعفي الحكومة الفرنسية من هذا الواجب.
لم تنجح فرنسا في إقناع الرأيين العالمي والمحلي في تبريراتها لاستمرار الاعتقال، الذي تحوّل الى أسر بعد أن قرّر القضاء الفرنسي الإفراج عن المناضل جورج عبدالله، فتبرّع هؤلاء من مسؤولين وإعلاميين ليقوموا بالمهمة عنها.
«جورج عبدالله مجرم»، هي عبارة كرّرتها أكثر من شخصية من دون أن تتنبّه الى أنّ الاعتقال مستمرّ بالرغم من وجود أكثر من قرار قضائي بالإفراج عن عبدالله على مدى السنوات الماضية، والعالم كله يعلم أنّ الرفض الفرنسي سببه الضغوط الأميركية والصهيونية التي تمارس عند صدور أيّ قرار من هذا النوع، والذي كان واضحاً من كلام المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند التي أعربت عن شعورها بالخيبة إزاء قرار المحكمة الفرنسية الأخير، وأكدت أنّ بلادها كانت ترفض بشكل دائم هذا الإفراج، والذي أكدت عليه أيضاً العديد من الأوساط الإعلامية والحقوقية الفرنسية.
وعلى الرغم من أنّ الصمت الرسمي والشعبي اللبناني على استمرار هذا الاعتقال على مدى سنوات طويلة معيب، إلا أنّه من المخزي أن يخرج في هذه الأيام بعض من يطالبون بعودة العملاء الى لبنان، لأسباب انسانية بحسب ما يدّعون، من أجل الدفاع عن الموقف الفرنسي عبر الادعاء بأن عبدالله ارتكب جريمة، من دون أن يكون لديهم أيّ دليل، كون مشغليهم في فرنسا وأميركا و»اسرائيل» لم يتمكنوا في أيّ يوم من الأيام من أثبات التهم التي يطلقونها، بعد أن قرّرت الحكومة اللبنانية التحرّك ورفض استمرار الاعتقال التعسّفي بلسان رئيسها، الذي اعتبر أنّ «الخطوة غير مبرّرة وتمسّ حقوقه المدنية»، الا أنّ انتماء هؤلاء الأساسي منعهم من الوقوف الى جانب ابن وطنهم المعتقل من دون سبب، ودفعهم الى الدفاع عن مراكز ثقافية محاصرة من بعض المعتصمين.
«جريمة» عبدالله في نظر هؤلاء هي قراره رفض الظلم والاحتلال، وتأييده المقاومة بالرغم من كلّ الضغوط التي تعرّض لها، وهم ليسوا محامو دفاع عن فرنسا فقط، بل مستعدون للدفاع عن «الشيطان» في حال كان يُريد معاقبة أي مقاوم.
لجنة وزارية
لمتابعة القضية
وفي جديد التحركات، استقبل وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، في مكتبه في الوزارة أمس، وفداً من «الحملة الدولية لإطلاق سراح جورج ابراهيم عبدالله».
وأعلن جوزيف عبدالله، شقيق جورج، أنّ «شربل أبدى تعاطفه الفعلي مع شعورنا حول الظلم اللاحق بهذا الأسير المخطوف، ووعدنا بأن يهتمّ من خلال مجلس الوزراء بتشكيل لجنة وزارية لمتابعة الموضوع مع السلطات الفرنسية»، معرباً عن شكره له على «اهتمامه برعاية التحركات الشعبية».
وأضاف: «أكدنا من خلال تجربتنا مع القوى الأمنية من قوى أمن داخلي وجيش أنّ الدولة اللبنانية بمجملها وأجهزتها أكثر ديمقراطية وتفهّماً للتحركات الشعبية من تلك الدولة الفرنسية التي تزعم أنها راعية حقوق الانسان، فهي تعتقل الذين يتحرّكون في فرنسا مطالبين بالإفراج عن عبدالله، بينما نحن لا نلمس إلا كلّ تفهّم ورعاية من قبل القوى الأمنية اللبنانية مشكورة».
وعن موضوع ازالة الاعتصام وتخفيض وتيرة الاحتجاجات، أشار الى أنه «عندما تتشكل اللجنة الوزارية وتبدي الاهتمام المطلوب، نبني على الشيء مقتضاه»، مؤكداً «أنّ الاعتصام مستمرّ حتى نلمس أموراً جدية فعلية تؤدي الى ترحيل هذا المخطوف في فرنسا الى لبنان».
ومن جانبه، حيّا مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب في بيان حملة التضامن المحلية والعالمية مع عبدالله، ورأى «أنّ حملة التضامن لم تواكبها الحكومة اللبنانية بشكل جدي، اذ انّ التحرك الرسمي حتى اليوم ما زال تحركاً خجولاً و من دون المستوى المطلوب لاستعادته من السجون الفرنسية».
وأكد «أنّ المطلوب من الحكومة تكثيف تحركها الديبلوماسي باتجاه الحكومة الفرنسية والطلب رسمياً باستعادته، باعتباره رهينة سياسية بعد القرار القضائي بالإفراج عنه»، معتبراً «أنّها حتى الآن تغازل الحكومة الفرنسية ولم تقدّم احتجاجاً شديد اللهجة أو على الأقلّ التهديد باللجوء الى مجلس حقوق الانسان والمحافل العالمية».
ورأى «أنّ تشكيل لجنة وزارية لمتابعة القضية، مسألة متأخرة جداً وتفصلنا ستة أيام عن 28 كانون الثاني الموعد المرتقب للإفراج عن عبدالله»، لافتاً الى «أنّ تجربة اللجنة الوزارية حول قضية المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز كانت فاشلة ومجرّد خطوة لامتصاص نقمة أهالي المخطوفين».

السابق
غاغا تمسك بمؤخرة راقصة
التالي
العميل الاغلى ثمنا في قبضة العدالة..فكم ستكون قيمة كفالة الافراج عنه؟